أحمد نوّار.. ذاكرة الحرب والفن بعد العبور

13 مارس 2020
من المعرض
+ الخط -

من قناص للطيور في بلدته المصرية، إلى قناص في حرب الاستنزاف، هكذا كانت حياة الفنان المصري أحمد نوّار (1945)، قبل أن يصبح أحد المجددين البارزين في الحركة التشكيلية المصرية.

لكن نهاية الحرب، لم تعن انفصال الفنان عن ذاكرته فيها، فقد تحوّلت الحرب إلى موضوع أساسي في أعماله التشكيلية، ليذكرنا بتجربة الألماني أوتو ديكس وكثير من الفنانين الذين شاركوا في الحربين العالميتين أو الحروب الأهلية المختلفة، ثم أصبحت هذه ثيمة فنهم، حيث ظلت صور الجنود والضحايا والأسلحة حاضرة في أعمالهم ربما لأنها لم تغادر ذاكرتهم.

يقيم "غاليري ضي" في القاهرة، حالياً وحتى نهاية الشهر الجاري، معرضاً للفنان تحت عنوان "بين الحرب والقناع" وكان الغاليري قد أطلق مع افتتاح المعرض كتاباً عن تجربته من تأليف الناقد مصطفى عيسى وتصميم شروق قنديل، ضمن سلسلة يصدرها "ضي" تتناول تجارب الفنانين المؤثرين في الفن المصري الحديث والمعاصر.

يتيح المعرض مشاهدة لوحات من تجارب قديمة عرضت قبلاً وأخرى جديدة للفنان، ومعظمها تصوّر الحرب، بعضها ملونة بألوان قوية يغلب عليها الأحمر بتدرجات مختلفة والبرتقالي والأزرق، وبعضها يكتفي باللونين الأبيض والأسود، ومن عناوين اللوحات الحاضرة "معزوفة النصر"، و"معزوفة الشهيد" وهي أعمال تتناول حرب الاستنزاف وأكتوبر وتحطيم خط بارليف والعبور.

لا تظهر الحرب في أعمال نوّار كما ألفناها، يعطي الفنان مسحة هندسية وتقنية لعالم العنف، طيارات وصورايخ وقنابل يفككها أمامنا في اللوحات كأنها قطع ليغو، ويبتعد عن العنصر الإنساني قدر المستطاع عن اللوحات، أو يحضر فيها كيد خفية تحرك الأشياء، أو يحضر أحياناً كشبح، وكأنه بذلك يريد أن يقول إن الحرب لا إنسانية، إنها آلة قتل فقط، فلنتأمل هذه الآلة التي بمقدورها تدمير العالم.

تجربة نوّار الممتدة على أربعين عاماً أخذت مسارات مختلفة، إنه رحالة أيضاً قطع مسافة سبعة آلاف كيلومتر في رحلة امتدت من مصر إلى قبرص فلبنان وسورية والأردن وصولاً إلى القدس الشرقية، وكان عمره آنذاك 21 عاماً، قطعها مشياً وبحراً وراكباً في سيارات عابرة على الطرق هنا وهناك، وكتب عن حياة الرحلة هذه في سيرته الذاتية "عين الصقر".

يعتمد نوار الذي أكمل دراساته العليا في الفنون من "أكاديمية سانت فرناندو" في مدريد (1975) بشكل أساسي على الزوايا الحادة والخطوط والأشكال الهندسية ليرسم علاقة الإنسان بما حوله من جهة، وعلاقة الفنان بذاكرته من جهة أخرى، ومعرض "بين الحرب والقناع" يتيح تأمل هذه التجربة من نواحيها المختلفة.

المساهمون