أحمد خالد توفيق... وداعاً أيها الغريب
كانت سلسلة (ما وراء الطبيعة) ببطلها الشيخ المسن رفعت إسماعيل هي النافذة السحرية التي أسافر من خلالها إلى عوالم ما كنت لأكتشفها أنا الطفلة الملتحفة بشتاء صنعاء القارس منتصف تسعينيات القرن الماضي.
كانت قراءة روايات أحمد خالد توفيق متعة ما بعدها متعة، سواء كانت لي أو لصديقاتي اللاتي اعتدت معهن على مناقشة كل رواية، وكل شخصية، بل وكل تشبيه ساخر يبهرنا به رفعت. ثم تعرفنا بعدها إلى عبير عبد الرحمن، الشابة الأقل من عادية التي قدمها لنا أحمد خالد توفيق ليُشعر كل فتاة مراهقة وقتها أن التميز يكمن في داخلنا حيث خيالاتنا اللامتناهية، عشنا (فنتازيا) عبير عبد الرحمن كما عشنا عوالم رفعت المرعبة. لنتعرف بعدها على د. علاء عبد العظيم بمغامراته وسط أدغال إفريقيا ومعلوماته الطبية المثيرة التي كان من المستحيل أن يتم تقديمها للمراهقين بتلك السلاسة والبساطة التي قدمها لنا فيها توفيق.
أحمد خالد توفيق لم يكن مجرد روائي عادي يقدم لقرائه روايات مثيرة، وإنما كان مدرسا وأستاذا، قدم لنا موسوعات من العلم والمعرفة عن الميتافيزيقيا والأدب والطب، تلك المعلومات التي كانت بذرة معرفتي ومعرفة جيل كامل بعالم النجوم ولوسيفر وصندوق باندورا ورأس ميدوسا وحكايات التاروت ..الخ.
حتى الأساطير الإغريقية والروايات العالمية قدمها لنا أحمد خالد توفيق ضمن سلسلة فنتازيا كوجبة تعليمية دسمة كنت أفضلها على منهجنا الدراسي التعيس حيث كنت أخفي رواياته داخل كتب المدرسة لأستطيع الانسجام بعوالمه بدون مقاطعة أمي لي وهي تدعوني للمذاكرة!
أتذكر جيداً دهشة مدرس اللغة الإنكليزية حين أخبرته إني أنوي كتابة بحث تخرجي من كورس اللغة الإنكليزية عن شاعر الرعب إدغار آلان بو. كان أستاذي مبهوراً كيف لفتاة في الثامنة عشرة حينها أن تكون على دراية بل ومولعة بإدغار آلان بو، وكنت أنا في المقابل متعجبة كيف لا يعرف أستاذي بحقيقة أن أحمد خالد توفيق هو من عرفنا ببو منذ زمن.
منذ ما يقارب عشرة أعوام وحتى اليوم ما زالت تطاردني فكرة رواية (يوتوبيا) بتفاصيلها المرعبة القابلة للتحقق في المستقبل القريب، وحتى اليوم ما زالت الصورة الذهنية التي رسمتها في ذهني لبطلة رواية (السنجة) لا تفارق مخيلتي، وبالرغم من بؤس هاتين الروايتين، إلا أنني كلما شعرت بإحباط من واقعنا الشبيه بواقع تلك الروايتين كنت أجدني أتوجه إلى قراءة مجموعات مقالاته الساخرة (ضحكات كئيبة) و(شاي بالنعناع) و(فقاقيع) ..إلخ.
في 2014 كان مجموع ما صدر من سلسلة ما وراء الطبيعة 80 رواية، قرأت منها 79 ولم أستطع قراءة آخر رواية (أسطورة الأساطير) بجزأيها حين علمت أن رفعت إسماعيل سيتوفى فيها، لم أستطع تخيل أن السلسلة التي قرأتها على مدار عشرين عاما ستنتهي وارتأيت أن أنتظر وأنتظر وأنتظر حتى اليوم الذي أجدني فيه باكية أبحث عن الأسطورة الأخيرة..
وداعا أيها الغريب
كانت إقامتك قصيرة، لكنها كانت رائعة
عسى أن تجد جنتك التي فتشت عنها كثيراً
وداعا أيها الغريب
كانت زيارتك رقصة من رقصات الظل
قطرة من قطرات الندى قبل شروق الشمس
لحناً سمعناه لثوان من الدغل
ثم هززنا رؤوسنا وقلنا إننا توهمناه
وداعا أيها الغريب
لكن كل شيء ينتهي!
