لا تتردّد إيمان شكوكاني في الحديث عن تجربتها، هذه التجربة الأليمة مع سرطان الثدي، المرض الذي يحتلّ المرتبة الأولى في نسبة انتشاره بين نساء الأردن والذي يثير مخاوف أكثريتهن. هن قد يكنّ من ضحاياه مستقبلاً. ومجرّد ذكر اسمه، يتسبب بإثارة الرعب في قلوبهن، إلى حد يدفع الأكثرية إلى الدلالة عليه بالقول "هذاك المرض" أو "المرض الخبيث".
وكانت شكوكاني قد أصيبت بسرطان الثدي قبل عامين، في السادسة والثلاثين من عمرها. أتى ذلك في عمر مبكر، لكنها لم تفقد جرأتها ووقفت أمام مجموعة من السيدات، في حين سُلّطت عليها عدسات الكاميرات وقالت بشجاعة: "سرطان الثدي صار مثل أي مرض يُصاب به الإنسان ويطيب منه". وهذه المرأة الشابة التي تملك تاريخاً عائلياً مع المرض، اكتشفت إصابتها بعدما قررت الخضوع للفحص المبكر. وتخبر: "كان لدي إحساس بأنني مصابة بالسرطان، لأن العديد من أفراد عائلتي أصيبوا بالمرض. ولم أتفاجأ عندما أبلغتني الطبيبة بأنني مصابة، لكنني حزنت".
كان من حسن حظ شكوكاني أنها اكتشفت المرض في مرحلته الأولى، لذلك سهل علاجه والشفاء منه. واليوم، هي تحثّ النساء على الخضوع للفحص المبكر عن سرطان الثدي، "فاكتشافه في مراحله الأولى يعزّز فرص الشفاء منه". وتعبّر بعد التجربة التي خاضتها، عن سعادتها. هي اكتشفت خلال مرضها حجم المحبة التي تكنّها لها عائلتها لها، والتي كانت سبباً في مضيّها في العلاج. وتؤكد أن "زوجي وأبنائي كانوا سندي خلال رحلة المرض. كان حرصهم وحبهم حافزي للعلاج والشفاء".
من جهة أخرى، هنادي الرمحي (ثلاثينية) أيضاً اكتشفت إصابتها بالمرض. لكنها خلافاً لشكوكاني التي علمت بإصابتها بسرطان الثدي في مرحلته الأولى، شُخّص لديها في المرحلة الثالثة. وتأخّر الرمحي استدعى وقتاً أطول لعلاج المرض، وقد اضطرت إلى الخضوع للعديد من جلسات العلاج بالكيماوي والأشعة على حدّ سواء. وبعدما تماثلت للشفاء، راحت تدعو النساء إلى الإقبال على الفحص المبكر عن سرطان الثدي، وعدم الخوف من الخضوع له، مشددة على أن "الخوف يجب أن يكون من اكتشاف المرض في مرحلة متأخرة. حينها تكون فرص الشفاء أقل".
اقرأ أيضاً: مريضات السرطان في تونس سلاحهنّ الأمل
يُعدّ سرطان الثدي من أكثر السرطانات شيوعاً بين النساء في الأردن، تماماً كما هي الحال حول العالم. وتشير أرقام السجل الوطني للسرطان التابع لوزارة الصحة الأردنية إلى أن 900 إصابة جديدة به تسجّل سنوياً، فيما يشير مدير عام مركز الحسين للسرطان الدكتور عاصم منصور إلى أن احتمالية إصابة امرأة بالمرض، هي واحدة من بين كل ثماني نساء.
ويوضح منصور أن نسبة الشفاء تزيد على 90 في المائة في حال الكشف المبكر عن سرطان الثدي، مشيراً إلى أن الصورة الإشعاعية تُعدّ من أدق فحوصات الكشف المبكر عن هذا السرطان بعد سن الأربعين.
ويسعى البرنامج الأردني لسرطان الثدي الذي تأسس في عام 2007 كبرنامج وطني، إلى تعزيز ثقافة الفحص المبكر للكشف عن سرطان الثدي، إذ من شأن ذلك الانتقال من تشخيص المرض في مراحله المتأخرة (الثالثة والرابعة) إلى تشخيصه في مراحل مبكرة (من الصفر إلى الثانية). وهو ما يساهم في تعزيز فرص المصابات بالشفاء والتخفيف من تكاليف العلاج.
وفقاً لبيانات البرنامج، أنشئت سبع وحدات للتصوير الإشعاعي ووزعت على مناطق المملكة. إلى ذلك، ساهم البرنامج في تحسين 24 وحدة قائمة في القطاعات الصحية، ودرّب نحو 220 اختصاصي أشعة وأكثر من 200 طبيب وممرض على الكشف المبكر عن سرطان الثدي وتشخيصه. وقد وفّر البرنامج منذ تأسيسه الفحص المجاني لتسعة آلاف و156 امرأة أردنية في المناطق النائية وجيوب الفقر.
وبالتزامن مع الحملات التي تنطلق في مختلف أنحاء العالم في شهر أكتوبر/تشرين الأول - الذي يوصف بالشهر الزهريّ - للتوعية حول سرطان الثدي، أطلقت في الأردن أخيراً حملة جديدة للتوعية حول مخاطر المرض وتشجيع النساء على إجراء الفحوصات. واستهدفت الحملة التي اختير لها شعار "خليكي بحياتي.. إفحصي"، أمومة النساء. وترى مديرة برنامج سرطان الثدي نسرين قطامش أن شعار الحملة يساهم في تشجيع النساء على الخضوع للفحص المبكر، من خلال التأثير على عاطفتهن تجاه أطفالهن.
اقرأ أيضاً: شهر زهريّ للتوعية حول سرطان الثدي