آخر نزهة

20 فبراير 2016
(تصوير: سارة لي)
+ الخط -

"النص آلة كسولة، يطلب من قارئه تعاوناً كبيراً". سيرة حياة هي أيضاً نص، وهي تطلب تعاوناً كبيراً من قارئها. ربما تتعقّد صيغة هذا التعاون متى تكون هذه السيرة لمن وضع الأضواء حول العلاقات الخفية بين القارئ والنصوص والأشياء.

مثل مفكّك ألعاب كان إيكو. العلامات كانت صنعته، يلتقطها في النصوص وفي الصور والحركات، ومن ثم يقدّم أسرار تكوينها وميكانيزمات تحرّكها وما تصبو لقوله مستعملاً استعارات وتخييلات لذيذة.

طالما أبهرني سؤاله "إذا كانت العوالم السردية تمنحنا راحة كبرى، فلم لا نحاول قراءة العالم الواقعي باعتباره رواية؟". حياة إيكو كانت رواية متشعّبة، لقد كان يعرف أن "الأعمال الكبيرة" هي التي تسعى جاهدة لأن تستعير من الحياة صفاتها، حتى تلك غير المعقلنة، مثل الغموض والظلم والتشعّب.

هذا التشعّب في حياة إيكو كانت له معادلاته، إذ لم يظلم المفكرُ الروائيَّ، ولا كان السيميولوجي بالتزاماته الأكاديمية لينزع عنه مرحه في التقاط لمحات الكون وإعادة تركيبها. كانت كلها أنهاراً تصبّ في الأخير في اسمه، إيكو، الذي تحوّل هو الآخر إلى علامة سيميولوجية مستقلة.

كتب بأن "قراءة نص سردي يعني أن يعقد القارئ ميثاقاً ضمنياً مع المؤلف يؤدّي إلى تعطيل الإحساس بالارتياب". وكلما انتهت سيرة حياة يكتمل نص، ويعود إلى القارئ إحساسه بالارتياب وهو يعيش وحشته في هذا العالم، فلا تلطفها سوى الحكايات وقراءتها.



اقرأ أيضاً: سردية جائرة
المساهمون