لعقودٍ طويلة، لم تكن ثقافة الأجزاء الثانية مألوفة في السينما المصرية. لكن المسألة تتغيّر حاليًا، كأثرٍ مباشر لسيطرة السلاسل في هوليوود. في موسم سينمائي واحد (2019)، عُرض "الفيل الأزرق 2" لمروان حامد (حقّق الجزء الأول منه، لحامد أيضًا، أعلى الإيرادات المصرية عام 2014)، و"ولاد رزق 2" لطارق العريان (حقّق الجزء الأول منه، للعريان نفسه، أعلى الإيرادات المصرية عام 2015). الغريب حقًا أنّ في الفيلمين تتكرر مشكلة واحدة: الجزء الثاني نسخة طبق الأصل عن الجزء الأول، بالتفاصيل كلّها في الحبكة والشخصيات والأحداث، وحتّى في الخِدَع والحلول. الجزء الثاني ليس استمرارًا للحكاية نفسها، أو خلقًا لمغامرة جديدة في العالم نفسه، بل نسخة أخرى، تفتقد كلّ دهشة.
يبدأ "ولاد رزق 2" (2019) بعد أعوام عديدة على نهاية أحداث الجزء الأول. سريعًا، يدخل المتفرّج في مشهد حركة ومطاردة، من دون أن يفهم ما يحدث. مشهد ينتهي بخطف عاطف (أحمد داود) من قِبَل كمال (خالد الصاوي)، ثم يبدأ التحقيق معه في مكان مجهول، يطلب منه فيه أن يحكي له كل شيء. ثم يتبع الفيلم السرد نفسه المُقَدّم في الجزء الأول: تحقيقات، وشخص يحكي مع آخر، ويقاطِعه بتعليقاته عند الضرورة. بهذا الأسلوب، تظهر تغييرات حدثت في حياة "ولاد رزق"، إذْ باتت حالتهم المادية سيئة بعد توبتهم، قبل أن يأتي إليهم الضابط رؤوف (محمد ممدوح)، طالبًا منهم العمل لمصلحته، بتنفيذ عمليات سرقة ونصب متتالية، بينها عملية سيكون ضحيتها كمال نفسه.
البداية مشوِّقة، ويمتد تشويقها على النصف الأول من أحداث الفيلم. هناك فضول إزاء الشخصيات ونواياها ومصائرها، والتشابهات مع الجزء الأول، المُحدّدة نسبيًا في شكل السرد، أو في مَشَاهد هنا وهناك.
صحيحٌ أن الدهشة وبراءة التصرّفات والعالم لم تعد موجودة. لكن، هناك حكاية مختلفة. في النصف الثاني، تتطابق الحكاية مع العمل السابق. وكما حدث في "الفيل الأزرق 2"، فإنّ كلّ شخصية في الأصل لها نسخة هنا، بدءًا من المكان الغريب لعملية السرقة، ومن رجل العصابات الموتور (محمد لطفي في الأول، إياد نصار في الثاني)، مرورًا برفض رضا (أحمد عز) عملية ما. وبالطريقة نفسها تمامًا، يقرّر الإخوة، بقيادة ربيع (عمرو يوسف)، استئناف العملية من دونه، التي تبدو مسبقًا أنها ستفشل، ما يضطرّهم إلى اللجوء إلى رضا، علمًا أنّ اختطاف الأخ الأصغر رمضان، في الجزء الأول، يُصبح اختطافًا لزوجة رضا وابنهما. ثم يظهر أنّ عباس الجن (باسم سمرة)، الشخص الموازي للمعلّم صقر (سيد رجب)، الشرير الذي يُفترض بالإخوة تنفيذ عملية أخيرة لإعادة الأموال إليه، فيخدعون كمال (المُوازي للضابط رؤوف في الجزء الأول).
اقــرأ أيضاً
ثمّ أنّ خطتهم لن تكون الخطة السابقة نفسها فقط، فالمواجهة الأخيرة تتمّ بالطريقة نفسها أيضًا، تمامًا كالحوار والتهديد عبر التصوير بالفيديو.
مشكلة "القصّ ـ اللصق" لا تكمن فقط في الشعور بفقر الإبداع، وفي مشاهدة نسخة أقلّ جودة من عمل سابق، بل أيضًا في إدراك المتفرّج سلفًا بما سيحدث منذ اللحظة الأولى. لذا، يفتقد العمل كلّ دهشة محتملة، أو رؤية جديدة، أو مفاجأة تقلب الأمور، كما في الفيلم الأصلي.
كلّ شيء واضح: ألاعيب الشخصيات الذكية مكشوفة، والخِدع شُوهِدَت سابقًا، كأنّ هذا عرضٌ لساحِر يُعرف سلفًا ليس ما سيفعله فحسب، بل كيف سيفعله أيضًا. رغم مشاكل السيناريو والقصة، لا يخلو "ولاد رزق 2" أبدًا من مميّزات، تحديدًا على مستوى الحِرفة الإخراجية لطارق العريان، المخرج المصري الأفضل في هذا المجال تقريبًا. هو جيّد ليس فقط في شكل التنفيذ، بل أيضًا في المحاولة الدائمة لمنحه لمحة مصرية، ولو بالتصوير في الشوارع الحقيقية، كوسط البلد أو نفق الأزهر أو كورنيش النيل، كأماكن مألوفة ويومية بالنسبة إلى المصريين، وفيها تتمّ مطاردة سيارات، تُصوَّر في مشهد جيّد. كذلك، يُستغَلّ الانسجام بين الشخصيات في الجزء الأول بشكل رائع، عن طريق إدارة مقبولة جدًا للممثلين جميعهم، إذْ لا يوجد أداء أكثر من جيّد، لكن في الوقت نفسه ليس هناك نشاز، وهذا مهمّ بوجود عدد كبير من الشخصيات، وبجعل الأحداث والدراما والكوميديا تلقائيّة للغاية.
