قلة الاهتمام وضعف الإقبال على المشاركة في الانتخابات البرلمانية في مصر، يجسدان النظام الذي وضعه الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي حرص على وضع نظام تصويت، يبدو أنه معد سلفا لإقصاء أي نقاش سياسي أو تنافس أيديولوجي، بحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
الصحيفة أشارت إلى أن إقبال الناخبين المصريين على مكاتب الاقتراع خلال اليومين الماضيين، كان ضعيفا للغاية لدرجة أن أحد القضاة المشرفين على العملية، لم يستطع إخفاء هذا الأمر خلال مقابلة تلفزيونية أمس الاثنين.
وحينما وجه السؤال إلى عبد الله فتحي، رئيس مؤسسة القضاة، حول الخروقات الانتخابية، رد قائلاً: "لم تسجل أي خروقات نظرا لنسبة المشاركة الضعيفة. من أين ستأتي الخروقات أو الشجارات؟" قبل أن يضيف: "لم تسجل أي حوادث، أو خروقات أو تجاوزات، لا يوجد ناخبين".
ولفت مقال الصحيفة الأميركية إلى أن معظم المرشحين للانتخابات البرلمانية هم من الأعيان المحليين الذين ليست لديهم أيديولوجية أو خلفية سياسية واضحة. وأضاف أن العديد منهم كانوا ينتمون في السابق للحزب الحاكم أثناء فترة حكم حسني مبارك، الذي تم إسقاطه بعد قيام الثورة المصرية في 2011. كما أشار إلى أن مرشحين آخرين كانوا ضباطا خدموا في الجيش أثناء تولي السيسي منصب وزير الدفاع، قبل قيامه بالانقلاب العسكري في 2013.
"لقد قدم الشعب المصري أفضل جواب حينما فضل عدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع"، كما جاء في تصريح أدلى به إلى الصحيفة خالد داود، متحدث سابق باسم أحد الأحزاب اختار أن يقاطع الانتخابات. "هذا الأمر محرج للغاية، وهم لا يستطيعون أن يخفوا ذلك"، يضيف هذا الأخير. "هذه الانتخابات لن تساعد في المساعي لوضع أسس الديمقراطية أو إقامة برلمان حقيقي قادر على إخضاع الرئيس للمساءلة".
في المقابل، أوضحت "نيويورك تايمز" أن العديد من مراكز الاقتراع في المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة بالقاهرة كانت شبه فارغة، باستثناء وجود حفنة من الناخبين كبار السن، وبأن التقارير الإخبارية تحدثت عن شح الناخبين في باقي المراكز، وذلك رغم قيام الحكومة المصرية في اليوم الثاني للاقتراع بمنح نصف يوم إجازة للموظفين، وتخفيض محافظ الإسكندرية لتذاكر النقل، وحث البرامج التلفزيونية الموالية للنظام الناخبين على التوجه لمكاتب التصويت.
إلى ذلك، رأى كاتب المقال أن ضعف المشاركة يعيد إلى الأذهان البرلمانات الصورية في عهد حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، مشيرا إلى أن الأخير كان في الواقع يسمح بمنافسة أكبر أكثر مما تشهده مصر في الوقت الراهن.
وأوضح أن مبارك في الأعوام الأخيرة من حكمه سمح للإخوان المسلمين بالفوز بما يصل إلى 20 في المائة من مقاعد البرلمان، ليتم إخراج الإخوان بشكل كامل من البرلمان بعد فوز كاسح للحزب الحاكم، وهو ما أدى إلى اتساع الاتهامات بالتلاعب بنتائج الانتخابات وتزويرها، وهيأ الظروف لبدء الثورة المصرية أشهرا بعد ذلك.
إلى ذلك، أوضح مقال "نيويورك تايمز" أن السيسي حدد لهذه الانتخابات البرلمانية ثلاثة أرباع من المقاعد للتنافس بين المرشحين بشكل فردي، وهو ما يمنح الأفضلية للأعيان والأثرياء، فيما ستمتلئ 5 في المائة من المقاعد من خلال التعيينات الرئاسية، والـ 20 في المائة المتبقية ستمنح للأحزاب التي حصلت على أكبر عدد من الأصوات داخل المراكز الانتخابية الكبرى، وهو ما يمنح الأفضلية للأحزاب الكبرى.
اقرأ أيضا: مصر: 3.6% نسبة المشاركة في المرحلة الأولى لانتخابات البرلمان