آراء المرشحين السياسية تشعل الجولة الثانية من المناظرات الإيرانية

05 مايو 2017
ركّز المحافظون على الشق الاقتصادي (فرانس برس)
+ الخط -
أجرى المرشحون الستة للانتخابات الرئاسية الإيرانية ثاني مناظراتهم التلفزيونية، اليوم الجمعة، والتي بحثت عناوين في السياسة الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى ما يتعلق بقضايا الساحة الثقافية. وبدت هذه الجولة أكثر تنظيمًا من سابقتها التي عقدت الأسبوع الفائت، كما بدا المرشحون أقوى حضورًا، وأكثر قدرة على الإمساك بالملفات.


واحتل اتفاق إيران النووي مع المجموعة السداسية الدولية مساحة واضحة من النقاش الذي دار بين المتنافسين، فأجمع الكل على ضرورة استمراريته، رغم انتقاد المرشحين المحافظين لنتائجه. وتم اختيار السؤال المتعلق بهذا الملف عن طريق القرعة للمرشح المحافظ، راعي "العتبة الرضوية"، إبراهيم رئيسي، فأكد ضرورة الحفاظ على استمراريته، وانتقد في الوقت ذاته أسلوب الحكومة المعتدلة برئاسة حسن روحاني، والتي وجهت رسائل سلبية للأطراف المقابلة لإيران، ما أظهرها في موقف ضعيف، حسب رأيه.


ورغم إشادته بالاتفاق كمعاهدة دولية أجبرت الكل على قبول حقوق البلاد النووية، إلا أن رئيسي ذكر أن نتائجه لم تحمل الكثير من المكتسبات للشارع الإيراني، الذي لم يلمس تبعاته المباشرة على ظروفه المعيشية.


واتفق مع وجهة النظر هذه المرشح المحافظ الآخر، عمدة طهران، محمد باقر قاليباف، قائلًا إن الاتفاق إنجاز يجب احترامه، لكن على الطرف المقابل الالتزام بتعهداته، معتبرًا، هو الآخر، أن التبعات لم تكن بالمستوى المطلوب، دون الدعوة لإلغاء الاتفاق أو التراجع عنه.


من ناحيته، دافع الرئيس الإيراني، حسن روحاني، عن الاتفاق كونه الإنجاز الأبرز لحكومته، منتقدًا المتشددين من المحافظين ممن حاولوا محاربة الاتفاق، قائلًا إن كل العقوبات قد ألغيت بالفعل، وعلى كل من يدّعي العكس أن يقدّم أدلته، وأضاف: "عندما وصل دونالد ترامب إلى الرئاسة في أميركا فرح بعضهم في الداخل، معتقدين أنه سيمزق الاتفاق".



واتفق مع روحاني، نائبه والمرشح الإصلاحي، إسحاق جهانغيري، الذي فضّل، خلال هذه الجولة من المناظرات، أن يلعب دور المدافع عن الحكومة الحالية وسياساتها وإنجازاتها، وهو ما سيرفع من رصيد روحاني بالنتيجة؛ إذا ما قرر جهانغيري الانسحاب بحسب المتفق عليه. وقال جهانغيري إن المواطنين يتذكرون كيف كانت الظروف حين تسلم روحاني الرئاسة، مؤكدًا أن الاتفاق حقق الكثير لإيران، فباتت قادرة على تصدير ما يزيد على مليوني ونصف مليون برميل نفط يوميًّا.


وانتقد هذه التصريحات المرشحون المنافسون لروحاني وجهانغيري بالدرجة الأولى، معتبرين أنه لا فائدة من هذه النقاط؛ طالما أن الولايات المتحدة تفرض المزيد من العقوبات، وطالما أن إيران غير قادرة على استلام مستحقاتها من العائدات النفطية بسبب وجود عقبات مالية.


وفي ما يتعلق بالسياسة الخارجية، تم توجيه سؤال عن آلية الحفاظ على الأمن القومي، ودور طهران في ملفات الإقليم ودعم "محور المقاومة"، للمرشح المعتدل مصطفى هاشمي طبا، الذي أكد ضرورة التعاون مع الجيران بالتزامن، و"حفظ كرامة وعزة واستقلال إيران"، معتبرًا أنه من الطبيعي أن "تقف طهران مع حلفائها ضد داعمي الصهيونية".


وابتعد المرشحون الآخرون، في تعليقهم على هذا السؤال، عن فحواه كليًّا، وفضّلوا التأكيد على ضرورة تقوية العلاقات مع دول المنطقة بما يخدم الاقتصاد الإيراني، وهو ما ركز عليه كل من قاليباف ورئيسي أكثر من غيرهم، فهما يدركان أن المواطن الإيراني معنيّ بملفات الاقتصاد أكثر من غيرها.


أما روحاني، فكان أكثر دقة في التعامل مع هذا السؤال، مؤكدًا ضرورة فتح المجال أكثر للخطاب الدبلوماسي بما يساهم في حلحلة مسائل الإقليم، ولا سيما في سورية، واعتبر أن إيران وتركيا تلعبان الدور المؤثر في هذه الساحة.


أما الإصلاحي جهانغيري، فقد تعرض لهجوم شرس حين أجاب عن سؤال متعلق بكيفية الحفاظ على أمن إيران في منطقة تملؤها الحروب، وسبل تطوير البنية الدفاعية، فابتعد هذا المرشح عن السؤال، وتلا بيانًا دعا فيه المواطنين الإيرانيين لانتخاب الانفتاح والحرية؛ لا التشدد والتعصب.


واعتبر ميرسليم أن جهانغيري لم يقدم جوابًا مفيدًا، فيما رأى قاليباف أن "الشهداء الذين قدمتهم إيران في سورية، خلال السنوات الأخيرة، وأيضًا خلال الحرب العراقية الإيرانية قبل عقود، هم من هيَّؤوا الأرضية للتفاوض وللحوار القوي"، معتبرًا أن الدبلوماسية والقوة معًا هما أساس حفظ الأمن، وهو ما أيده رئيسي في مضمون كلامه.


واستمر تبادل الاتهامات بين المرشحين المحافظين من جهة، وعلى رأسهم قاليباف ورئيسي، للمعتدلين من جهة ثانية، والممثلين أساسًا بروحاني وجهانغيري؛ ما اضطر هذين الاثنين لاتخاذ موقف المدافع عن سياسات الحكومة، داعين لمحاربة التشدد.


وفي سياق آخر، أخذت مسألة حقوق المواطنة، ولا سيما حقوق الأقليات، حيّزًا في الجدل الذي دار بين المرشحين، إذ ذكر روحاني أنه تعرض لضغوطات بسبب تعيينه مسؤولة سنيّة المذهب في إدارة إحدى المحافظات، فرفض هذه الاتهامات مرشحون آخرون، وعلى رأسهم قاليباف، الذي أكد عدم صدق روحاني في عدد من التصريحات، وليس التصريح المذكور وحسب.


وفي ما يتعلق بالشق الثقافي، أكد جهانغيري على ضرورة فتح المجال أكثر أمام المزيد من الحريات، قائلًا إن حكومة الاعتدال فتحت الباب أمام المثقفين والموسيقيين، وحتى الرياضيين. لكن المرشح المعتدل هاشمي طبا فاجأ الكل برأيه حول مواقع التواصل الاجتماعي، قائلًا إنها تشكل تهديدًا أكثر من كونها فرصة، وجاء هذا ضمن الحديث عن ضرورة الحفاظ على الثقافة الإيرانية الإسلامية.