لم يفلح إعلان إمارة دبي عن خطط لبناء أكبر مركز تسوّق في العالم في إبعاد شبح أزمة عام 2008 عن شركات البناء في الإمارات، ففي حين قدّر مصرف "سيتي بنك" الأميركي، في وقت سابق من هذا العام، أن تشهد البلاد تنفيذ مشروعات بناء تناهز قيمتها ثلثي تريليون دولار، يبدو أن الأمور تسير عكس مصالح شركات البناء بسبب تقلّص هوامش الربح وتباطؤ شركات التطوير في سداد الفواتير، ما يعني أن بعض المشروعات الضخمة الجديدة والجذابة قد يتأخر استكماله عن الموعد المحدد.
وحسب عاملين في قطاع الإنشاءات الإماراتي، فقد توقفت بعض شركات التطوير العقاري في إمارتي دبي وأبو ظبي عن سداد ما عليها من مستحقات، ما اضطر شركات البناء إلى اللجوء للاقتراض المصرفي والسحب من الاحتياطات النقدية لجمع الأموال اللازمة لتنفيذ المشاريع.
وقال العضو المنتدب بشركة البناء البلجيكية، بي.إي.اس.آي.اكس، فيليب ديسوي، لـ"رويترز"، إن "أكبر التحديات التي يواجهها المقاولون هي أن الهوامش ما زالت تنخفض".
كما أكد خبير إقليمي بشؤون القطاع، طلب عدم ذكر اسمه نظراً لحساسية تعليقاته، أن أرباح شركات البناء الإماراتية ستنخفض هذا العام رغم ضخامة حجم المشروعات.
فمثلاً "أرابتك"، أكبر شركة مقاولات في دبي، شيّدت أطول برج في العالم، تصل الأموال المستحقة لها عند عملائها إلى 9.1 مليارات درهم في النصف الأول من 2014 ارتفاعاً من 6.6 مليارات درهم قبل عام.
وقال مدير البحوث لدى شركة نعيم القابضة للسمسرة، ألين سانديب، إن هذا الوضع "يعني أن سيولة الشركة قد تنفد وتضطر إلى جمع أموال أو إبطاء مشروعاتها التي تضطلع بتنفيذها".
فيما أكدت الشركة أن جميع مشروعات البناء التي تتولاها تمضي في مسارها، غير أنها عملت على تقليل التزاماتها وتخلت عن خطط لتدشين شركتها العقارية وقلّصت استراتيجيتها الخاصة بتقديم عروض للفوز بمشروعات للنفط والغاز في المنطقة.
هذه الضغوط قد تؤدي إلى تأخر مجموعة من المشروعات في الإمارات، من بينها مشروعات بارزة مثل متحف اللوفر بأبو ظبي الذي طال انتظاره، ولم ينجز منه حتى الساعة سوى 55%.
وقال مصدر بالقطاع، يتابع تطورات المشروع، لـ"رويترز"، إنه من الصعب جداً استكمال أعمال البناء في العام المقبل في ضوء حجم المشروع والضغوط الواقعة على الموارد.
ولم يكن ارتفاع أسعار عقارات دبي 30% خلال النصف الأول من العام الجاري، كافياً لجعل شركات التطوير العقاري تنسى أزمة 2008، ولذلك تتعامل بحذر شديد إزاء دفع مستحقات مقاولي البناء.
كما أن تراجع أسعار النفط العالمية يمكن أن يصير مبعث قلق آخر، لأنه سيؤدي إلى تباطؤ الإنفاق على المشروعات. ولا تجد شركات البناء خيارات واسعة لمواجهة هذه الصعوبات والبحث. ففي ظل عدم نضج سوق السندات في الإمارات، تقبل هذه الشركات على القروض العقارية لسد فجواتها التمويلية، غير أن هذه القروض قد لا تكون كافية لتغطية نفقات التشغيل، خاصة في ظل تحفظ المؤسسات البنكية.