أحمد ياسين... فلسطين على ألواح الصبّار

12 يوليو 2018
يواجه صعوبات بسبب امتلاء الصبار بالأشواك (فيسبوك)
+ الخط -
لم يتوقف الفلسطيني، أحمد ياسين، عن ممارسة هوايته التي عُرف من خلالها، ولفت انتباه الناس لها، عندما نحت على ألواح الصبار، صوراً ذكرت الناس بالنكبة الفلسطينية، وعززت من فكرة الصمود وعدم الانكسار أمام المحتل على مدار سنين طويلة.

ابتكر ياسين، والذي يعيش في بلدة عصيرة الشمالية إلى الشمال من مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، فكرة جديدة، أضافها إلى عالم الفن الذي يبدع فيه، وهي نحت مجسمات إسمنتية تحت ألواح الصبار المنتشر في محيط بلدته، وما كان مميزا في فكرته، أنه نحت مجسمات لأطفال ماتوا خلال الحروب المندلعة في منطقة حوض المتوسط.
يقول ياسين في حديثه لـ"العربي الجديد": "بدأت بهذه الفكرة، وهي الخطوة الأولى لسلسلة مشاريع فنية، سأتحدث من خلالها عن الحروب والمعارك التي تدور في منطقة الشرق الأوسط، التي يروح فيها أعداد كبيرة من الضحايا، وكان مشهد انتشال الشهداء من تحت الأنقاض على شاشات التلفزة في العديد من الأماكن التي تشهد عنفا وحروبا، مؤثرا جدا، حيث ولدت لدي فكرة أن أنحت على الإسمنت، تحت أشجار الصبار".
وأضاف: "لدي فكرة محلية أقوم بتنفيذها في هذا النحت، تحكي عن معاناة شعبنا في غزة، وهي أيضا تمثل رسالة للعالم كله، لتوضح ما يجري في المنطقة، من خلال منحوتة عند شجرة الصبار التي يفهم مغزاها العالم بشكل واضح".
نحت ياسين قبل أسبوع، مجسمين لطفلين جسد فيهما موت أطفال كثر، تحت أنقاض بيوتهم المهدمة، ولوحة أخرى رسمها بألوانه الزيتية على لوح صبار يابس، أظهر فيها طفلا ثالثا أيضا مات بسبب الحرب، وأطلق عليها اسم "تحت أنقاض الصبار".
وأوضح أنه حاول تغيير اسم الكلمة، فبدلا من القول تحت أنقاض المنازل، صارت تحت أنقاض الصبار، مع الإشارة إلى أن لوح الصبار الميت أو المتيبس، يخرج منه ألواح صبار جديدة، خاصة أن ألواح الصبار تتجدد في هذه الأيام.
يحاول ياسين، وعلى الرغم من موت الأطفال تحت الأنقاض في الحروب، في فلسطين وسورية، أن يبرق رسالة أمل وحياة للأجيال الجديدة من خلال منحوتاته ورسوماته، مؤكدا على أنه سيبقي هذه المنحوتات على ما هي عليه مكانها، ولن يزيلها، كما تنتشل فرق الإسعاف الأطفال ومن ثم يتم دفنها، حيث سيترك منحوتاته إلى الأبد كي تظل شاهدا على الحرب وجرائمها، وفق ما يقوله ياسين لـ"العربي الجديد".
هذان المجسمان، والرسمة للأطفال، هي الخطوة الأولى للفنان ياسين، في سلسلة مشاريع تحاكي الأنقاض والموت الذي تتسبب فيه الحروب، فمن المخططات التي سيبدأ قريبا في العمل عليها، تجسيد موت الأطفال والناس خلال طريق هجرتهم وهروبهم من الحروب إلى الموت في البحر في حوض البحر الأبيض المتوسط.
يعمل ياسين معيدا في كلية الفنون بجامعة النجاح الوطنية التي درس فيها وتخرج منها منذ نحو سنتين، وما يدفعه لرسم مثل هذه اللوحات التي تعبر عن طابع سياسي يدور في المنطقة، هو متابعته للأخبار وما يجري، مشيرا إلى أن حالة من الغضب والحزن تصيبه عند رؤية الأطفال وهم موتى بسبب الحروب والعنف الدائر في المنطقة، ويقول: "أنا أعبر قليلا عن غضبي من خلال هذه المنحوتات، خاصة أنها نحت على صخور ورسم على ألواح الصبار، فلو كانت على لوحة رسم عادية، لن تعبر عن الفكرة كما هي عليه في شكلها الجديد هذا".
ولا شك بأن هناك العديد من الصعوبات التي يواجهها ياسين خلال عملية النحت والرسم، حيث إن نبتة الصبار، نبتة مليئة بالأشواك ومن الصعب الدخول إليها، لكن ياسين حاول أن يتغلب عليها، واستطاع ذلك من أجل تنفيذ فكرته، لكنه واجه صعوبات في الحركة والتصوير والرسم، حتى استطاع إنجاز لوحاته.
ويسعى ياسين إلى تتويج فكرة الرسم على الصبار والنحت على الألواح، بمعرض يضم العديد من أعماله، يخرج عن نطاق الأربعة جدران والغرف المغلقة التي تنفذ فيها المعارض، وأن يكون المعرض في الطبيعة نفسها، يجلب الناس من كل المناطق للنظر إلى الأعمال الفنية الجديدة والمبتكرة.
دلالات
المساهمون