"واشنطن بوست": الشراكة السعودية الأميركية قد لا تزدهر

11 مايو 2020
تزايد الانتقادات الأميركية لبن سلمان (اليوت بلوندي/ فرانس برس)
+ الخط -
اعتبر مقال رأي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" أن الشراكة بين الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية قد لا تزدهر في ظل حكم ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بسبب تجاهل الأخير مطالب واشنطن بالكف عن ملاحقة المفرج عنهم من المعتقلين، ولا سيما من يحملون منهم الجنسية الأميركية.

ودعا المقال في هذا الصدد إلى استخلاص الدروس والعبر مما حصل مع الطبيب وليد فتيحي، الذي سعى لأن يكون "جسر عبور" بين الولايات المتحدة الأميركية والسعودية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، موضحا أن الأخير كان يعيش في بوسطن آنذاك، بعدما حصل على شهادته في الطب وكذلك الجنسية الأميركية.

ويورد المقال أن فتيحي نجح لحد بعيد في مسعاه، فبعد عودته إلى جدة أنشأ المركز الطبي الدولي، الذي دشنه العاهل السعودي الراحل، الملك عبد الله بن عبد العزيز، واستقدم أعدادا كبيرة من الأطباء الذي تلقوا تكوينا أميركيا وأقام شركات مع مؤسسات طبية لجلب معايير الاستشفاء الأميركية إلى المملكة العربية السعودية.
كما أن المسؤولين الدبلوماسيين الأميركيين العاملين في قنصلية جدة كانوا يحظون بالعناية الطبية داخل مركزه بين الفينة والأخرى، وفي الآن نفسه وظف الطبيب الكاريزما التي يحظى بها لاستقطاب ملايين المشاهدات للفيديوهات التي كان يعدها حول الصحة البدنية، إضافة إلى 1.7 مليون متابع لحسابه بموقع "تويتر".

وبحسب مقال "واشنطن بوست" فإن "جزاء" فتيحي على كل مجهوداته كان في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، حينما اعتقلته بغتة عناصر الأمن التابعة لولي العهد، محمد بن سلمان، ليتم الزج به برفقة عدد كبير من رجال الأعمال السعوديين وأفراد العائلة الحاكمة، في فندق "ريتز كارلتون" بالرياض.
وأضاف المقال أن فتيحي مثل عدد كبير من المعتقلين تعرض للتعذيب، لكنه على خلاف جلهم لم يتم إطلاق سراحه بعد مرور بضعة أسابيع، بل استمر احتجازه لنحو عامين من دون إخضاعه لأي محاكمة.


وبعد عرضه أخيراً على المحكمة في يوليو/ تموز الماضي، تشير "واشنطن بوست"، كانت إحدى التهم الموجهة إليه هي الحصول على الجنسية الأميركية "بدون ترخيص".
وقالت الصحيفة في هذا الصدد، إن فتيحي تعرض إلى ما تعرض إليه لأنه نجح في أن يكون صوتاً مؤثراً داخل المملكة العربية السعودية لديه ارتباطات أميركية.
"عاودوا سؤالي مرات ومرات: لما لديك الكثير من المتتبعين على مواقع التواصل الاجتماعي"، كما جاء في مقابلة أجراها فتيحي مع صاحب مقال الرأي في "واشنطن بوست"، جاكسون ديهل، الذي أورد عن الطبيب السعودي قوله أيضا: "بالنسبة لهم، كوني أميركياً يجعل الأمور أسوأ بكثير".

واعتبر مقال "واشنطن بوست" أن قصة فتيحي تسلط الضوء على التناقضات التي تطبع العلاقات الأميركية مع حلفائها العرب القدامى، بمن فيهم مصر، والبحرين والإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى السعودية، موضحا أن جل هذه البلدان، كما أشار لذلك الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لم تكن لتستمر لولا وجود الحماية العسكرية الأميركية.

في المقابل، يورد المقال، أن الأنظمة في هذه البلدان بعدما اتبعت أساليب سلطوية خلال العقد المنصرم، أصبحت أقل رغبة في الاهتمام بالمصالح الأميركية، ومالت للتشكيك أكثر بمن يعملون على نشر القيم الأميركية بمجتمعاتهم أو لديهم ارتباطات بالولايات المتحدة.
وكنتيجة لذلك، يشير المقال، تزايدت حالات اعتقال المواطنين الأميركيين ليس في السعودية فحسب، بل في مصر أيضا، في ظل حكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يحتجز ما لا يقل عن خمسة أميركيين.
أما فتيحي فقد عاد إلى العمل في مركزه الطبي، الذي خصص به طابقين و80 سريراً لعلاج المصابين بفيروس كورونا الجديد، من دون أن ينال حريته بشكل كامل، كما يوضح المقال.

فالقاضي لم يصدر بعد الحكم في قضيته، وأطوار الجلسة تأجلت مرات عديدة، مقابل تزايد امتعاض المسؤولين الأميركيين، فيما يحظر عليه، وسبعة من أفراد عائلته، الذين يحملون كلهم الجنسية الأميركية، الخروج من الأراضي السعودية، مع تجميد جميع أصولهم في المملكة.

ورغم كل ذلك فإن فتيحي يؤكد أنه لن يتخلى عن مهمته، وقال إنه يعد لافتتاح مؤسسة للتكوين الطبي مرتبطة بمستشفاه، ويبحث عن شريك أميركي لتحقيق ذلك. "أود أن أواصل مهمتي كجسر عبور بين البلدين"، كما جاء على لسانه، ليخلص مقال "واشنطن بوست" إلى أن قصة الطبيب تكشف أنه بينما يحكم محمد بن سلمان، فإن الشراكة الأميركية السعودية قد لا تزدهر أبداً.
المساهمون