أفرجت الحكومة الجزائرية أخيراً، على النسخة التمهيدية من مشروع قانون العمل الجديد، وذلك بعد سلسلة تأجيلات دامت خمس سنوات، بسبب رفض النقابات المستقلة له وتحفظ منظمة العمل الدولية على العديد من التدابير التي جاء به.
وفي خطوة مفاجئة، أخرجت وزارة العمل والضمان الاجتماعي من أدراج مكاتبها، القانون الذي انتهت صياغته منذ عام 2010، حين قررت الحكومة فتح ورشة تعديل قانون العمل ساري المفعول منذ 1990، وأرسلت قبل أيام نسخة منه للنقابات المستقلة لإبداء رأيها، بعدما اكتفت في السابق بإشراك الاتحاد الجزائري للعمال المعروف بولائه للحكومة.
ووفق الوثيقة التي اطلعت عليها "العربي الجديد"، فإن الحكومة الجزائرية تكون قد فتحت باب العودة أمام عقود العمل المؤقتة وغير الدائمة، ومنع النقابيين من المشاركة في لجان المساهمة أو التصويت في مجلس الإدارة، كما قررت الحكومة إحكام قبضتها على أموال الخدمات الاجتماعية (اقتطاعات شهرية يقدمها العمال لصندوق خاص، تُمول بها خدمات وسلع يقتنيها العمال) في قطاع الخدمات العمومية.
ففي باب التشغيل، ألغى المشروع التمهيدي لقانون العمل الجديد إلزامية منح العامل عقد عمل دائم بعد عقدين مؤقتين (ستة أشهر ثم سنة في العقد الثاني)، وهي الخطوة التي أشعلت فتيل غضب النقابات المستقلة، إذ تُصر الأخيرة على رفض هذا الإجراء الذي أرجعته الحكومة إلى طبيعة الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والتي لا تساعد المتعاملين الاقتصاديين على خلق مناصب عمل مستقرة.
وفي باب العمل النقابي والحق في الإضراب، خصص القانون الجديد المنظم لعلاقات العمل في الجزائر 60 مادة في هذا الباب من أصل 670 مادة، وهي المواد التي ألزمت النقابات والعمل بإخطار الإدارة أو رب العمل بالإضراب مقابل الحصول على وصل تسليم في أجل أقصاه أسبوع قبل تاريخ الإضراب، في سابقة هي الأولى في تاريخ الجزائر، حيث ينص قانون العمل الحالي على إخطار رب العمل أو الإدارة فقط دون أي شروط أخرى.
كما فتح قانون العمل الجزائري الجديد العديد من الطابوهات منها عمالة النساء، والتحرش بالنساء في أماكن العمل، حيث جرم هذه الأفعال من المادة 48 إلى المادة 52.
فيما لم تفصل بعد الحكومة الجزائرية في أمر عدد ساعات العمل الأسبوعية، حيث أبقت على 42 ساعة أسبوعياً المعمول بها حالياً وفق نظام 5 أيام عمل ويومين راحة.
وحسب وزارة العمل الجزائرية، فإن قانون العمل الجديد المعروض على النقابات المستقلة والمركزية النقابية جاء لتكييف منظومة العمل مع التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي تعرفه البلاد.
وقال مدير علاقات العمل في وزارة العمل الجزائرية عبدالعالي دروة، في تصريحٍ لـ "العربي الجديد" إن القانون الجديد المنظم لعلاقات العمل جاء لضمان تكافئ أطراف علاقات العمل وتوفير مرونة في سوق العمل من خلال تحرير المؤسسات من القيود القانونية.
وسيكون قانون العمل الجديد الذي ينتظر أن يحال إلى البرلمان الجديد الذي يتولى المهام التشريعية في البلاد عقب الانتخابات البرلمانية المقررة في الرابع من مايو/أيار القادم، ساحة لحرب ضروس بين أحزاب السلطة وأحزاب المعارضة من جهة، وبين المركزية النقابية (الاتحاد العام للعمال الجزائريين) التي ترحب بمشروع القانون والنقابات المستقلة التي ترفض القانون جملة وتفصيلاً.
