أسباب توقف دعم "الموك" للجبهة الجنوبية: استنفاد الأهداف "الدولية"

11 أكتوبر 2015
كتائب المعارضة وصلت إلى "الخطوط الحمراء" (رامي السيد/فرانس برس)
+ الخط -
أُثير لغط في الآونة الأخيرة حول وجود "تفسخات" في صفوف كتائب المعارضة العسكرية العاملة في الجنوب السوري، وتحديداً محافظتي درعا والقنيطرة، وذلك على إثر إخفاق هذه الفصائل في ثلاث جولات خاضتها، اعتباراً من يونيو/حزيران الماضي، للسيطرة على مدينة درعا، في إطار ما سمي معركة "عاصفة الجنوب"، وما تردّد عقب ذلك حول وقف غرفة عمليات" الموك" دعمها لتلك الكتائب بشكل كامل.

وباستثناء معركة "وبشر الصابرين" التي انطلقت الأسبوع الماضي في محافظة القنيطرة، ونجحت خلالها كتائب المعارضة في السيطرة على بعض مواقع النظام، أهمها "التلول الحمر"، فإن هدوءاً يسود جبهات الجنوب لا يعكره سوى قصف متقطع تقوم به طائرات أو مدفعية النظام لبعض المناطق في محافظة درعا.

اقرأ أيضاً: سورية: المعارضة المسلحة تردّ اعتبارها جنوباً وتقترب من الغوطة

ونفى عضو القيادة العسكرية في الجبهة الجنوبية أيمن العاسمي، ما تشيعه مصادر مقربة من النظام السوري بأن توقف دعم "الموك" مردّه تسرب بعض الأسلحة التي تقدّمها الغرفة إلى تنظيمات متطرفة أو مبايعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مثل لواء شهداء اليرموك. واعتبر ذلك مجرد دعاية من جانب النظام. كما نفى أن يكون توقف الدعم جاء بسبب الإخفاق في معركة "عاصفة الجنوب"، كما تشيع بعض الأوساط.

وقال العاسمي في حديث لـ"العربي الجديد" إن سبب توقف دعم غرفة "الموك" يعود إلى أنه لم يبق في محافظة درعا أهداف كثيرة لاستهدافها، بعدما وصلت كتائب المعارضة هناك إلى الخطوط الحمراء التي رسمها المجتمع الدولي. وهذه الخطوط الحمراء، بحسب العاسمي، تقتضي أن يُسمح لقوات المعارضة بأن تتقدّم إلى حدود معينة، بهدف جرّ الجميع إلى طاولة التفاوض، في إطار توازن قوى معين بين المعارضة والنظام، فيما ليس مسموحاً لها أن تتخطى الحدّ الذي يهدّد النظام في دمشق، لأن تمكن قوات المعارضة من السيطرة على مركز مدينة درعا، يعني القضاء على وجود النظام في المحافظة، ومن ثم الانطلاق باتجاه العاصمة دمشق، وهذا تجاوز للخطوط الحمر في هذه المرحلة، كما قال.

ودلل العاسمي على ذلك بالقول إن غرفة "الموك" ساعدت فصائل المعارضة في جميع المعارك التي خاضتها في محافظة درعا، باستثناء معركة "عاصفة الجنوب" التي استهدفت اقتلاع وجود النظام من مركز المدينة، أي رمز سيادة النظام في المحافظة، معتبراً أن المهمة الرئيسية لـ"الموك" هي ضبط إيقاع المعركة ورسم حدودها.

وعما إذا كان هذا يعني أن غرفة "الموك" لم تقدّم أي دعم في معارك "عاصفة الجنوب"، أوضح العاسمي أنّ ثمة دعما قدم، لكن هناك فصائل قال إنها تأتمر تماماً بأمر "الموك"، وكان لها حضور قوي في معركة "عاصفة الجنوب"، وكانت مهمتها إفشال المعركة، ونجحت في ذلك من خلال إحجامها عن المشاركة الفعلية في المعارك، وخذلانها لبقية الفصائل.

