أطفال أحرار في أرض محتلة

13 ديسمبر 2017
أطفال فلسطين يهتفون: "القدس إلنا" (Getty)
+ الخط -
صوت التلفاز يعلو في المنزل، الأبوان يجلسان أمام الشاشة، يتابعان بأعصاب مشدودة، خطاب رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب، الذي أعلن فيه أن القدس  عاصمة لـ"إسرائيل"، وعزمه نقل سفارة بلاده إلى المدينة المقدسة، بينما كان أطفالهما يلهون بألعابهم. 
وما أن وصل الرجل إلى عبارة "حان الوقت للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل"، حتى التفتت سيما ابنة التسعة أعوام إلى شاشة التلفاز، الصدمة تبدو على وجهها، وتقول بصوت عالٍ: "والله؟ القدس إلنا".

صمتت وأنصتت لما يقول الرجل الأشقر على شاشة التلفاز، وهي لا تعي من يكون، ومن هو؛ ليمنح نفسه حق إعلان القدس عاصمة لإسرائيل. وبعد أن انتهى، بدأت الطفلة بسيل من الأسئلة لوالديها، "لماذا يقول هذا الرجل هكذا؟ وماذا سيحصل للقدس والأقصى؟ لماذا يمنعوننا من دخولها؟"، وملامح الغضب تعلو وجهها.

مرة واحدة، هي التي تمكنت فيها والدة سيما من اصطحابها إلى مدينة القدس، والصلاة في المسجد الأقصى، فهي من أهالي الضفة الغربية، ولا يسمح لهم بدخول المدينة المقدسة إلا من خلال تصاريح من الجانب الإسرائيلي، لكن حب الأقصى راسخ في قلبها الصغير.

تقول والدة سيما: "أتحدث دائما مع أطفالي عما يحصل في القدس من اعتداءات إسرائيلية، فالاحتلال يهدف إلى سلخنا وسلخ أطفالنا وإبعادهم عن القدس، من خلال منعنا من زيارته، لكن أطفالنا متعلقون بها كما لو أنهم يزورونها دائما".

وتضيف: "عند إعلان ترامب أن القدس عاصمة لإسرائيل كانت سيما وشقيقتها الصغرى التي لم تتجاوز الستة أعوام، تسمعان ما يقوله، تَركتا ألعابهما، وتابعتا معنا الأخبار، رغم صغرهما".
تقول سيما لـ"العربي الجديد": "زرت القدس مع ماما مرة واحدة، أنا أحبها جدا، ودائما أدعو أن تتحرر".

وتابعت: "القدس للمسلمين فقط، اليهود سرقوها منا، ويمنعونا من دخولها، أتمنى أن تتحرر القدس ونذهب كلنا هناك ونصلي في الأقصى دائما".

أما الطفل أحمد برغال (8 سنوات)، فقال: "حتى لو قال هذا (يقصد ترامب) أن القدس عاصمة إسرائيل، إحنا رح نحررها لما نكبر، وما رح نسمح لليهود ياخدوها". وبلهجته البسيطة قال: "لما أكبر بدّي أكون مقاوم، أحارب اليهود، وأحرر أنا وصحابي كل فلسطين".
السيدة ضحى أبو زنط، أشارت إلى أن طفليها دانة (9 سنوات) وأسامة (7 سنوات)، يعبران عما يحيط بهما ويسمعانه من ممارسات الاحتلال بالرسم والأعمال اليدوية البسيطة.

وقالت لـ"العربي الجديد": "دائما ما ترسم دانة وشقيقها أسامة رسومات عن الاحتلال، كرسم دبابة عسكرية، أو طائرات تقصف الأطفال، وعن جنود إسرائيليين وهم يطلقون النار على الناس".

لكن أسامة الذي فهم ما يدور حوله من أخبار عن الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، فتوجه لوالده بالسؤال قائلا: "مين بكون ترامب عشان يعطي القدس لليهود؟ القدس إلنا".

أما الطفلة ليلاس خليل (8 سنوات)، فقد وجدت في كراسها وألوانها مكاناً للتعبير عما يجول بخاطرها، فالتقط والدها صورة لها وهي تحمل لوحة من رسم أناملها الصغيرة، لقبة الصخرة المشرفة، تعلوها عبارة "انتظرني يا أقصى أنا قادم"، وعلى أطراف الصفحة كررت عبارة "القدس عاصمتنا"، و"من حقي أن أصلي في الأقصى".

السيد أحمد خليل من نابلس، والد لأربعة أبناء تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عاماً، وجد نفسه أمام مسؤولية للتوضيح لأطفاله ما يدور حولهم.
وقال لـ"العربي الجديد": "مسؤوليتي كأب أن أوضح لأطفالي ما يحصل حولهم، فنحن نعيش تحت احتلال يمس تفاصيل حياتنا، ويقيد حركتنا، ويمنعنا من الصلاة في المسجد الأقصى المبارك، الذي يتمنون أن يزوروه".

وتابع: "وضحت لأطفالي ماذا يعني اعتراف أميركا بالقدس عاصمة لإسرائيل. وبطبيعتهم وفطرتهم وعفويتهم قالوا لي: بابا.. بالأساس لا يوجد شيء اسمه إسرائيل هذه فلسطين أرضنا.. فكيف تكون القدس عاصمة لإسرائيل؟!".
دلالات
المساهمون