أخيرًا، فإنّ حالة "الأيقونيّة" الممنوحة للشخصيات الجديدة، كالصقر وعباس الجن، مفيدة جدًا لفيلم حركة، يحاول خلق عالم مميز بهدف التحوّل إلى سلسلة سينمائية. إذْ كما حدث مع "الفيل الأزرق"، فإنّ المشهد الختامي هنا يمهِّد لجزء ثالث، سيكون مهمّا له أن يعثر على صوته الخاص، وأنْ يبحث عن امتداد مختلف لخط الأحداث، بدلاً من استنساخ الجزء الأول.
البداية مشوِّقة، ويمتد تشويقها على النصف الأول من أحداث الفيلم. هناك فضول إزاء الشخصيات ونواياها ومصائرها، والتشابهات مع الجزء الأول، المُحدّدة نسبيًا في شكل السرد، أو في مَشَاهد هنا وهناك.
صحيحٌ أن الدهشة وبراءة التصرّفات والعالم لم تعد موجودة. لكن، هناك حكاية مختلفة. في النصف الثاني، تتطابق الحكاية مع العمل السابق. وكما حدث في "الفيل الأزرق 2"، فإنّ كلّ شخصية في الأصل لها نسخة هنا، بدءًا من المكان الغريب لعملية السرقة، ومن رجل العصابات الموتور (محمد لطفي في الأول، إياد نصار في الثاني)، مرورًا برفض رضا (أحمد عز) عملية ما. وبالطريقة نفسها تمامًا، يقرّر الإخوة، بقيادة ربيع (عمرو يوسف)، استئناف العملية من دونه، التي تبدو مسبقًا أنها ستفشل، ما يضطرّهم إلى اللجوء إلى رضا، علمًا أنّ اختطاف الأخ الأصغر رمضان، في الجزء الأول، يُصبح اختطافًا لزوجة رضا وابنهما. ثم يظهر أنّ عباس الجن (باسم سمرة)، الشخص الموازي للمعلّم صقر (سيد رجب)، الشرير الذي يُفترض بالإخوة تنفيذ عملية أخيرة لإعادة الأموال إليه، فيخدعون كمال (المُوازي للضابط رؤوف في الجزء الأول).
ثمّ أنّ خطتهم لن تكون الخطة السابقة نفسها فقط، فالمواجهة الأخيرة تتمّ بالطريقة نفسها أيضًا، تمامًا كالحوار والتهديد عبر التصوير بالفيديو.
مشكلة "القصّ ـ اللصق" لا تكمن فقط في الشعور بفقر الإبداع، وفي مشاهدة نسخة أقلّ جودة من عمل سابق، بل أيضًا في إدراك المتفرّج سلفًا بما سيحدث منذ اللحظة الأولى. لذا، يفتقد العمل كلّ دهشة محتملة، أو رؤية جديدة، أو مفاجأة تقلب الأمور، كما في الفيلم الأصلي.
كلّ شيء واضح: ألاعيب الشخصيات الذكية مكشوفة، والخِدع شُوهِدَت سابقًا، كأنّ هذا عرضٌ لساحِر يُعرف سلفًا ليس ما سيفعله فحسب، بل كيف سيفعله أيضًا. رغم مشاكل السيناريو والقصة، لا يخلو "ولاد رزق 2" أبدًا من مميّزات، تحديدًا على مستوى الحِرفة الإخراجية لطارق العريان، المخرج المصري الأفضل في هذا المجال تقريبًا. هو جيّد ليس فقط في شكل التنفيذ، بل أيضًا في المحاولة الدائمة لمنحه لمحة مصرية، ولو بالتصوير في الشوارع الحقيقية، كوسط البلد أو نفق الأزهر أو كورنيش النيل، كأماكن مألوفة ويومية بالنسبة إلى المصريين، وفيها تتمّ مطاردة سيارات، تُصوَّر في مشهد جيّد. كذلك، يُستغَلّ الانسجام بين الشخصيات في الجزء الأول بشكل رائع، عن طريق إدارة مقبولة جدًا للممثلين جميعهم، إذْ لا يوجد أداء أكثر من جيّد، لكن في الوقت نفسه ليس هناك نشاز، وهذا مهمّ بوجود عدد كبير من الشخصيات، وبجعل الأحداث والدراما والكوميديا تلقائيّة للغاية.
أخيرًا، فإنّ حالة "الأيقونيّة" الممنوحة للشخصيات الجديدة، كالصقر وعباس الجن، مفيدة جدًا لفيلم حركة، يحاول خلق عالم مميز بهدف التحوّل إلى سلسلة سينمائية. إذْ كما حدث مع "الفيل الأزرق"، فإنّ المشهد الختامي هنا يمهِّد لجزء ثالث، سيكون مهمّا له أن يعثر على صوته الخاص، وأنْ يبحث عن امتداد مختلف لخط الأحداث، بدلاً من استنساخ الجزء الأول.