أبو العز الحريري: اليساري الذي مات مدافعاً عن "العسكر"

04 سبتمبر 2014
+ الخط -

أغلق موت المناضل اليساري أبو العز الحريري الباب أمام السياسيين للإجابة عن السؤال الذي كان موضع حيرة عند كثيرين: كيف تحول الحريري، المناضل الشرس ضد الاستبداد العسكري، إلى مؤيد للانقلاب العسكري؟

ولعل ما يُحير أكثر، هو مسيرة نضال الحريري، التي لا توحي بهذا التبدل المفاجئ نحو الخندق، الذي طالما حاربه، ليقف أخيراً بصف الحكم الانقلابي.

اعتقل الحريري وتعرض للاضطهاد المتواصل، في عهدي الرئيسين المصريين، الراحل أنور السادات، والمخلوع حسني مبارك، وتوفي، عن عمر يناهز 64 عاماً، بعد فترة صراع طويل مع المرض، عولج خلالها في مستشفيات القوات المسلحة المصرية، بقرار رسمي من وزير الدفاع المصري صدقي صبحي.

كان الحريري واحداً من قادة حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي" المصري، وكان أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية المصرية في 2012، التي فاز بها الرئيس المعزول، محمد مرسي.

دخل مجلس الشعب عام 1976، ممثلاً لدائرة "كرموز" بالإسكندرية، واعتُقل في 5 سبتمبر/ أيلول 1981، ضمن 1531 سياسياً، بسبب موقفهم المعادي لاتفاقية السلام مع إسرائيل، وهو ما دفع الرئيس الراحل، محمد السادات، إلى حل البرلمان.

ثم عاد الحريري، إلى قبة البرلمان، مرة أخرى، عام 2000، نائباً عن الدائرة نفسها. واشتهر باستجواباته البرلمانية، ضد الاحتكار، وصولاته وجولاته تحت قبة البرلمان، التي لم تتوقف في أقسى الظروف.

واستمر على موقفه الرافض لسياسات "الحزب الوطني" المنحل، وتقدم بالكثير من طلبات الاستجوابات لرجل الأعمال المصري، وعضو لجنة السياسات بالحزب المنحل، أحمد عز، متهماً إياه باحتكار صناعة الحديد في البلاد، بالتواطؤ مع الحكومة.

كذلك وقف ضد الرأسمالية والمحسوبية، التي نهبت ثروة البلاد في عهد مبارك، وشروط البنك الدولي وهيئة المعونة الأميركية. وناضل من أجل حقوق المواطنين في الأجر والمعاش العادلين، والحق في العمل والصحة والتعليم والسكن.

وتعرض للفصل واﻻعتقال والتشريد، طوال مسيرته، الأمر الذي دفع المحامي الحقوقي، ومنافسه في الانتخابات الرئاسية عام 2012، خالد علي، إلى نعيه بالقول: "كان مدافعاً صلباً عن العمال، ومناضلاً شجاعاً في مواجهة دولة الاستبداد والفساد، حملته الجماهير، ليكون صوتها ودرعها ونائبها البرلماني. فوداعاً أيها القائد الاشتراكي الجسور أبو العز الحريري".

وفي أول مجلس شعب عقب ثورة يناير/ كانون الثاني، كان الراحل، أحد أبرز المعارضين لسياسات المجلس العسكري، الذي تولى إدارة البلاد بعد عزل الرئيس المصري، حسني مبارك، وكثيراً ما اتهم المجلس بقيادته "الثورة المضادة" في مصر.

لكن هذا الموقف، سرعان ما تلاشى، بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو/ تموز من العام الماضي، إذ تحول الحريري، مثل عدد من اليساريين، إلى مؤيد للنظام الجديد، برئاسة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.

بعد الانقلاب، رأى الحريري أن "المجلس العسكري، وقف مع إرادة الشعب في 30 يونيو/ حزيران"، بعد خروج مسيرات، ضد حكم الإخوان المسلمين، برئاسة مرسي، لتصحيح أخطاء قيادات المجلس العسكري.


لقد وصف الحريري نفسه، عقب إعلانه الترشح للانتخابات الرئاسية في 2012، بأنه "مرشح جميع فئات المجتمع بمن فيهم السلفيون والإخوان، وسأخوض انتخابات الرئاسة، سأسعى إلى القضاء على الفساد وتطهير الدولة من الفاسدين.. وأمتلك من العلم والخبرة ما يكفي".

أما في الانتخابات الرئاسية، التي أعقبت الانقلاب العسكري، والذي تنافس فيها مرشحان فقط، عبد الفتاح السيسي، وحمدين صباحي، فقد تلاشت هذه النظرية لدى الحريري الذي خرج ليؤكد "عدم وجود انتخابات بالمعنى الحرفي للكلمة، لأن الظرف المتعلق بالإرهاب الإخواني، جعل المجتمع يستعيد وجود الجيش كحالة ضرورة، وأصبح المجتمع بعد 30 يونيو يطالب الجيش بالنزول. سأسميها انتخابات التفويض للمشير السيسي".

 

المساهمون