أطباء عراقيون يصفون اللحمة بدلاً من الدواء

24 فبراير 2016
حياتهما صعبة (صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -
ليس مستغرباً أن تجد أطفالاً ونساء في العراق يبحثون في مكبات النفايات عمّا يمكن الاستفادة منه، وخصوصاً مع زيادة الأزمات خلال العامين الماضيين. يضاف إلى ذلك تعليق الحكومة المخصصات التي اعتادت منحها النازحين، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وأعداد النازحين الذين هربوا إلى مخيمات ومعسكرات في إقليم كردستان والعاصمة بغداد. فيما يقبع نحو ثلاثة ملايين عراقي في مناطق خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، بحسب آخر إحصاء أجرته الأمم المتحدة.

سجلت منظمة الرافدين لحقوق الإنسان العراقية وفاة 43 عراقياً، منذ مطلع العام، بسبب نقص الغذاء.
عائلة أبو عادل، هي إحدى الأسر التي نزحت من الرمادي (مع بدء العمليات العسكرية لاستعادة السيطرة على المدينة)، إلى مخيم بزيبز قرب عامرية الفلوجة. يقول لـ "العربي الجديد": "كنت أعمل في مشاريع البناء وأتقاضى أجراً يومياً من دون أن أملك راتباً شهرياً. وفي المخيم، كانت المعاناة كبيرة بسبب شح الغذاء ونقص الدواء".
يضيف: "بسبب الجوع، صرنا نجمع الحشائش التي تنبت في المنطقة القريبة من المخيم. يومياً، أتجول وأبنائي في المنطقة ونبحث عن الحشائش، ونطبخها مع المياه. في السابق، كان يزورنا بعض الناشطين وعدد من المنظمات الإنسانية ويقدمون لنا المساعدات وإن كانت شحيحة".

أما أم علي، فقد نزحت وأطفالها الأربعة من الأنبار هرباً من القصف الجوي والبري الذي استهدف الأحياء السكنية، وقد فقدت زوجها. في الوقت الحالي، تقطن في أحد مخيمات النازحين في العاصمة بغداد. تقول: "صار تأمين لقمة العيش أمراً صعباً جداً، لولا مساعدة بعض الناشطين والمنظمات الإنسانية".
حالُ هاتين الأسرتين لا يختلف عن أسر كثيرة، وخصوصاً في مدينة الفلوجة المحاصرة منذ نحو ستة أشهر. وتمنع القوات الحكومية دخول أي مواد غذائية أو طبية إلى المدينة، ما أدى إلى وفاة بعضهم بسبب نقص الغذاء والدواء، غالبيتهم من الأطفال وكبار السن. ويلجأ بعضهم إلى تناول نبات "الدخن" المخصص لإطعام الطيور أو الشعير.

في المقابل، لا يجد الأهالي ما يطعمون به أطفالهم الرضع بسبب انعدام الحليب، وعدم قدرة الأمهات على إرضاعهم بسبب الجوع.
وما يزيد الوضع سوءاً عدم الاستجابة لمناشدات الأهالي والوجهاء للحكومة العراقية أو المنظمات الدولية. في المقابل، لجأ بعض أهالي الأنبار إلى نبات "الكمأ"، في ظل الحرب المستمرة بين القوات العراقية وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش". وتجدر الإشارة إلى أن هذا النبات ليس في متناول الجميع، وخصوصاً أن جمعه يتطلب جهداً. وتتزايد معدلات الفقر في العراق بشكل كبير خلال العامين الماضيين، في ظل استمرار العمليات العسكرية وسط إهمال حكومي للنازحين.

في السياق ذاته، يقول عضو لجنة حقوق الإنسان العراقية، محمد الشمري، إن نحو أربعة ملايين عراقي لا يتناولون الحد الأدنى من الطعام العادي الذي يجب أن يكون بمتناول الطفل والمرأة الحامل وكبار السن. يضيف أن العراق يعاني من مأساة حقيقية في ما يتعلق بالغذاء. يتابع أن بعض العائلات لا تتناول اللحوم لفترة طويلة، ما أدى إلى إصابة بعضهم بفقر الدم. واللافت أن بعض الأطباء باتوا يصفون أطعمة معينة للمرضى، من بينها اللحمة، بدلاً من الدواء.

اقرأ أيضاً: فيديو.. عراقي يبيع أطفاله بحجة الجوع