أزمة التعيينات... هل يُطيح قصر قرطاج حكومة الشاهد؟

11 نوفمبر 2017
يواجه الشاهد ضغوطات حول مستقبله السياسي (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
تفاقم الضغط السياسي على حكومة الوحدة الوطنية، بسبب ارتفاع سقف مطالب حزب "نداء تونس"، على مستوى تقاسم المناصب والمسؤوليات في مختلف أركان الدولة، وارتباك الحزام البرلماني الداعم لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، مع صعود جبهة برلمانية جديدة خارج ائتلاف الحكم.

وشهدت العلاقة بين الشاهد وحافظ قائد السبسي المدير التنفيذي لحزب "نداء تونس"، توتراً غير مسبوق، انعكس بوضوح على أجواء الإعلان عن تعيينات المعتمدين (ممثلي المحافظ في المدن الكبرى) على مستوى المحافظات.

ويطالب حزب "نداء تونس"، بنصيب الأسد من هذه التعيينات، على حساب الأطراف الأخرى في حكومة الوحدة الوطنية، ولا سيما الأحزاب المنسحبة كـ"الحزب الجمهوري"، وأحزاب أخرى لا يعتبرها "نداء تونس" حليفاً صادقاً، أو كانت مواقفها أكثر انسجاماً مع خصومه ومعارضيه.

وتعوّل الأحزاب على تعيينات المعتمدين، لما لهم من دور محوري في المناطق والمحافظات، لا سيما أنّ تونس مقبلة على انتخابات بلدية مقررة في 25 مارس/ آذار المقبل، قد تسفر عن تغييرات جوهرية في المشهد المحلي.

كما يلّح "نداء تونس" على تعيين أحد قياداته على رأس وزارة الصحة، في إطار تعديل وزاري جزئي مرتقب، ما وضع الشاهد أمام صعوبات أخرى، بعد ما اتخذ قراراً بتكليف وزير الشؤون الاجتماعية بوزارة الصحة بالنيابة لهذا المنصب، في وقت يميل فيه إلى خيار التكنوقراط من خارج الأحزاب، لتسيير الوزارة.

واعتبر عصام الشابي، أمين عام "الحزب الجمهوري" المنسلخ حديثاً عن حكومة الوحدة الوطنية، في تصريح، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، أنّ "نجاح الحكومة يستدعي من الأحزاب رفع اليد عن رئيسها"، داعياً الشاهد إلى "التحرّر من سطوة ضغوط أحزاب الحكم، والاقتراب أكثر من هموم المواطنين، والتجنّد لخدمة مصالح الشعب".

ويرى مراقبون، أنّ خروج "الحزب الجمهوري" من الحكومة، ولا سيما أنّه صاحب تاريخ نضالي، رغم محدودية حجمه برلمانياً، وضعف انتشاره شعبياً، يمثّل طعنة في خاصرة حكومة الوحدة الوطنية، وضربة موجعة لوثيقة قرطاج التي قامت على أساس استيعاب أكبر قدر من إجماع الأحزاب.

ويواجه الشاهد ضغوطات حول مستقبله السياسي، حتى من داخل حزبه "نداء تونس"، ولو بشكل غير معلن.

فبعد أن طلب رئيس حزب "حركة النهضة" راشد الغنوشي، صراحة من الشاهد عدم الترشّح للاستحقاق الانتخابي المقبل، طالبته كذلك بالخفاء قيادات من "نداء تونس"، بعدم الترشّح واعتبار الحكومة مؤقتة، معتبرين أنّ مفهوم الوحدة الوطنية هو مرحلة يجب أن تنتهي باقتسام الحكم بين "نداء تونس" و"حركة النهضة".

وأصبح موضوع خروج الشاهد من الحكومة متداولاً في تونس، إلى حد أنّ الوزير السابق والقيادي في "نداء تونس" خالد شوكات، ذهب إلى القول إنّ "تنحّي الشاهد عن رئاسة الحكومة وارد"، معتبراً أنّ "كل شيء جائز في شرع السياسة".


من جهته، قال غازي الشواشي، أمين عام حزب "التيار الديمقراطي"، اليوم السبت، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "مكيدة تُحاك في قصر قرطاج برعاية نجل الرئيس (حافظ السبسي) لإسقاط حكومة الشاهد، وإخراجه من الباب الصغير، بسبب عدم رضوخه لتعليماتهم".

وتابع الشواشي أنّ "قصر قرطاج وحزب نداء تونس، بصدد الإعداد لسيناريو مماثل لسيناريو سحب الثقة من حكومة الحبيب الصيد، وذلك في اتجاه إسقاط يوسف الشاهد والإطاحة بحكومته أو إرغامه على الاستقالة".

وتابع موضحاً "لأنّ الرجل (الشاهد) بدأ يعمل لحسابه الخاص، وطموحاته فاقت حجمه، ولأنّ بعض الملفات المنشورة أمام القضاء في إطار ما سُمي بالحرب على الفساد، بدأت تفوح رائحتها لتلامس عدداً من الرموز والأسماء المموِّلة والقريبة من الأحزاب الحاكمة".

وتعتبر قيادات في "نداء تونس"، أنّه من الطبيعي أن يطالب الحزب بمناصب لممارسة الحكم عبر مسؤوليات متعددة في الوزارات والمحافظات والسفارات، ومن غير الطبيعي أن يتم تحجيم الحزب الفائز بالأغلبية في الانتخابات، عن ممارسة الحكم، في وقت تتم فيه محاسبته على أخطاء شركاء في الحكم، هم أقرب للمعارضة منهم إلى الموالاة.

وعن الخلافات مع رئيس الحكومة، يرى هؤلاء أنّ الشاهد هو سليل "نداء تونس"، والذي رشّحه لمهمة رئاسة الحكومة، معتبرين أنّ مخالفته في الطرح والرأي لا تُعد اعتداء على صلاحياته، وأنّه من واجب الحزب أن يقدّم نقداً بناء، من داخل الإطار المشترك.