أزمة مدارس ريف موريتانيا

26 ديسمبر 2018
التعليم في مدارس الريف ليس بالأمر السهل (العربي الجديد)
+ الخط -

تعاني مدارس الريف في موريتانيا أزمة حقيقيّة، في ظلّ المباني المتهالكة وقلّة عدد المدرّسين، ما يهدد مستقبل التلاميذ 

يدخل المدرّس محمد ولد العربي إلى صفٍّ مدرسي شبه متهالك. وعادة ما تراه على عجلة من أمره، وهو يحاول الوصول في الوقت المناسب لتدريس أبناء إحدى القرى النائية الواقعة على بعد 1200 كلم شرق موريتانيا. ولا يبدو متيقناً من أنّه سيكون قادراً على إكمال عامه الدراسي في تلك المناطق البعيدة التي تغيب فيها أية وسائل تشجّع على الدراسة، في ظل الإهمال الحكومي وعدم اهتمام الأهالي بتعليم الأطفال في معظم الأحيان.

ويقول ولد العربي لـ "العربي الجديد" إنّ مدارس الريف في موريتانيا لا تشجّع المدرسين على الاستمرار في تدريس التلاميذ، مشيراً إلى عدم اهتمام الحكومة بصيانة وترميم المدارس الريفية. يضيف: "الصفوف لا تساعد التلاميذ على التعلّم في جو هادئ على غرار المدارس في العاصمة نواكشوط أو المدن الأخرى". ويرى أنّ مدارس الريف في موريتانيا تعاني الكثير من المشاكل من دون أن تكون هناك أية حلول في الأفق، في ظلّ عدم الاهتمام الرسمي بتطوير وتفعيل المنظومة التربوية في المناطق البعيدة، والتي كثيراً ما لا يكترث المسؤولون إليها.

الصفّ المدرسي ليس مجهزاً كما يجب (العربي الجديد) 


ويقول الناشط الشبابي خطري ولد سيد الأمين، وهو من ريف موريتانيا، إنّه يسكن في إحدى القرى النائية في بلدية أم لحياظ في ولاية الحوض الغربي شرق البلاد، لافتاً إلى أنّ قريته تفتقر إلى المدرّسين. يضيف أن المدرسة الوحيدة في القرية ما زالت موصدة، علماً أن المبنى متهالك وليست فيه نوافذ وأبواب، في ظل تجاهل الحكومة للريف. يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ ما تعانيه مدرسة قرية أكدرنيت في شرق موريتانيا ينسحب على معظم قرى الريف، بدءاً من غياب المدرسين ووصولاً إلى تهالك المباني وانعدامها في بعض الأحيان، ما يشكّل عائقاً كبيراً أمام تعلّم التلاميذ، في وقت لا تبذل فيه الحكومة أي جهود لتأمين وتجهيز مدارس في الريف الموريتاني.

ويطالب بعض أهالي التلاميذ في الريف الحكومة بإرسال عدد كافٍ من المدرسين إلى القرى النائية، وإرسال بعثات تفتيش بشكل مستمر من أجل الاطّلاع بشكل مباشر على واقع التدريس في هذه المنشآت التعليمية، التي تتولّى تعليم آلاف التلاميذ حتى لا يكون مصيرهم التسرّب من المدرسة. وهناك مشكلة أخرى تتمثّل في قلة وعي الأهالي حول أهمية التعليم، ما يهدّد مستقبل الكثير من الأطفال.

ويرى سيد أمحمد ولد البكاي، أحد سكان قرية أم لحياظ، مركز إحدى أكبر بلديات ريف الحوض الغربي في موريتانيا، إن السكان يعانون من جراء نقص المدارس، ولا وجود إلّا لمدرسة واحدة هي عبارة عن بيت. وما زالت تعاني من جراء انعدام المباني، ونقص المدرسين، إذ إن هناك مدرساً واحداً يقضي غالبية وقته خارج القرية لأسباب ترتبط بغياب الرقابة والإهمال الحكومي.

بعض التلاميذ يجلسون على الأرض (العربي الجديد) 


ويطالب ولد البكاي في حديث لـ "العربي الجديد"، بضرورة بناء مدرسة في الحي، والعمل على إعادة ترميم المدرسة القديمة في البلدية التي افتتحت مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وظلت تكافح من أجل البقاء قبل أن تنهار مع مرور الوقت في ظلّ التجاهل الرسمي.
وتشير إحصائيات رسمية في موريتانيا إلى وجود نحو ثلاثة آلاف و682 مدرسة لمراحل التعليم الأساسي والإعدادي والثانوي، 73 في المائة منها تواجه مشاكل تتعلّق بالتجهيزات والبنى التحتية. وبحسب تقرير صادر عن التنافسية العالمي في عام 2015، حلّت موريتانيا في مؤخرة قائمة دول العالم لناحية جودة التعليم، واحتلّت المركز 134 من أصل 140 دولة على مستوى العالم.



وكانت وزارة التهذيب الوطني والتكوين المهني والبحث العلمي في موريتانيا قد أكدت خلال بدء العام الدراسي 2018 ـ 2019 أنّ الوزارة عملت على إجراء تقييم للنظام مكّن من تحديد ثلاث أولويات، وهي العمل على تطوير المدرسين، وتنظيم إدارة المدارس، والاهتمام بالعلوم لبناء نظام مدرسي صلب قادر على تطوير المهارات الأساسية للتلاميذ لتأمين تطور البلاد. وأشارت إلى إنجازات كثيرة ومواكبة التطوّر الحاصل في أعداد التلاميذ والمدرسين والمدارس والقاعات، ما أدّى إلى نتائج إيجابية. وهناك متابعة لتنفيذ خطّة الوزارة المتعلّقة بتطوير البنى التحتية، وبناء 64 مدرسة و12 إعدادية و116 قاعة دراسية.
المساهمون