أسواق المال تتجاهل خطاب ترامب وعينها على الدولار

01 مارس 2017
متعاملون في بورصة نيويورك (سبنسر بلات/Getty)
+ الخط -
تجاهلت أسواق المال العالمية، خطاب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمام الكونغرس، وركزت على السياسة النقدية المتوقعة، هذا الشهر، بالنسبة للفائدة الأميركية، إذ كانت أسواق المال تبحث عن تفاصيل أكثر من بحثها عن تكرار سياسات سبق الحديث عنها.
ويمكن أن يكون الأمر اللافت في خطاب ترامب قوله، إن القيمة السوقية للبورصة الأميركية كسبت ثلاثة ترليونات دولار منذ انتخابه. وحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، فإن هذا الرقم غير صحيح، حيث إنه يمثل مكاسب السوق منذ العام 2003.
لكن خلافاً لعادته المتشددة ولهجته القاسية، كان ترامب مرناً، ليلة الثلاثاء، كما أعطى جرعة من التفاؤل في خطابه أمام الكونغرس وتراجع إلى حد ما عن التهديدات التي بدأ بها فترته الرئاسية.
وفي المقابل لم يرض الخطاب خبراء أسواق المال ورجال الاستثمار الذين كانوا يرغبون أن يعطي ترامب تفاصيل محددة حول سياسته المالية والاقتصادية تجيب عن أسئلة "متى وكيف وكم"، حتى يتمكنوا من قراءة توجهات السوق الأميركية، خاصة مشاريع البنية التحتية التي قال ترامب، إن قيمتها ستبلغ ترليون دولار.
وفي خطاب يتناقض مع لهجته المتشددة خلال حملته الانتخابية، قال ترامب، إنه منفتح على إصلاح نظام الهجرة في الولايات المتحدة وتعهد بتخفيضات ضريبية هائلة لصالح الطبقة المتوسطة، لكنه لم يذكر كم حجمها ومتى ستبدأ. فالمستثمرون ينظرون إلى أهمية تفاصيل هذه الضرائب من منطلق تأثيرها على السوق الشرائية في أميركا التي يبلغ حجمها 11 ترليون دولار.
ويرى خبراء، أن الخطاب فشل في تحفيز المستثمرين في سوق "وول ستريت"، ولم يكن خطاباً للسوق بقدر ما كان خطاباً لتهدئة المعسكر المناوئ لسياساته المتشددة.
في هذا الصدد، قال رئيس وحدة استراتيجية الأسواق بمصرف "ويل فارغو الأميركي"، بول كريستوفر "نحتاج إلى قائد يمنحنا توجهاً ولم يفعل ترامب ذلك في هذا المساء".
أما رئيس وحدة الصرف بمصرف "ناشيونال بانك أوف أستراليا"، راي أترل، فقال "لقد كان خطاباً طويلاً ولكنه لم يتضمن المواضيع التي يريد سماعها السوق".
ويتفق الخبير الاقتصادي الأميركي من أصل مصري، محمد العريان، مع كل من الخبيرين أترل وكريستوفر، في أن خطاب ترامب خلا من التفاصيل التي كانت تريد سماعها الأسواق.
لكن ما الذي كانت تريد سماعه أسواق المال من الرئيس ترامب.

يرى خبراء استثمار في لندن، أن المستثمرين في سوق المال الأميركي كانوا يريدون سماع متى سيبدأ فعلياً في تطبيق الإصلاحات الضريبية التي وعد بها، وكم سيكون حجمها بالنسبة للأفراد والشركات؟ وكيف سيكون تأثيرها الفعلي؟
وحسب هؤلاء فإن مثل هذه التفاصيل ستكون مهمة بالنسبة للمستثمرين في الأسهم الأميركية وفي أدوات الاستثمار الأخرى مثل سندات الشركات.
ويرى خبراء استثمار في لندن، أن تفاصيل خطة الضرائب ستكون مهمة لأنها تمكن المصارف والمستثمرين الكبار من قراءة أرباح الشركات الأميركية، خلال العام الجاري، ويستطيعون من خلالها تحديد أي من القطاعات المرشحة لتحقيق أرباح أكبر.
من جهة ثانية، لم يقدم ترامب كذلك، تفاصيل حول مشاريع البنى التحتية التي تحدد مستقبل شركات الإنشاءات، الأسمنت والحديد ومجمل الصناعات الداخلة في عمليات بناء الكباري وخطوط السكك الحديدية والطرق السريعة، وبالتالي لم يكن للخطاب تأثير يذكر على أسواق المال، لدرجة يمكن القول، إنها تجاهلته في تعاملاتها.
وفي أسواق الصرف ارتفع الدولار لأعلى مستوى له في سبعة أسابيع، أمس الأربعاء، حيث طغت إشارات من اثنين من كبار صناع السياسات بمجلس الاحتياط الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) عن احتمال رفع أسعار الفائدة هذا الشهر. 
وحسب "رويترز"، قال وليام دادلي، رئيس بنك نيويورك للاحتياط الفدرالي، وأحد المصوتين الدائمين في لجنة السوق المفتوحة بالمركزي الأميركي والحليف المقرب من جانيت يلين، إن الحاجة إلى تشديد السياسة النقدية "أصبحت أكثر إلحاحاً".
من جانبه قال جون وليامز، رئيس بنك سان فرانسيسكو الاحتياطي الفدرالي، إن النظر في زيادة أسعار الفائدة كأحد الاحتمالات الواردة بات أمراً جدياً في اجتماع مارس/آذار في ظل التوظيف الكامل والتضخم المتسارع.
وأصيبت التوقعات التي سادت، يوم الثلاثاء، أن ترامب سيعلن عن تفاصيل بشأن خطته لتحفيز الاقتصاد والتي دفعت الدولار لتسجيل مكاسب ضخمة في نوفمبر/تشرين الثاني، بخيبة أمل إلى حد كبير.
ومن المتوقع أن يشهد سعر صرف الدولار مزيداً من الارتفاع، خلال الشهور المقبلة، وسط ضعف العملات المنافسة في أوروبا وآسيا. كما يتوقع مصرفيون أن تكون هنالك تداعيات سالبة لقوة العملة الأميركية على عملات الأسواق الناشئة، خاصة في دول أميركا اللاتينية وبعض اقتصادات آسيا.
ومما سيزيد جاذبية الدولار، أن اليورو يعاني من أزمة سياسية، بالإضافة إلى الانتخابات الرئاسية التي ربما ترفع من المد الشعبي الذي تقوده الأحزاب اليمينية المتطرفة في كل من فرنسا وإيطاليا وهولندا.
كما أن توقعات مصارف الاستثمار تشير إلى أن الدولار سيواصل ارتفاعه، خلال العام الجاري، أمام كل من اليوان الصيني والين الياباني، وارتفع الدولار في أسواق الصرف العالمية 0.7 % إلى 113.60 يناً، كما ارتفع أمام اليورو 0.3% إلى 1.0544 دولاراً.


المساهمون