آل الشيخ والأهلي: دائرة السيسي تتدخّل والسعودية تحاول الطمأنة

28 مايو 2018
غضب جماهيري على إدارة الأهلي (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر حكومية في وزارة الشباب والرياضة المصرية أن الساعات القليلة الماضية شهدت اتصالات رفيعة المستوى، ومكثّفة، بين مسؤولين من الدائرة الخاصة للرئيس عبد الفتاح السيسي، على رأسهم مدير مكتبه ومدير المخابرات اللواء عباس كامل، مع مكتب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كما تواصلوا مباشرة مع رئيس هيئة الرياضة السعودية تركي آل الشيخ، لاستيضاح الأسباب الحقيقية للأزمة الأخيرة المتمثّلة في استقالة آل الشيخ من منصبه كرئيس شرفي للنادي الأهلي المصري، وإطلاقه سلسلة من البيانات تضمّنت هجوماً شديداً على مجلس إدارة الأهلي برئاسة محمود الخطيب.

وأوضحت المصادر أن الاتصالات أسفرت عن أن سبب المشكلة هو وصول معلومات إلى آل الشيخ عن أن الخطيب كان يدرس مقترحاً لمطالبته بإعفاء نفسه من الرئاسة الشرفية للنادي، على خلفية الهجوم الجماهيري الكبير عليه، بعد تصريحاته التلفزيونية على قناة SBC السعودية، متمنياً الإصابة للاعب الكرة المصري محمد صلاح قبل نهائيات مونديال كأس العالم المقبلة في روسيا، التي ستواجه فيها مصر السعودية في ثالث مباريات المجموعة الأولى.
وأضافت المصادر أن الدائرة الخاصة بالسيسي أصدرت تعليمات للخطيب وبقية أعضاء مجلس إدارة الأهلي بعدم إصدار أي بيان للرد على آل الشيخ، الأمر الذي اعترض عليه الخطيب في البداية، بل إن أحد أعضاء مجلس الإدارة المعروفين بمعارضتهم لدخول آل الشيخ إلى النادي منذ البداية، بادر بتسريب مشروع بيان للرد عليه، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. لكن الخطيب رضخ في النهاية للضغوط، وأمر أعضاء مجلس الإدارة بالصمت، لحين تسوية الأمور على مستوى أعلى. وإزاء رفض دائرة السيسي اصدار بيان خوفاً من تأجيج المشكلة، طلب الخطيب تشكيل لجنة لمراجعة أوجه صرف الأموال التي دفعها آل الشيخ، خلال 6 أشهر، لتبرئة ذمته المالية.

كذلك أصدرت دائرة السيسي تعليمات صريحة لوسائل الإعلام الرسمية والموالية لها بعدم فتح الموضوع إطلاقاً، وعدم نشر تصريحات تركي آل الشيخ في إصداراتها الإلكترونية أو الورقية، أو نشر ردود الفعل الغاضبة عليها، وذلك "حرصاً على العلاقات الثنائية بين القاهرة والرياض، ولحماية المشاريع الرياضية والإعلامية المتفق عليها بين السيسي وبن سلمان"، بحسب المصادر ذاتها.


ويبدو أن دائرة السيسي كانت حريصة في اتصالاتها على معرفة مصير المشروع الرياضي المشترك بين البلدين، الذي نبع في الأساس من رغبة النظام المصري في توسيع تجربة فتح السوق المحلية للاستثمارات الإماراتية، بهدف تحقيق مزيد من الأرباح وتقليل الالتزامات الحكومية تجاه الأندية والاتحادات الرياضية وتعظيم أرباحها. وكان المشروع المشترك يتضمّن إقامة مدينة رياضية متكاملة للنادي الأهلي، وكان مقرراً أن يكون مقدمة لخطة واسعة لتحقيق مكاسب مالية ضخمة للسعودية ومستثمريها من الرياضة المصرية التي تتمتع بمقومات لا تملكها نظيرتها السعودية، كالاهتمام الشعبي العريض داخل مصر وخارجها بالأندية المصرية الكبرى، والحضور الجماهيري الكثيف، وضخامة الاستثمارات الإعلانية.