واستطرد بأنه في معركة "عاصفة الجنوب" كان هناك خمسة محاور، وقد سارت الأمور بشكل جيد في محورين منها فقط، بينما كان هدف الفصائل المرابطة في المحاور الثلاثة الأخرى إفشال المعركة، ما يعني أنه كان للموك الدور الأكبر في إفشال معركة درعا، عبر تلك الفصائل.

ورأى المصدر نفسه أنه كان الأفضل بدء المعركة من مدينة أزرع لقطع طريق الإمداد عن قوات النظام، مشيراً إلى تخاذل بعض الفصائل في قطع طريق خربة غزالة، ما جعل طرق إمداد النظام مفتوحة طيلة المعارك.

و "الموك" غرفة عمليات مشتركة تضم ما يعرف بدول أصدقاء سورية، تأسست قبل أكثر من عامين، وأبرز أعضائها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والأردن، وبمشاركة من السعودية والإمارات وتركيا. وتقدم هذه الغرفة، بحسب بعض المصادر، الدعم لكتائب الجيش الحر "المعتدلة"، بما يشمل السلاح، خصوصاً النوعي منه مثل صواريخ "تاو" الأميركية المضادة للدروع، إضافة إلى الدعم بالذخائر من طلقات الرشاشات الثقيلة وقذائف الهاون والدبابات، فضلاً عن تقديم رواتب شهرية لمقاتلي المعارضة وسلال غذائية.

وكانت أوساط إعلامية مقربة من النظام قد أشاعت بأن توقف دعم "غرفة الموك" أثر على الأوضاع الأمنية في محافظة درعا، حيث سادت الخلافات بين الفصائل والأطراف المحلية الداعمة لها، كما تزايدت عمليات الاغتيال والتصفية التي راح ضحيتها عدد من القيادات العسكرية والقضائية والشرعية، من أبرزهم قائد "لواء فجر الحرية" ياسر الخلف، ونائب رئيس "دار العدل" الشيخ بشار كامل النعيمي. كما أدى توقف الدعم، بحسب هذه الأوساط، إلى بدء تفكك بعض الأجسام العسكرية من خلال مبايعة تنظيمات متطرفة بشكل سري، بحثاً عن الأمان المالي أو من خلال الهجرة للخارج وطلب اللجوء أو عبر طلب المصالحة مع النظام.

وفي هذا الإطار، زعمت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن "250 مطلوباً وأكثر من 450 مسلحاً سلموا أنفسهم وأسلحتهم الخفيفة والمتوسطة".

وقد نفى العاسمي ذلك بشدة، مؤكداً أنه محض دعاية من النظام، وأن أحداً لم يسلم نفسه، مشيراً إلى أن من ظهر على شاشات تلفزيون النظام إما جرى اعتقالهم على الحواجز وأجبروا على القول إنهم سلموا أنفسهم وأسلحتهم وغالبيتهم من المدنيين، أو هم من أنصار النظام أصلاً وكانوا يقومون بدور تمثيلي.

لكن العاسمي أقر بوجود تذمر لدى عموم الناس في محافظة درعا بسبب الإخفاقات الأخيرة، معلناً أن هناك معارك قريبة قادمة سوف تعدل المزاج العام.

وأوضح أن هذه المعارك ستفتح من جانب من وصفهم بالشرفاء والمخلصين في قوات المعارضة، بغض النظر عن موقف غرفة "الموك" وبدون الحصول على أي دعم إقليمي، وبالاعتماد فقط على ما بحوزة فصائل المعارضة من سلاح وذخيرة، فضلاً عن إمكانية اغتنام ذخائر وأسلحة من مستودعات النظام في هذه المعارك.

 ورأى أن الأجواء الإيجابية التي خلفتها معارك ريف حماه، ستنعكس على بقية الجبهات، معتبراً أن التدخل الروسي سيكون له أثر إيجابي لجهة توحيد جهود جميع القوى لمواجهة هذا الاحتلال، وإن كان سوف يضاعف فاتورة الحرب، خصوصاً بين صفوف المدنيين.

اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب تعثرت "عاصفة الجنوب" في درعا