أزمة فواتير الكهرباء تلهب الجنوب الجزائري

28 أكتوبر 2016
احتجاجات في الجزائر (فاروق باتيتشي/فرانس برس)
+ الخط -
لا تزال أزمة فواتير الكهرباء تتمدد بين محافظات الجنوب الجزائري، بعد رفض السكان تسديد الفواتير بحجة ارتفاعها المبالغ فيها.
وانطلقت عشرات الاحتجاجات في الأيام الأخيرة، بمحافظات ورقلة وسكرة وبشار وأدرار (جنوب البلاد)، تنديداً بالزيادات الكبيرة في فواتير الكهرباء خلال الأشهر الثلاثة الماضية (يوليو/تموز، أغسطس/آب، سبتمبر/أيلول)، حيث تلقى المواطنون فواتير تعدت 10 آلاف دينار (90 دولاراً)، الأمر الذي دفعهم إلى الخروج نحو الشارع من أجل المطالبة بمراجعة تسعيرة الكهرباء والغاز التي رفعتها الحكومة الجزائرية مطلع هذه السنة بشكل رسمي.
"لا نتحمل نتيجة أخطائكم"... "لماذا لم تفكروا فينا أيام البحبوحة المالية " ..."لا لزيادة في فاتورة الكهرباء" ... "لن ندفع الفواتير"، كل هذه شعارات حملها سكان الجنوب الجزائري الذين لم يتوقفوا عند التنديد بارتفاع الفواتير، بل تعدوا ذلك إلى مهاجمة الحكومة وانتقاد سياستها في مجال الطاقة.
وقبل يومين، نظم مواطنون في محافظة ورقلة مسيرة جابت أهم الشوارع انطلاقا من سوق الحجار وصولا إلى مقر شركة توزيع الكهرباء والغاز سونلغاز بشارع الجمهورية، ولم تختلف مطالب سكانها عن باقي سكان المحافظات الأخرى من حيث مراجعة تسعيرة الكهرباء وعدم تسديد الفواتير المستحقة.
ويبلغ استهلاك الكهرباء في الجنوب الجزائري ذروته في فصل الصيف، حيث تفوق درجات الحرارة 45 درجة مئوية تحت الظل، وذلك جراء استعمال المكيفات والمبردات والثلاجات بصفة أكبر، وهي الخصوصية التي يرى فيها إبراهيم دية، وهو صحافي من محافظة الوادي على الحدود مع ليبيا، أنها تكفي لكي تضع الحكومة جدول تسعيرات يتماشى مع الطابع الجغرافي والمناخي للمنطقة.
وقال دية، لـ "العربي الجديد": "بعض العائلات فوجئت بفاتورة فاقت 60 ألف دينار (545 دولاراً)".
وأكد الناشط، طاهر بلعباس، أحد منظمي الحركة الاحتجاجية في محافظة ورقلة، أن "خروج السكان إلى الشارع جاء كرد فعل بعد فشل الحكومة في تسيير شؤون البلاد ومحاولتها تحميل المواطن ثمن إخفاقاتها. هو الغضب ضد خيارات الحكومة وبرنامجها وبرنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة".
وقال الناشط الجزائري لـ "العربي الجديد"، إن سكان الجنوب ربما لن يسددوا ثمن فواتير الكهرباء هذه.
وأوضح عضو الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، الحاج محمد دهكال، في محافظة ورقلة، لـ "العربي الجديد"، أن مواطني الجنوب مجبرون على استغلال المكيفات الكهربائية، ابتداء من شهر أبريل/نيسان إلى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام، بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة التي كثيرا ما تجاوزت 50 درجة مئوية، وهي مستويات لا يتم الإعلان عنها.
ويرى أنه يجب على الدولة سداد حقوق الاستهلاك لجميع المواطنين، لفترة فصل الصيف، مع رفع نسبة الاستهلاك للاستفادة من دعم الدولة من ألف وات إلى 10 آلاف وات باقي أشهر السنة.

ولم يكن لهذا الارتفاع الكبير، الذي سجلته فواتير الكهرباء في الجنوب الجزائري، أثر سلبي على العائلات فقط، بل تعداها ليمس الأنشطة التجارية وحتى الزراعية، حيث بلغت فواتير المزارعين مائة ألف دينار (909 دولارات) جراء استعمالهم للمضخات المستخدمة في استخراج المياه من الآبار الجوفية العميقة.
وقال المزارع، كريم عبد الغفور، إن فاتورة الكهرباء عنده تسجل ستة أرقام، حيث تعدت عتبة مائة ألف دينار بألفي دينار (1090 دولاراً) وذلك لاستعماله مضخات في عملية سقي النخيل في واحته الواقعة بمحافظة الوادي، وهي زيادة بلغت حسب المزارع حوالى 40% مقارنة مع الفواتير السابقة.
في المقابل ترى شركة توزيع الكهرباء والغاز، أن تطور الأحداث وتوسع رقعة الاحتجاجات "غير مبرر"، فهي تُطبق التسعيرة التي تضعها وزارة الطاقة الجزائرية.
وهو ما يؤكده لـ "العربي الجديد" المدير الفرعي لشركة توزيع الكهرباء والغاز (سونلغاز) بمحافظة الوادي، نور الدين موهوب، مشيرا إلى أن شركة الغاز تطبق التسعيرة التي نص عليها قانون المالية 2016، الصادر في الجريدة الرسمية في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2015، مضيفا: "كل هذا تحت أعين سلطة ضبط الكهرباء والغاز بصفتها الهيئة المخولة قانونا بمتابعة مدى تطبيق التسعيرات ومراقبة سير عمليات وضع الفواتير".
ولفت موهوب، لـ "العربي الجديد"، إلى أن الشركة يمكنها أن تقبل تسديد الفواتير بالتقسيط وفق برنامج زمني يوضع بالتراضي بين العميل والشركة.
وأمام اتساع دائرة الرفض والغضب لدى الجبهة الاجتماعية في الجنوب، قررت الحكومة الجزائرية التحرك لاحتواء الوضع من خلال تشكيل لجنة وزارية مشتركة بين وزارة المالية والطاقة، تكون مهمتها دراسة مقترحات سكان الجنوب، ثم وضع تسعيرة جديدة للكهرباء تُعرض على رئيس الوزراء عبد المالك سلال للمصادقة عليها.
وأقرت الجزائر مطلع السنة الحالية زيادات طاولت أسعار الكهرباء والغاز وذلك لتوسيع عائدات الخزينة العمومية بعد تهاوي عائدات البلاد من النفط بثلثي حجمها.
وبموجب هذا القرار، بلغت الزيادة بين 15.15% و31% بالمقارنة مع الأسعار السابقة، فيما بلغت الزيادات على الزبائن الصناعيين بين 20% و35%، مقابل زيادات تتراوح بين 15% و20% على الزبائن من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والهيئات العمومية والخدمات.
وأجبر تراجع أسعار النفط والغاز، في العامين الماضيين، الحكومة الجزائرية على تغيير سياسات الإنفاق. ومن المتوقع رسمياً أن يتراجع الإنفاق العام 14% في 2017 بعد خفضه 9% في 2016.

المساهمون