وبحسب المصادر، ما زالت دائرة السيسي تأمل في أن تكون المشكلة الحالية "سحابة صيف"، خصوصاً أن مكتب ولي العهد وشخصيات أخرى كالسفير السعودي السابق في القاهرة أحمد قطان، المعروف بتشجيعه للأهلي وعضويته بالنادي، وصفوا المشكلة بأنها "فردية ولا يجب تعميمها".
إلا أن صوت التهدئة المسيطر على الغرف المغلقة لا يواكبه هدوء علني، إذ استمر آل الشيخ في نشر تدوينات على صفحته الرسمية الخاصة ضد إدارة النادي الأهلي صباح أمس. فبعدما نشر تدوينة تحمل شعار "الأهلي فوق الجميع"، نشر تدوينة أخرى تتهم مجلس الإدارة ضمنياً بالاستيلاء على أموال كان قد دفعها بغرض مكافأة بعض اللاعبين المميزين في فريق الكرة الأول.

وفي السياق، قال مصدر إعلامي كان حاضراً لبعض اجتماعات تحضير إطلاق الشبكة الفضائية السعودية المصرية الجديدة لإنتاج المحتوى الترفيهي والرياضي، التي كان من المقرر أن يديرها آل الشيخ أيضاً، إن الأزمة ألقت بظلالها على المشروع، إذ أبدى عدد من مقدّمي البرامج الرياضية الذين تم الاتفاق معهم شفهياً في السابق تخوّفهم من العمل مع آل الشيخ، بسبب نشره تفاصيل أحداث مكانها الغرف المغلقة فقط، ما يهدد بفقدانهم شعبيتهم.
وأضاف المصدر أن أحد الإعلاميين الذين تم التفاوض معهم، وهو صديق للخطيب ومجلس إدارة الأهلي، أبلغ عدداً من المسؤولين الضالعين في تدشين الشبكة الجديدة أنه لن ينضم إليها طالما كان آل الشيخ على رأسها، فأوضح له المسؤولون السعوديون أنه من المحتمل اختيار شخص آخر أو مجموعة من المستشارين الخاصين لولي العهد محمد بن سلمان، بدلاً من آل الشيخ، بسبب المشكلة الأخيرة، وبسبب انشغال آل الشيخ بإدارة شؤون القناة التلفزيونية الجديدة SBC.

وكانت تدوينات آل الشيخ قد أكدت التدخّل السعودي المباشر في انتخابات أكبر الأندية المصرية، وإغداقه دعماً مالياً بقيمة 6 ملايين جنيه (نحو 335 ألف دولار) على الخطيب، فضلاً عن التأثير الإعلامي لترجيح كفته على منافسه محمود طاهر الذي كان مدعوماً من بعض أجهزة الدولة المصرية ورجال الأعمال البارزين. وكشفت التدوينات أيضاً عن محاولات الخطيب للحصول على أكبر دعم مالي من الأموال السعودية لحل مشاكل الأهلي وضمان استمرار تفوقه الرياضي على منافسه التقليدي نادي الزمالك، الأمر الذي اقتضى وفق اعتقاد آل الشيخ أن يحميه الخطيب ومجلس إدارته من غضب الجماهير المصرية، وإبراز صورته كشخصية داعمة للنادي وللرياضة المصرية من دون مقابل، الأمر الذي لم يحدث بعد الهجوم الإلكتروني الواسع عليه.

ولم تتطرّق التدوينات إلى أن لقاءات آل الشيخ مع السيسي وعباس كامل كانت فقرة ثابتة في برامج زياراته الأخيرة لمصر، ما منحه زخماً أعلى من أن يكون مجرد مسؤول سعودي يدعم الرياضة المصرية بأمواله الخاصة، فالمشاريع الرياضية والإعلامية منذ بداية الحديث عنها كانت تتسم بالطابع الرسمي، متواكبة مع تقارب مصري سعودي بعد نجاح السيسي في إغلاق ملف التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير.