أربعة أفلام عربيّة قصيرة في "زاوية" القاهرة

08 يونيو 2016
فيلم إيلي داغر "موج 98" (Getty)
+ الخط -
خلال الأسبوع الماضي، قامت قاعة سينما "زاوية"، في القاهرة، بعرض أربعة أفلام عربية قصيرة ضمن برنامج واحد في حفلة ليوم واحد. وكانت الأفلام: التونسي "غصرة" لجميل نجار، الفلسطيني "السلام عليك يا مريم" لباسل خليل، اللبناني "موج 98" لإيلي داغر، والمصري "حار جاف صيفاً" لشريف البنداري. ويمثل العرض فرصة مثالية لمشاهدة أفلام قصيرة.
من الجدير بالذكر، أنّ فيلم "السلام عليك يا مريم"، رُشِّح لأوسكار أفضل فيلم قصير في العام الماضي، كذلك فاز فيلم "موج 98" بالسعفة الذهبية لمهرجان "كان" كأحسن فيلم قصير. الأمر الذي يضعنا في الصورة عن "الهم السياسي" الذي يشغل بال صناع السينما العربية، فمن بين الأفلام الأربعة، دارت ثلاثة أفلام في ميادين السياسة.

فيلم "غصرة" التونسي، يتناول حكاية هزلية في مكان واحد مفتوح، لشاب تونسي يتوقف بسيارته من أجل التبوّل في طريق السفر، حيث يلتقي أثناء ذلك بأشخاص مختلفين يمثّلون شرائح المجتمع التونسي، كمرشح انتخابي يتحدّث عن حملته السياسية، وفتاة جميلة تسأل عن الطريق، "ألتراس" وجمهور فريق "الترجي" التونسي. ومجموعة من أصحاب اللحى المسلحين، وأخيراً، الشرطة التي تقبض عليه. يحاول الفيلم أن يقدم صورة كاريكاتيرية، ولكن الأمر جاء فجّاً للغاية من خلال النماذج التي يستعرضها، وأقرب ربما لفقرة في برنامج كوميدي عربي، بدلاً من أن يكون فيلماً سينمائياً.

الفيلم الثاني، كان "السلام عليك يا مريم"، ويحاول التقاط العلاقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين من خلال موقف هزلي أيضاً. حيث تتعطّل سيارة عائلة من المستوطنين الإسرائيليين أمام دير يعيش فيه 5 راهبات فلسطينيات، وأمام رغبة كل طرف في التخلص من الآخر يبدأ كل طرف في كسر قواعده الدينية، الراهبات في عدم الكلام، والمستوطنون اليهود في استخدام الأجهزة التكنولوجية يوم السبت!. بدا مخرج الفيلم، باسل خليل، مكتفياً من الإرث السينمائي في بلاده، الذي يتعامل، غالباً، مع قضية الاحتلال بطرح المواقف السينمائيّة بشكل متحرر من حمل الشخصيات التاريخية أو موازين القوى المفترضة، وحاول الفيلم أن يظل "بعيداً عن أولويّة السياسة"، حسب تعبير المخرج عند عرض الفيلم قبل عام. ولكن، ورغم ذلك، ظل الفيلم يحمل رسالة ما، وظهرت شخصيّاته معبرة عن مواقف وليس عن أفراد، ليفقد حالة الخصوصية التي أرادها.


الفيلم الثالث، هو الفيلم اللبناني "موج 98"، وهو أفضل أفلام العرض، وأحد منجزات السينما العربية في السنوات الأخيرة، حيث قرر مخرجه تصويره بشكل حي، قبل أن يحوله إلى رسوم متحركة على الكمبيوتر، مثل أفلام عالمية كـWaking Life مثلاً، وكانت النتيجة مدهشة فعلاً. حيث يتناول الفيلم علاقة الفرد بالمدينة، وحالة السأم التي يشعرها الشاب عمر عند النظر إلى بيروت، فيبدأ في حلم يقظة طويل يقود فيه عملاقاً ذهبياً ليحكم عالمه. يحمل الفيلم مشاعر صادقة جداً لمخرجه تجاه مدينته الأم، يتجاوز توصيف اللحظة السياسية، أو الأسباب التي تجعله يمر بتلك الحالة من المساءلة والغضب. ويتناول تحديداً ذلك الشعور الذي يجمع الكثير من الشباب العربي ببلدانهم في تلك اللحظة، لذلك بدا الفيلم عالمياً ومتجاوزاً للبنانيته، نحو إنجاز الفوز بالسعفة الذهبية في "كان".


أما الفيلم الأخير، فهو "حار جاف صيفاً" لشريف البنداري، وهو الفيلم الوحيد الذي لا يحمل هماً سياسياً، ويتحرّك فقط بدوافع تخص شخصياته، حيث رجل عجوز مصاب بالسرطان، ويبدو في أيامه الأخيرة، وأثناء ذهابه إلى الطبيب في سيارة تاكسي، تتقاطع حياته مع فتاة في ليلة زفافها. يحاول البنداري، في فيلمه القصير الرابع، أن يلتقط حالة من ألفة الغرباء وطيبتهم تجاه بعضهم، وتحويل لحظة الازدحام والضغط في المدينة إلى لحظة فاتنة من التناغم، يتم الاحتفال فيها بالفتاة والرجل العجوز الذي صار والدها ليوم واحد فقط.
المساهمون