06 مايو 2016
أخوة داريّا ودير الزور
أحمد أبو الجود (سورية)
كان للثورة السورية أن تُصبَغ بالمتروكية والإزدراء، لتكون هي سرديتها ومظلوميتها وعلامتها التي تميّزها عن باقي القضايا التي يلتقي عندها كل أحرار العالم، فتعرف نَسبَك الثوري بذلك، إذا ما أحسست أنك مُزْدَرَى إلا من أعدائك.
في الحديث عن المتروكيّة الديرانيّة (نسبةً إلى داريّا، أيقونة الثورة، وعنواننا الذي نفتخر) حدثَ مرّةً أن كتب أحد أبنائها ممن تركها مكرهاً، باتجاه الشمال السوري، مستغرباً وجود مضاد للطيران الحربي من عيار 23 مم، يضرب مواقعاً للنظام السوري، بالقول: من المفرح أن ترى بأم عينك مضاداً يرمي أهدافاً للأسد، لا يضربنا "نحن"، كما عهدنا هذا المشهد في داريّا؟!
لتفهم من هذه الكلمات البسيطة، أن مقاتلي داريّا كانوا قد جابهوا طيلة أربعة أعوام أعداء الثورة أجمع، من الفرقة الرابعة ووحدات الحرس الجمهوري التابعة لعصابة الأسد والمليشيات الإيرانية والمرتزقة الأفغانية وحزب الله اللبناني، وقضوا شهداء من دون تقدّم العدو على أرضهم شبراً واحداً، في حين أنّهم كانوا يستخدمون بصدّهم لكل أعداء الأرض البنادق (الكلاشينكوف) فقط، والتي تصنف ضمن الأسلحة الخفيفة، ولم يحدث مرّةً أن رأوا مضاداً كالذي في الشمال، يساندهم في المعارك، إذ لو توفر هذا المضاد، وبضع رصاصات أخرى، لما شهد التاريخ التغريبة الديرانية، وانتهاء أسطورتها على أرضها، ولَبَقيت عصيّةً لأكثر من أربعة أعوام.. حتى النصر!
الأمر نفسه ما حدث في دير الزور، وإن لم يكن مشابهاً بالكامل، فبعد تحرير جسر السياسية وفرع الأمن السياسي في شهر مارس/ آذار من العام 2013، والذي يعد (الجسر) مدخل المدينة الشمالي، والوحيد إذّاك، بعدما كانت مُحاصَرةً من الجبل الذي يُطل عليها، ومن النهر في الجهة المقابلة، كان يحدث أن نذهب، خارج المدينة، متجهين نحو القرى القريبة ومدينة الميادين، لقضاء بعض الحاجات التي نسينا كيفية فعلها في العام الذي سبق، فيحدث أن يبقى فمنا فاغراً طوال فترة السفر، لما نراه من مناظر لم نعتدها في الدير المدينة التي تُقصف بالدقيقة وقتها، في حين أنّ كامل الريف الديري ينعم بالعمران والأسواق التجاريّة واستخراج النفط، وسيادة الحياة الباردة فيها، ولا نرى منهم تقديراً لما يحدث في الدير من شيء جلل، سوى استغرابهم من لحانا الطويلة ومناظر ثيابنا المُهْمَلَة.
مذاك الوقت تشكّل شرخٌ ما بين الريف والمدينة، إذ أنّ بضع مئات من الشباب كانوا يقاتلون في مدينة دير الزور، محاصرين بين الجبل والنهر عن كامل المحافظة، بما فيها الريف العامر، ولا يكترث أحد لهذه الحقيقة، التي لو انقلبت لطال الموت والقصف كامل الريف، من دون أن يستثني أحداً من أبناء المحافظة.
في الحديث عن المتروكيّة الديرانيّة (نسبةً إلى داريّا، أيقونة الثورة، وعنواننا الذي نفتخر) حدثَ مرّةً أن كتب أحد أبنائها ممن تركها مكرهاً، باتجاه الشمال السوري، مستغرباً وجود مضاد للطيران الحربي من عيار 23 مم، يضرب مواقعاً للنظام السوري، بالقول: من المفرح أن ترى بأم عينك مضاداً يرمي أهدافاً للأسد، لا يضربنا "نحن"، كما عهدنا هذا المشهد في داريّا؟!
لتفهم من هذه الكلمات البسيطة، أن مقاتلي داريّا كانوا قد جابهوا طيلة أربعة أعوام أعداء الثورة أجمع، من الفرقة الرابعة ووحدات الحرس الجمهوري التابعة لعصابة الأسد والمليشيات الإيرانية والمرتزقة الأفغانية وحزب الله اللبناني، وقضوا شهداء من دون تقدّم العدو على أرضهم شبراً واحداً، في حين أنّهم كانوا يستخدمون بصدّهم لكل أعداء الأرض البنادق (الكلاشينكوف) فقط، والتي تصنف ضمن الأسلحة الخفيفة، ولم يحدث مرّةً أن رأوا مضاداً كالذي في الشمال، يساندهم في المعارك، إذ لو توفر هذا المضاد، وبضع رصاصات أخرى، لما شهد التاريخ التغريبة الديرانية، وانتهاء أسطورتها على أرضها، ولَبَقيت عصيّةً لأكثر من أربعة أعوام.. حتى النصر!
الأمر نفسه ما حدث في دير الزور، وإن لم يكن مشابهاً بالكامل، فبعد تحرير جسر السياسية وفرع الأمن السياسي في شهر مارس/ آذار من العام 2013، والذي يعد (الجسر) مدخل المدينة الشمالي، والوحيد إذّاك، بعدما كانت مُحاصَرةً من الجبل الذي يُطل عليها، ومن النهر في الجهة المقابلة، كان يحدث أن نذهب، خارج المدينة، متجهين نحو القرى القريبة ومدينة الميادين، لقضاء بعض الحاجات التي نسينا كيفية فعلها في العام الذي سبق، فيحدث أن يبقى فمنا فاغراً طوال فترة السفر، لما نراه من مناظر لم نعتدها في الدير المدينة التي تُقصف بالدقيقة وقتها، في حين أنّ كامل الريف الديري ينعم بالعمران والأسواق التجاريّة واستخراج النفط، وسيادة الحياة الباردة فيها، ولا نرى منهم تقديراً لما يحدث في الدير من شيء جلل، سوى استغرابهم من لحانا الطويلة ومناظر ثيابنا المُهْمَلَة.
مذاك الوقت تشكّل شرخٌ ما بين الريف والمدينة، إذ أنّ بضع مئات من الشباب كانوا يقاتلون في مدينة دير الزور، محاصرين بين الجبل والنهر عن كامل المحافظة، بما فيها الريف العامر، ولا يكترث أحد لهذه الحقيقة، التي لو انقلبت لطال الموت والقصف كامل الريف، من دون أن يستثني أحداً من أبناء المحافظة.
مقالات أخرى
05 مارس 2016
05 يناير 2016
12 نوفمبر 2015