فالاتحاد العام للعمال الجزائريين رحب بالمشروع التمهيدي لقانون العمل الجديد بعدما كان أول من تلقى نسخة منه، حسب ما أكده رئيس الاتحاد عبدالمجيد سيدي السعيد لـ "العربي الجديد".
وأضاف السعيد أن الاتحاد قدم اقتراحاته لوزارة العمل، فيما يتعلق ببعض البنود، إلا أنه يرحب بالمشروع من حيث المبدأ، لافتاً إلى أن الورقة التمهيدية لا تزال قيد النقاش والدراسة ولم يتم حسم الأمور بعد، وهو ما يجعل رفض بعضهم (النقابات المستقلة) لهذا المُقترح غير مبرر، في رأيه.
الرفض الذي تحدث عنه الرجل الأول في الاتحاد العام للعمال الجزائريين، سيدي السعيد، كان الشعار الذي رفعته النقابات المستقلة في الجزائر في وجه وزارة العمل التي تقدمت بمقترح تعديل قانون العمل، إذ تجمع النقابات المستقلة أن قانون العمل في نسخته المقترحة عليهم تُعد تراجعاً في الحقوق والمكاسب التي حققها العمال في الجزائر خاصة في مجال التوظيف والعمل النقابي.
ويرى الأمين العام للنقابة الجزائرية لعمال التربية، عبدالكريم بوجناح، في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أن "الحكومة تسعى إلى إلغاء العمل النقابي من خلال قانون العمل الجديد، لهذا نحن نرفضه، وقد أسمعنا صوتنا لوزارة العمل".
وأضاف المتحدث ذاته، أنه "لو يُطبق مشروع القانون بصيغته الحالية فإن الويل للطبقة الشغيلة لأن القانون يكرس العمل الهش ويلغي العمل النقابي المدافع عن حقوق العمال، إذ لا يعقل أن تنتظر أي نقابة ورقة إدارية يمنحها إياها رب العمل حتى تدخل في إضراب، هذا مساس بمبدأ الحق في العمل النقابي الذي جاء به الدستور الجزائري".
من جانبها، قررت النقابة الجزائرية لمستخدمي الإدارة العمومية (ثاني أكبر نقابة تمثيلاً في البلاد) نقل الصراع بينها وبين الحكومة الجزائرية إلى جنيف السويسرية، تحديداً إلى مكاتب منظمة العمل الدولية، بعدما أودعت شكوى ضد وزارة العمل الجزائرية، وهي الشكوى التي كلفت الجزائر إنذاراً من طرف المنظمة التي أمهلت وزارة العمل الجزائرية مهلة إلى نهاية يونيو/ حزيران المقبل، موعد اجتماع المنظمة السنوي مع الجزائر، حتى تجيب عن بعض التحفظات التي قدمها ممثل المنظمة الدولية للعمل إلى وزير العمل الجزائري، محمد الغازي، السنة الماضية.
وتتمحور التحفظات حول 10 مواد تخالف الاتفاقيات الدولية وعلى رأسها الاتفاقية الدولية 87 المتعلقة بالحريات النقابية والاتفاقية 6 المتعلقة بالعمل الليلي للأطفال، والاتفاقية 155 المتعلقة بالصحة والأمن في العمل، بالإضافة إلى الاتفاقية 122 المتعلقة بسياسة العمل، والاتفاقية 81 المتعلقة بمفتشيات العمل، يضاف إليها الاتفاقية 98 المتعلقة بالحق في المفاوضة الجماعية، والاتفاقية 181 المتعلقة بوكالات العمل الخاصة، والاتفاقية 111 المتعلقة بالتمييز في العمل والعمل الليلي للمرأة، والاتفاقية 167 المتعلقة بالأمن والصحة في الأشغال العمومية.
وقال الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في رسالة له بمناسبة الذكرى الـ61 لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين الجمعة الماضي "إن بلاده أصبحت اليوم ضحية أزمة اقتصادية تهز الدول المتقدمة مرفوقة بتراجع أسعار النفط وتذبذب سوقها الدولية"، رغم مبادرات الجزائر التي سمحت أخيراً، بتحسن جد طفيف لسعر المحروقات".
