أبو عيطة.. ثائر خرج ولم يعد

01 مايو 2014
ابو عيطة بريشة الفنان عماد حجاج
+ الخط -

 

منذ ثورة 25 يناير، وحتى اليوم، مر على وزارة القوى العاملة والهجرة، وزراء من كل الأطياف السياسية، منهم "الفلول" المنتمون لنظام مبارك المخلوع، ومنهم المنتمون للجناح الثوري –الينايري-، ومنهم المنتمون لجماعة الإخوان المسلمين، فضلًا عن عدد من أستاذة الجامعة ووكلاء الوزارة.

ولكن اليوم، في عيد العمال الرابع بعد ثورة يناير، كان لا بد من التوقف أمام محطة كان من الممكن أن تكون فارقة في مصير عمال مصر، ألا وهي: تولي المناضل العمالي، كمال أبو عيطة، مهام الوزارة في حكومة حازم الببلاوي السابقة، نظراً لقيادته أشهر وأبرز الإضرابات العمالية في مصروهو إضراب موظفي الضرائب العقارية، الذي اعتبره البعض البروفة شبه المكتملة لثورة يناير، ولأنه مؤسس أول نقابة عمالية في مصر، وأول اتحاد عمالي مستقل.

والوقوف أمام محطة "أبو عيطة" أيضاً يأتي من منطلق إمكانية تقييم تجربته التي انتهت بعد ثمانية أشهر، ولأن الأنظار كانت تحيط بالوزير "الثوري" الذي وعد كثيراً، ثم وجد العمال وعوده سراباً.

فعندما تولى  أبو عيطة الوزارة قال إنه جاء لينفّذ ملفات "إصدار قانون الحريات النقابية، وعودة العمال المفصولين وتطبيق الحد الأدنى للأجور". لكن الملف لا يزال مفتوحاً بلا حل رغم خروج ابو عيطة من الوزارة بلا أي انجاز ثوري أو عمالي.

تقول الناشطة العمالية وعضو المكتب التنفيذي بالاتحاد المصري للنقابات المستقلة، فاطمة رمضان، إنه لا يمكن تقييم أداء وزير القوى العاملة والهجرة السابق، كمال أبو عيطة في معزل عن أداء الحكومة بشكل عام.

وفسرت رمضان حديثها قائلة "هل نفذت هذه الحكومة مطالب الثورة أم لا؟" قاصدة حكومة حازم الببلاوي المستقيلة، مجيبة على تساؤلها "في الحقيقة هذه الحكومة لم تنفذ مطالب الثورة، فعلى مستوى الحريات كان الأداء الحكومي على درجة عالية من القمع والقتل الوحشي كما شاهدنا في فض اعتصامي النهضة ورابعة العدوية".
وعلى مستوى العدالة الاجتماعية والعيش، يمكن أن نرى في الإضرابات العمالية والمهنية المستشرية في البلد الرد العملي على اي تساؤل عن أداء حكومة الببلاوي ومن ضمنها الوزير الثوري العمالي على هذا الجزئية".

أما في ما يتعلق بأداء وزارة العمل بشكل خاص، فإن أداءها كان "سيئاً للغاية" وزادت حالة القطيعة بين العمال والحكومة مرة أخرى، بحسب رمضان.
وعلى مستوى القوانين، "لم تصدر وزارة القوى العاملة قانون الحريات النقابية الذي تعهده أبو عيطة بمجرد توليه الوزارة، كما أعد مسودة لقانون العمل الحالي، هي في الحقيقة أسوأ كثيراً من قانون العمل نفسه الذي يطالب العمال بتغييره".

وعن عودة العمال المفصولين وإعادة الشركات الحاصلة على أحكام قضائية واجبة النفاذ للقطاع العام، أكدت رمضان أنه لم يعد عامل واحد مفصول تعسفياً إلى عمله، كما لم تنفذ الحكومة أحكام القضاء، بل على العكس، فالحكومة اتبعت منهج تشجيع المستثمرين على حساب العمال وحقوقهم، واختلت موازين القوى لصالح رجال الأعمال، على حد قولها.

