في السابع مِن آب/ أغسطس الجاري، ضربت هزّتان أرضيتان ولاية ميلة شمال شرقي الجزائر، وخلّفتا أضراراً مادية تتمثّلُ في انهيار بعض المباني وتشقُّق عددٍ منها، ما دفع السلطاتِ الجزائيةَ إلى إعلان منطقة الخربة في الولاية منطقةً منكوبة.
أمّا الجانب الآخر من الهزّتين الأرضيّتَين اللتين بلغت قوّتُهما 4,9 و4,5 درجاتٍ على مقياس ريختر، فيتمثّل في ما كشف عنه مسؤول محلّي لـ "وكالة الأنباء الجزائرية" الرسمية، مؤخّراً، عن أنَّ التشقّقات الأرضية الناجمة عن الهزّتَين كشفت عن آثار رومانية جديدة.
وبحسب رئيس مصلحة التراث الثقافي في مديرية الثقافة بميلة، لزغد شيابة، فإنَّ الآثار التي ظهرت في "حيّ الأمل" بمدينة ميلة، تتمثّل في أحجار مصقولة بأحجام مختلفة وقرميدٍ وحوض حجري، إضافةً إلى جدران بنايات وأعمدة حجرية أسطوانية الشكل.
لحقت أضرار بأجزاء من الجدار البيزنطي وعدد من التماثيل الرخامية
ويُعدّ الحيُّ الذي ظهرت فيه الآثار الجديدة، والذي يُعرف أيضاً باسم "مشتة بوقايد"، موقعاً أثرياً مصنَّفاً ضمن الممتلكات الثقافية العقارية في الولاية، وهو يضمُّ مزرعةً رومانية تمثّل امتداداً للموقع الأثري في مدينة ميلة العتيقة.
وأظهرت المعاينة الأولية للآثار الجديدة بأنها من بقايا المزرعة التي كانت مغمورةً تحت الأرض، قبل أنْ تكشف عنها الهزّة الأرضية التي تسبّبت أيضاً في تحرُّك عددٍ من الأحجار المصقولة الموجودة في الموقع من أماكنها، بسبب انزلاقات التربة.
في تصريحاته، أوضح شيابة أنَّ مصلحته، وبعد إجرائها مسحاً فوتوغرافياً للموقع والآثار التي ظهرت فيه، طلبت من وزارة الثقافة إيفاد فرقةٍ متخصّصة في الآثار لمعاينتها.
وفي موضوعٍ متّصل، قال مدير الترميم والمحافظة على التراث في وزارة الثقافة الجزائرية، زهير بلالو، أنّ "مسجد سيدي غانم" في ميلة، والذي يُعدّ أقدم مسجدٍ في الجزائر والثاني في المغرب العربي بعد جامع القيروان في تونس، لم يتعرّض لأية أضرار جرّاء الهزّتَين الأرضيّتَين، مضيفاً أنَّ المبنى سيستفيد من أشغال ترميم مستعجلة.
وبُني المسجد سنة 59 هجرية (678 ميلادية) مِن قبل الصحابي أبي المهاجر دينار الذي مكث سنتَين في ميلة وجعلها مركزاً للفتوحات، وقد حوّلته سلطات الاحتلال الفرنسي إلى ثكنةٍ عسكرية، متّخذةً من أسوار المدينة المحيطة بها على امتداد 1200 متر، والتي تعود إلى العهد البيزنطي، برُجاً للمراقبة. وفي العام 1968، كشفت الحفريات عن بقايا كنيسةٍ رومانية شُّيد المسجد على أنقاضها.
وبحسب مصادر محليّة، فقد ألحقت الهزّتان الأرضيّتان أضراراً طفيفةً بمتحف الحديقة الأثرية في المدينة، مسّت أجزاء من الجدار البيزنطي وعدداً من التماثيل الرخامية، من بينها "تمثالُ ميلو" المنحوت بالرخام الأبيض بعلوّ مترين، والذي اكتُشف عام 1880. وفي قصبة ميلة العتيقة، سُجّل انهيار منزلَين شاغرين وتضرُّر ستّ عشرة بناية أُخرى.