كانت قراءة روايات أحمد خالد توفيق متعة ما بعدها متعة، سواء كانت لي أو لصديقاتي اللاتي اعتدت معهن على مناقشة كل رواية، وكل شخصية، بل وكل تشبيه ساخر يبهرنا به رفعت. ثم تعرفنا بعدها إلى عبير عبد الرحمن، الشابة الأقل من عادية التي قدمها لنا أحمد خالد توفيق ليُشعر كل فتاة مراهقة وقتها أن التميز يكمن في داخلنا حيث خيالاتنا اللامتناهية، عشنا (فنتازيا) عبير عبد الرحمن كما عشنا عوالم رفعت المرعبة. لنتعرف بعدها على د. علاء عبد العظيم بمغامراته وسط أدغال إفريقيا ومعلوماته الطبية المثيرة التي كان من المستحيل أن يتم تقديمها للمراهقين بتلك السلاسة والبساطة التي قدمها لنا فيها توفيق.
أحمد خالد توفيق لم يكن مجرد روائي عادي يقدم لقرائه روايات مثيرة، وإنما كان مدرسا وأستاذا، قدم لنا موسوعات من العلم والمعرفة عن الميتافيزيقيا والأدب والطب، تلك المعلومات التي كانت بذرة معرفتي ومعرفة جيل كامل بعالم النجوم ولوسيفر وصندوق باندورا ورأس ميدوسا وحكايات التاروت ..الخ.
حتى الأساطير الإغريقية والروايات العالمية قدمها لنا أحمد خالد توفيق ضمن سلسلة فنتازيا كوجبة تعليمية دسمة كنت أفضلها على منهجنا الدراسي التعيس حيث كنت أخفي رواياته داخل كتب المدرسة لأستطيع الانسجام بعوالمه بدون مقاطعة أمي لي وهي تدعوني للمذاكرة!
أتذكر جيداً دهشة مدرس اللغة الإنكليزية حين أخبرته إني أنوي كتابة بحث تخرجي من كورس اللغة الإنكليزية عن شاعر الرعب إدغار آلان بو. كان أستاذي مبهوراً كيف لفتاة في الثامنة عشرة حينها أن تكون على دراية بل ومولعة بإدغار آلان بو، وكنت أنا في المقابل متعجبة كيف لا يعرف أستاذي بحقيقة أن أحمد خالد توفيق هو من عرفنا ببو منذ زمن.
منذ ما يقارب عشرة أعوام وحتى اليوم ما زالت تطاردني فكرة رواية (يوتوبيا) بتفاصيلها المرعبة القابلة للتحقق في المستقبل القريب، وحتى اليوم ما زالت الصورة الذهنية التي رسمتها في ذهني لبطلة رواية (السنجة) لا تفارق مخيلتي، وبالرغم من بؤس هاتين الروايتين، إلا أنني كلما شعرت بإحباط من واقعنا الشبيه بواقع تلك الروايتين كنت أجدني أتوجه إلى قراءة مجموعات مقالاته الساخرة (ضحكات كئيبة) و(شاي بالنعناع) و(فقاقيع) ..إلخ.
في 2014 كان مجموع ما صدر من سلسلة ما وراء الطبيعة 80 رواية، قرأت منها 79 ولم أستطع قراءة آخر رواية (أسطورة الأساطير) بجزأيها حين علمت أن رفعت إسماعيل سيتوفى فيها، لم أستطع تخيل أن السلسلة التي قرأتها على مدار عشرين عاما ستنتهي وارتأيت أن أنتظر وأنتظر وأنتظر حتى اليوم الذي أجدني فيه باكية أبحث عن الأسطورة الأخيرة..
وداعا أيها الغريب
كانت إقامتك قصيرة، لكنها كانت رائعة
عسى أن تجد جنتك التي فتشت عنها كثيراً
وداعا أيها الغريب
كانت زيارتك رقصة من رقصات الظل
قطرة من قطرات الندى قبل شروق الشمس
لحناً سمعناه لثوان من الدغل
ثم هززنا رؤوسنا وقلنا إننا توهمناه
وداعا أيها الغريب
لكن كل شيء ينتهي!