أزمة السياحة تحيل 350 ألف تونسي للبطالة

18 مارس 2016
صناعة المعادن من أعرق الحرف اليدوية في تونس (Getty)
+ الخط -
لا يفوت التونسيون تاريخ الـ 16 من مارس/ آذار من كل عام للاحتفال بلباسهم التقليدي، حيث تعد هذه المناسبة فرصة لإحياء لباس الأجداد الذي شهد على مر السنوات تطورات كبيرة مواكبة لمتطلبات الحياة العصرية.
غير أن الاحتفال الرسمي بيوم الحرف التقليدية لا يحجب صعوبة الوضع الاقتصادي، الذي يعيشه أغلب الحرفيين بسبب تراجع السوق السياحية، والغزو المتواصل للمنتجات الصينية للأسواق العتيقة بالعاصمة تونس وغيرها من المدن الساحلية.
ويشكو الحرفيون وأصحاب المحلات ضعف إيراداتهم، والتراجع الكبير في مستوى معيشتهم، في ظل كساد خانق للحركة التجارية وضعف الإقبال على منتجاتهم من قبل السياح أو العملاء المحليين.
وشهدت السنوات الخمس الأخيرة، هجرة غير مسبوقة من الحرفيين وتجار الصناعات التقليدية نحو أنشطة اقتصادية أخرى أكثر استقرارا، حيث فرّط العديد من أصحاب المحلات في ورشهم التي تعود لأكثر من 10 عقود.
وبالرغم من محاولات الإنعاش المتكررة، التي قامت بها الحكومة لمساعدة الحرفيين على الصمود أمام الأزمة الاقتصادية، إلا أنهم يؤكدون أن هذه المساعدات غير كافية، معتبرين أن عودة الروح إلى الحرف التقليدية مرتبط بعودة السياح وتحسن الوضع الأمني فضلا عن ارتفاع المقدرة الشرائية للتونسيين.
ويقول برهان صفية، رئيس جامعة (جمعية) الصناعات التقليدية، إن سوء الوضعية المالية لجزء كبير للحرفيين يعود إلى قصور الجهات الرسمية المسؤولة عن هذا القطاع، في إيجاد بدائل للسوق المحلية، لافتا إلى أن التصدير كان يمكن أن يمثل حلا جيدا للحرفيين.
ويشير برهان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن حرفيين توارثوا مهنة صناعة الشاشية (قبعة يرتديها الرجال) والحرير وغيرها من الحرف منذ عقود، أغلقوا محلاتهم وسرحوا عمالهم، بعد أن فقدوا الأمل في استعادة النشاط، مؤكدا أن أسواقا بأكملها تعيش في وضع احتضار أو موت سريري وفق تعبيره.
ويلفت إلى أن هناك نحو 350 ألف حرفي يعانون بسبب الظروف الحالية، مضيفا أن الصناعات التقليدية لا تمثل مورد رزق لمئات الآلاف من العاملين في القطاع فحسب، وإنما تختزل الذاكرة الحضارية وتراث البلاد لآلاف السنين.

ودعا رئيس جامعة الصناعات التقليدية الحكومة إلى الإسراع في إنقاذ ما تبقى من هذه الحرف ومجابهة غزو الصناعات المقلدة التي يتم توريدها عبر السوق السوداء.
وتشجع الحكومة على إقامة مشاريع شراكة بين الصناعات التقليدية والسياحة، كما تحث على استعمال منتجات الصناعات التقليدية في البناء والتأثيث والديكور في الإدارات والمصالح العمومية داخل البلاد وخارجها.
وتعتمد الفنادق والنزل التونسية على منتجات الصناعات التقليدية في التأثيث والديكور، لتضفي على نفسها الطابع التونسي المميز في محاولة لخلق متنفس تجاري جديد للحرفيين ومصممي الابتكارات.
ولا تقف تداعيات الأزمة التي يمر بها قطاع الصناعات التقليدية عند الحرفيين، الذين فقدوا عملهم بل شملت الألاف من خريجي الجامعات من مصممي الابتكارات، الذين كانوا يراهنون على كفاءاتهم لتطوير هذه الصناعات ليجدوا اليوم أنفسهم على أعتاب البطالة والفقر.
وكانت السلطات التونسية، قد شرعت منذ سنوات في إقامة "القرى الحرفية" وهي فضاءات يتجمع فيها الحرفيون لإنتاج وترويج بضاعتهم.
وكان قطاع الحرف والصناعات التقليدية قبل ثورة يناير/كانون الثاني 2011، يجذب أعدادا متزايدة من طلاب المدارس العليا للحرف والفنون، الذين صاروا يمثّلون اليوم 5% من مجموع طلاب الجامعات التونسية، مما دفع الحكومة إلى بناء أكثر من 20 مدرسة عليا للحرف والفنون خلال السنوات العشرة الماضية، غير أن انتكاسة قطاع السياحة بددت أحلامهم في قطاع كان يفترض أن ترتفع حصته في التصدير إلى 9 % من إجمالي الصادرات التونسية .
وأعلن "الديوان الوطني للصناعات التقليدية" (حكومي) أن الصناعات التقليدية وفرت عام 2011 فرص عمل جديدة لحوالي 7 آلاف تونسي أي ما يعادل 10% من إجمالي فرص العمل الجديدة التي يتم إحداثها في ذلك العام.
وتساهم الصناعات التقليدية سنويا بنسبة 4% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وتبلغ قيمة مبيعات منتجاتها في السوق المحلية 1.5 مليار دينار ( 750 مليون دولار).
وتضم النشاطات الحرفية 75 مهنة وفق تصنيف الديوان الوطني للصناعات التقليدية، وتتوزع على 9 قطاعات رئيسية، منها النسيج والملابس والأزياء التقليدية، والجلود والأحذية، والخشب، والألياف النباتية، والحليّ والمجوهرات والمعادن.




اقرأ أيضا: تونس تصادر الكسب "الحرام"
المساهمون