اقــرأ أيضاً
وفي خطوة مفاجئة، أخرجت وزارة العمل والضمان الاجتماعي من أدراج مكاتبها، القانون الذي انتهت صياغته منذ عام 2010، حين قررت الحكومة فتح ورشة تعديل قانون العمل ساري المفعول منذ 1990، وأرسلت قبل أيام نسخة منه للنقابات المستقلة لإبداء رأيها، بعدما اكتفت في السابق بإشراك الاتحاد الجزائري للعمال المعروف بولائه للحكومة.
ووفق الوثيقة التي اطلعت عليها "العربي الجديد"، فإن الحكومة الجزائرية تكون قد فتحت باب العودة أمام عقود العمل المؤقتة وغير الدائمة، ومنع النقابيين من المشاركة في لجان المساهمة أو التصويت في مجلس الإدارة، كما قررت الحكومة إحكام قبضتها على أموال الخدمات الاجتماعية (اقتطاعات شهرية يقدمها العمال لصندوق خاص، تُمول بها خدمات وسلع يقتنيها العمال) في قطاع الخدمات العمومية.
ففي باب التشغيل، ألغى المشروع التمهيدي لقانون العمل الجديد إلزامية منح العامل عقد عمل دائم بعد عقدين مؤقتين (ستة أشهر ثم سنة في العقد الثاني)، وهي الخطوة التي أشعلت فتيل غضب النقابات المستقلة، إذ تُصر الأخيرة على رفض هذا الإجراء الذي أرجعته الحكومة إلى طبيعة الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والتي لا تساعد المتعاملين الاقتصاديين على خلق مناصب عمل مستقرة.
وفي باب العمل النقابي والحق في الإضراب، خصص القانون الجديد المنظم لعلاقات العمل في الجزائر 60 مادة في هذا الباب من أصل 670 مادة، وهي المواد التي ألزمت النقابات والعمل بإخطار الإدارة أو رب العمل بالإضراب مقابل الحصول على وصل تسليم في أجل أقصاه أسبوع قبل تاريخ الإضراب، في سابقة هي الأولى في تاريخ الجزائر، حيث ينص قانون العمل الحالي على إخطار رب العمل أو الإدارة فقط دون أي شروط أخرى.
كما فتح قانون العمل الجزائري الجديد العديد من الطابوهات منها عمالة النساء، والتحرش بالنساء في أماكن العمل، حيث جرم هذه الأفعال من المادة 48 إلى المادة 52.
فيما لم تفصل بعد الحكومة الجزائرية في أمر عدد ساعات العمل الأسبوعية، حيث أبقت على 42 ساعة أسبوعياً المعمول بها حالياً وفق نظام 5 أيام عمل ويومين راحة.
وحسب وزارة العمل الجزائرية، فإن قانون العمل الجديد المعروض على النقابات المستقلة والمركزية النقابية جاء لتكييف منظومة العمل مع التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي تعرفه البلاد.
وقال مدير علاقات العمل في وزارة العمل الجزائرية عبدالعالي دروة، في تصريحٍ لـ "العربي الجديد" إن القانون الجديد المنظم لعلاقات العمل جاء لضمان تكافئ أطراف علاقات العمل وتوفير مرونة في سوق العمل من خلال تحرير المؤسسات من القيود القانونية.
وسيكون قانون العمل الجديد الذي ينتظر أن يحال إلى البرلمان الجديد الذي يتولى المهام التشريعية في البلاد عقب الانتخابات البرلمانية المقررة في الرابع من مايو/أيار القادم، ساحة لحرب ضروس بين أحزاب السلطة وأحزاب المعارضة من جهة، وبين المركزية النقابية (الاتحاد العام للعمال الجزائريين) التي ترحب بمشروع القانون والنقابات المستقلة التي ترفض القانون جملة وتفصيلاً.