واستشهدت الناشطة العمالية بموقف رئيس اتحاد الشغل التونسي، الذي عرضوا عليه رئاسة الدولة، وليس فقط تولي وزارة، ولكنه رفض متمسكاً بدوره النقابي في الضغط والنضال من أجل الحصول على مطالب زملائه العاملين، في إطار حديثها عن عدم اكتراثها بما إذا جاء وزير القوى العاملة والهجرة من الحقل النقابي أو من الحقل السياسي.

ولكن على الرغم من هتافه الشهير "مطالبنا حد أدنى، 180 ورقة بمدنة"، أي 1800 جنيه، إلا أنه اكتفى مع حكومته بإصدار قرار بحد أدنى للأجور 1200 جنيه، ولا يزال تنفيذ القرار متعثراً حتى اليوم، رغم عدم شموله العاملين في القطاع الخاص وقطاع الأعمال العام.

ورغم مشاركته في إعداد مشروع قانون الحريات النقابية، إلا أن العمال في مصر لا يزالون حتى اليوم يعملون تحت طائلة قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، الذي لقبه بنفسه بـ"القانون سيئ السمعة" نظراً لإهداره حقوق العمال.

ورغم وعوده المتكررة بعودة العمال المفصولين، إلا أن عاملاً مفصولاً واحداً لم يعد إلى عمله في عهد الوزير الثوري، كما قالت رمضان.

كمال أبو عيطة كان مناضلاً عمالياً قاد مجموعة من النضالات والإضرابات العمالية والنقابية، أشهرها اعتصام موظفي الضرائب العقارية أمام مجلس الوزراء في آخر عام 2007 ومطلع عام 2008 مطالبين بمساواتهم بباقي موظفي الضرائب. وهو مؤسس النقابة المستقلة للضرائب العقارية، ورئيس الاتحاد المصري للنقابات المستقلة سابقاً، وعضو مجلس الشعب سابقاً عن حزب الكرامة الناصري، بعدما دخل البرلمان على قوائم جماعة الإخوان المسلمين في 2011.

والتحق أبو عيطة بحكومة الببلاوي في أعقاب الانقلاب العسكري، وخرج منها "مفاجأً" على حد قوله، بعد إعلان الببلاوي استقالة حكومته.

قبل تشكيل حكومة الببلاوي المستقيلة، في منتصف يوليو من العام الماضي، قال أحد المرشحين لوزارة القوى العاملة والهجرة، إنه اشترط "دعم الحكومة له في تطبيق الحد الأدنى للأجور، وإصدار قانون الحريات النقابية، لتوليه المنصب". ولكن يبدو أن الحكومة لم تعطه الضوء الأخضر لتحقيق مهامه التي من أجلها كان من الممكن أن يتولى الحقيبة الوزارية.

ثم بعد ذلك بأيام، ظهر اسم كمال أبو عيطة بقوة كمرشح لوزارة القوى العاملة، وحينها قال المرشح السابق الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن أبي عيطة سيفشل، والأسباب هي "أنه لا يملك القدرة على المفاوضة الجماعية التي تدور بين العمال وأصحاب الأعمال، لتاريخه الصراعي والعدائي الطويل مع رجال الأعمال، فضلا عن عدم إدراكه لحجم المسؤولية التي يجب أن يتعامل معها كوزير وليس كناشط عمالي"، على حد قوله.

خرج أبو عيطة من الوزارة، وظهر بعدها بأيام في برنامج الإعلامي المصري محمود سعد، على إحدى الفضائيات المصرية، ليعلن عودته لـ"صفوف العمال"، لكنه اختفى تماماً منذ آخر ظهور له على الشاشة، فهل يطمس "الفشل" التاريخ النضالي؟

المساهمون