أبو فلسطين صاحب عربة الفواكة يرحل شهيداً

14 نوفمبر 2015
الشهيد سليمان شاهين ( العربي الجديد)
+ الخط -



رحل الشاب الأسمر، صاحب بسطة أو عربة الفواكه، في سوق الخضار وسط مدينة رام الله، وسيفقد السوق صوته الحاد، وهو ينادي زبائنه لشراء الرمان والتوت الأرضي. رحل سليمان شاهين أو كما يعرفه زملاؤه وزبائنه في السوق بـ"أبو فلسطين"، ليلتحق بكوكبة شهداء فلسطين في الهبة الشعبية الفلسطينية.

تبدو البساطة واضحة على عائلة الشهيد سليمان، فعرق جبينهم وكدهم وعملهم في السوق هو مصدر رزقهم الوحيد، وقد كان الشهيد سليمان عمود البيت، يصرف عليهم مما تيسر له في يومه المُتعب في زحمة السوق اليومية.

الشهيد سليمان شاهين (22 عاما) استشهد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد تنفيذه عملية دهس قتل فيها جندي وأصاب أربعة، عند حاجز زعترة العسكري جنوب مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.

أسرة الشهيد تتكون من ثمانية أفراد، لاجئون من مدينة الرملة المحتلة عام 1948، سكنوا مخيم الأمعري في مدينة البيرة، وتزوج الشهيد قبل عام ونصف العام، وأنجب طفلة أسماها "فلسطين" وضحى بروحه لأجل فلسطين الوطن.

اقرأ أيضاً: "بهمش" يا عرب

يقول والد الشهيد مفتخراً بابنه، وعمله البطولي كما وصفه لـ"العربي الجديد": "لقد شرفنا سليمان ورفع رؤوسنا عاليا، وسنبقى نعتز ونفتخر بعملية الشهيد ابننا". ويتابع "حاول جنود الاحتلال رغم سوء حالتي الصحية، بعد سماع نبأ استشهاد ابني، أن يهينوني ويذلوني. استدعاني ضابط المنطقة للحضور إلى معتقل "عوفر" غرب مدينة رام الله، وتركوني أسير مشياً لمسافة طويلة جداً، وحاولوا استفزازي، وعندما تركوني بعد ساعات من الاحتجاز، أطلقوا علي الكلاب".

أخرج والد الشهيد من جيبه "كمبيالة" سند ديْن على العائلة كان المفترض أن تُدفع في أول شهر نوفمبر/تشرين الثاني، قال: "الله يرحمو سليمان دفعها عني قبل استشهاده بأيام، مضيفاً: "كان سليمان عمود البيت، لي ثمانية أبناء، لا أعتمد على أحد منهم كما أعتمد على سليمان رحمه الله، كان (جدع) ونشيط لا يؤجل عمل اليوم إلى الغد".

عساف ابن عم الشهيد يستذكر لـ"العربي الجديد" آخر أيام سليمان: "بكفي إنو صلى آخر أيام حياته"، لقد قال لنا إمام المسجد أنه رآه يصلي الفجر يوم استشهاده، كان في كل صباح يرتب فرش بسطته، ويرتب بضاعته عليها بعد تنظيفها، يجمع زملاء مهنته حوله لتناول طعام الإفطار معاً، يمازح الجميع ويحبه زبائن السوق، خدوم يساعد الجميع ولا يتوانى عن تقديم المساعدة لمن يطلبها.

اقرأ أيضاً: فلسطين.. تأجيل إخلاء قرية رمية الجليلية

قبل استشهاد سليمان بأيام تغيرت تصرفاته، كما يقول ابن عمه، ويضيف: دخل إلى المنزل حمل ابنته فلسطين (7 شهور) قبلها وداعبها، وأوصى أمه وزوجته أن يطعموها حليب الشوكولاته الذي تحبه في حال غيابه عن المنزل.




مسؤول سوق الخضار يقول لـ"العربي الجديد": أتألم كثيرا كلما نظرت نحو بسطته، قررت إزالتها، لكني لم أستطع وغادرت المكان بسرعة".

تبلغ والد الشهيد سليمان في بيت العزاء وسط مدينة البيرة، عبر هاتفه أن " جيش الاحتلال الإسرائيلي يحاصر بيت العزاء الخاص بالنساء شمال البيرة". دقائق ودخل شاب راكضاً، يقول إن جنود الاحتلال قريبون جدا، وسُمع صوت انفجار قنبلتين صوتيتين، فقال عم الشهيد للحاضرين "لا تتحركوا حتى يذهب الكلاب من هنا".

استشهاد سليمان كما يقول والده، أجمل طريقة يختم فيها الإنسان حياته، في سبيل المسجد الأقصى، وهذا أغلى ما نملك لنقدمه للوطن، أرواحنا نهديها رخيصة لله والوطن.

اقرأ أيضاً: الشيخ زياد اهليل.. قصة صمود وتحدٍ في وجه الاحتلال

المساهمون