فالاتحاد العام للعمال الجزائريين رحب بالمشروع التمهيدي لقانون العمل الجديد بعدما كان أول من تلقى نسخة منه، حسب ما أكده رئيس الاتحاد عبدالمجيد سيدي السعيد لـ "العربي الجديد".
وأضاف السعيد أن الاتحاد قدم اقتراحاته لوزارة العمل، فيما يتعلق ببعض البنود، إلا أنه يرحب بالمشروع من حيث المبدأ، لافتاً إلى أن الورقة التمهيدية لا تزال قيد النقاش والدراسة ولم يتم حسم الأمور بعد، وهو ما يجعل رفض بعضهم (النقابات المستقلة) لهذا المُقترح غير مبرر، في رأيه.
الرفض الذي تحدث عنه الرجل الأول في الاتحاد العام للعمال الجزائريين، سيدي السعيد، كان الشعار الذي رفعته النقابات المستقلة في الجزائر في وجه وزارة العمل التي تقدمت بمقترح تعديل قانون العمل، إذ تجمع النقابات المستقلة أن قانون العمل في نسخته المقترحة عليهم تُعد تراجعاً في الحقوق والمكاسب التي حققها العمال في الجزائر خاصة في مجال التوظيف والعمل النقابي.
ويرى الأمين العام للنقابة الجزائرية لعمال التربية، عبدالكريم بوجناح، في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أن "الحكومة تسعى إلى إلغاء العمل النقابي من خلال قانون العمل الجديد، لهذا نحن نرفضه، وقد أسمعنا صوتنا لوزارة العمل".
وأضاف المتحدث ذاته، أنه "لو يُطبق مشروع القانون بصيغته الحالية فإن الويل للطبقة الشغيلة لأن القانون يكرس العمل الهش ويلغي العمل النقابي المدافع عن حقوق العمال، إذ لا يعقل أن تنتظر أي نقابة ورقة إدارية يمنحها إياها رب العمل حتى تدخل في إضراب، هذا مساس بمبدأ الحق في العمل النقابي الذي جاء به الدستور الجزائري".
من جانبها، قررت النقابة الجزائرية لمستخدمي الإدارة العمومية (ثاني أكبر نقابة تمثيلاً في البلاد) نقل الصراع بينها وبين الحكومة الجزائرية إلى جنيف السويسرية، تحديداً إلى مكاتب منظمة العمل الدولية، بعدما أودعت شكوى ضد وزارة العمل الجزائرية، وهي الشكوى التي كلفت الجزائر إنذاراً من طرف المنظمة التي أمهلت وزارة العمل الجزائرية مهلة إلى نهاية يونيو/ حزيران المقبل، موعد اجتماع المنظمة السنوي مع الجزائر، حتى تجيب عن بعض التحفظات التي قدمها ممثل المنظمة الدولية للعمل إلى وزير العمل الجزائري، محمد الغازي، السنة الماضية.
وتتمحور التحفظات حول 10 مواد تخالف الاتفاقيات الدولية وعلى رأسها الاتفاقية الدولية 87 المتعلقة بالحريات النقابية والاتفاقية 6 المتعلقة بالعمل الليلي للأطفال، والاتفاقية 155 المتعلقة بالصحة والأمن في العمل، بالإضافة إلى الاتفاقية 122 المتعلقة بسياسة العمل، والاتفاقية 81 المتعلقة بمفتشيات العمل، يضاف إليها الاتفاقية 98 المتعلقة بالحق في المفاوضة الجماعية، والاتفاقية 181 المتعلقة بوكالات العمل الخاصة، والاتفاقية 111 المتعلقة بالتمييز في العمل والعمل الليلي للمرأة، والاتفاقية 167 المتعلقة بالأمن والصحة في الأشغال العمومية.
وقال الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في رسالة له بمناسبة الذكرى الـ61 لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين الجمعة الماضي "إن بلاده أصبحت اليوم ضحية أزمة اقتصادية تهز الدول المتقدمة مرفوقة بتراجع أسعار النفط وتذبذب سوقها الدولية"، رغم مبادرات الجزائر التي سمحت أخيراً، بتحسن جد طفيف لسعر المحروقات".