عادت ابنتي من المدرسة ذات مرة، لتحكي عن زميلتها الجديدة في الفصل ذات البشرة السوداء، ولأننا نعيش في مجتمع يميل غالبيته إلى البشرة "الخمرية" تفاجأت ابنتي كما تفاجأ أطفال الفصل كلهم بلون بشرة زميلتهم الجديدة، وقد تجنبها أكثر الأطفال خوفا منها بحكم اختلافها في لون البشرة، وبعد فترة من الاندماج والاشتراك في الأنشطة والألعاب تغيرت وجهة نظر الأطفال تجاه "قمر"، حتى إن ابنتي عبرت لي أكثر من مرة عن جمالها وطيبة قلبها ورقتها في التعامل مع الجميع، وأنها لم تعد تحس بهذا الفارق الذي أحسته معها من قبل لأنها فعلا قمر كما اسمها، بل إنها تخجل من نفسها عندما تتذكر هذا اللقاء الأول.
الحقيقة أنه في رحلة التربية يسعى معظم الآباء لتربية أبنائهم على ثقافة تقبل الآخر واحترام المغاير أو المختلف، وأن اختلاف الآخر لا يعني بالضرورة أنك المصيب والآخر هو المذنب أو المخطئ، لأنه ببساطة قد تكون أنت هذا الآخر، هذه الإرشادات التربوية من قبل الأسرة تظل حبيسة في إطارها النظري حتى تصطدم بالواقع ويتعايش الطفل مع مواقف حقيقية، لنجد الكثير من الأفكار المترسخة في المجتمع تنتقل بشكل عفوي لا إرادي إلى الأطفال، وخاصة أن المجتمع طوال الوقت يتعامل بنفس المنطق ويضع شروطا ثابتة للجمال يفرضها على الجميع. والطفل ما هو إلا مرآة لبيئته ينشأ شاربا أفكارها وقيمها ومبادئها.
اقــرأ أيضاً
قيم الاستعلاء والنظر إلى الآخر أيا كان على أنه أقل في المرتبة، تلعب فيه المدرسة هي الأخرى دورا رئيسيا بقصد أو بدون، بعد أن انحسر دورها في تلقين الطفل المهارات الأساسية في القراءة والكتابة على حساب القيم الإنسانية فيتم تقسيم كل فصل إلى جبهتين، جبهة المتميزين وجبهة الفاشلين، جبهة ملتزمي الصمت وهادئي الطباع وجبهة المشاغبين
والمتمردين، فينظر الناجح أو المتفوق إلى "الآخر" نظرة استعلاء، لأن المتفوق وحده من يحظى بالاهتمام والمعاملة الحسنة من قبل مدرسيه، وينظر الأطفال ذوي الطباع الهادئة إلى الفريق الآخر نفس النظرة، والتلميذ أو التلميذة الجميلة بحسب معايير المجتمع هي فقط من تمثل المدرسة في الزيارات الخارجية واستقبال زائري المدرسة في المناسبات والاحتفالات المدرسية.
وفي سبيل التخلص من هذه الأمراض المجتمعية، يجب على الأسرة أن تعلم أبناءها أن يتقبلوا شخصياتهم وملامحهم كما هي حتى يتعلموا ثقافة تقبل الآخر، هذا الآخر الذي قد يختلف عنا لونا أو عرقا أو دينا، وربما خلفية اجتماعية مختلفة لأننا ببساطة على هذا الكوكب لسنا صورا متطابقة لبعضنا البعض.
أما بالنسبة للمدرسة، فإنه يجب عليها الاهتمام بتزويد التلاميذ بمهارات احترام الفروق الفردية فيما بينهم من حيث القدرات العقلية والمعرفية والسلوكية وسمات الشخصية من خلال تصميم أنشطة مختلفة من شأنها إذابة الفروق الفردية في التعامل والتدريب على احترام وتقبل الآخر، كما يجب تنظيم مهرجانات تعرض فيها ثقافات الشعوب الأخرى وعاداتهم وتقاليدهم والأطعمة التي يفضلونها وطريقتهم في الملبس والألوان، وكذلك محاكاتهم لكل ثقافة على مسرح المدرسة، ولا مانع من إعداد طاولة تضم عينات من أشهر الأكلات لكل ثقافة في الحفلات المدرسية ليتذوقها التلاميذ، وقد يكون ذلك بالتعاون مع السفارات والمراكز الثقافية لهذه الدول لتنشئة أجيال تعرف الآخر وتقدر الاختلاف بدلا من أجيال تنظر إلى الآخر على أنه أقل منها.
اقــرأ أيضاً
الحقيقة أنه في رحلة التربية يسعى معظم الآباء لتربية أبنائهم على ثقافة تقبل الآخر واحترام المغاير أو المختلف، وأن اختلاف الآخر لا يعني بالضرورة أنك المصيب والآخر هو المذنب أو المخطئ، لأنه ببساطة قد تكون أنت هذا الآخر، هذه الإرشادات التربوية من قبل الأسرة تظل حبيسة في إطارها النظري حتى تصطدم بالواقع ويتعايش الطفل مع مواقف حقيقية، لنجد الكثير من الأفكار المترسخة في المجتمع تنتقل بشكل عفوي لا إرادي إلى الأطفال، وخاصة أن المجتمع طوال الوقت يتعامل بنفس المنطق ويضع شروطا ثابتة للجمال يفرضها على الجميع. والطفل ما هو إلا مرآة لبيئته ينشأ شاربا أفكارها وقيمها ومبادئها.
قيم الاستعلاء والنظر إلى الآخر أيا كان على أنه أقل في المرتبة، تلعب فيه المدرسة هي الأخرى دورا رئيسيا بقصد أو بدون، بعد أن انحسر دورها في تلقين الطفل المهارات الأساسية في القراءة والكتابة على حساب القيم الإنسانية فيتم تقسيم كل فصل إلى جبهتين، جبهة المتميزين وجبهة الفاشلين، جبهة ملتزمي الصمت وهادئي الطباع وجبهة المشاغبين
وفي سبيل التخلص من هذه الأمراض المجتمعية، يجب على الأسرة أن تعلم أبناءها أن يتقبلوا شخصياتهم وملامحهم كما هي حتى يتعلموا ثقافة تقبل الآخر، هذا الآخر الذي قد يختلف عنا لونا أو عرقا أو دينا، وربما خلفية اجتماعية مختلفة لأننا ببساطة على هذا الكوكب لسنا صورا متطابقة لبعضنا البعض.
أما بالنسبة للمدرسة، فإنه يجب عليها الاهتمام بتزويد التلاميذ بمهارات احترام الفروق الفردية فيما بينهم من حيث القدرات العقلية والمعرفية والسلوكية وسمات الشخصية من خلال تصميم أنشطة مختلفة من شأنها إذابة الفروق الفردية في التعامل والتدريب على احترام وتقبل الآخر، كما يجب تنظيم مهرجانات تعرض فيها ثقافات الشعوب الأخرى وعاداتهم وتقاليدهم والأطعمة التي يفضلونها وطريقتهم في الملبس والألوان، وكذلك محاكاتهم لكل ثقافة على مسرح المدرسة، ولا مانع من إعداد طاولة تضم عينات من أشهر الأكلات لكل ثقافة في الحفلات المدرسية ليتذوقها التلاميذ، وقد يكون ذلك بالتعاون مع السفارات والمراكز الثقافية لهذه الدول لتنشئة أجيال تعرف الآخر وتقدر الاختلاف بدلا من أجيال تنظر إلى الآخر على أنه أقل منها.