ما زال المفهوم الشامل للبيئة غريباً وعصياً على الإدراك لدى كثيرين. الغالبية يربطون الأمر بعناصر البيئة الطبيعية من هواء وماء وتربة، ومختلف المخلوقات والنباتات، وقلة أولئك الذين يدركون أن هناك أنشطة وأفعالا وقيما وعادات تنضوي تحت مفهوم البيئة الاجتماعية. والفئة الأقل هي التي عرفت أن البيئات ثلاث (طبيعية واجتماعية ومنشأة)، والقاسم المشترك في تدمير وتعمير أي منها هو الإنسان. بالتالي، فإن الفعل في الإطار الثاني (الاجتماعي) والمبني على الحاجة المولّدة للمبادرات المحروسة بالقانون والعرف والأخلاق، إنما هو إصلاح للبيئة الطبيعية (حملات التشجير ونشر الخضرة والجمال)، وإعمار للبيئة المنشأة (حملات النظافة، الإصلاح البيئي، وتجميل الشوارع، وترميم المؤسسات). فهل فطن شباب الثورة السودانية وقادتهم للأمر؟
يؤكّد الخبراء أنّ في وحدة الهدف ضمانات إنجاز واستمرارية. والشاهد أن ما حققته الثورة السودانية يعود في مجمله إلى وحدة الأهداف والشعارات. بعد شعار "تسقط بس"، الذي أفلح في إسقاط نظام الثلاثين عاماً من هدر الموارد وإفساد البيئة وتدهورها، رفع الثوّار شعار "حنبنيهو" أي أننا سنقوم ببناء كل ما هدمه النظام السابق. وبالفعل، نظمت المدن والقرى حملات للإصلاح البيئي، وعمد الشباب إلى إزالة أطنان من النفايات التي تكدست في الشوارع الرئيسية والفرعية، وردموا البرك وجففوها. وتزامنت الحملة مع انتهاء موسم الخريف وموسم الأضاحي بكل ما ينتج عنهما، في ظل إحجام وغياب المؤسسات المعنية بالأمر، هي المحسوبة على النظام السابق. وزاد الشباب بأن واصلوا تزيين الشوارع بالجداريات والرسوم التي توثق للثورة والفعل الثوري البيئي ـ كما سموه، إلى جانب إصلاح وترميم المدارس والمؤسسات الصحية التي طاولتها يد الخراب والإهمال.
اقــرأ أيضاً
بدأت الحملة رداً من قوى الحرية والتغيير على من روّجوا لاتهامات تخريب الثوار للشوارع، وأعلنوا عن مبادرة لإعادة الشوارع والمدن أفضل مما كانت عليه قبل الثورة في نحو عشرين منطقة، وإصلاح الطرقات التي تضررت نتيجة المتاريس التي كانت تحمي الثوار من اعتداءات القوات النظامية وأعداء الثورة.
وفي الحملات ترسيخ لمفهوم المبادرة والقيادة، ومساحة لزيادة الصلات الاجتماعية، وبناء الثقة بين الثوار في الأحياء السكنية، وبين قادة الثورة والمجتمع. كما شكّلت فرصة لمناقشة قضايا البيئة المحلية، ومتطلبات الفترة الانتقالية التي ستمتد ثلاث سنوات، وعلى رأسها تكوين وتأهيل تنظيماتهم الحارسة للثورة والحامية للبيئة. تقول الناشطة أمنية مصطفى (19 عاماً)، أن شعار "ح نبنيهو" يرمز للفعل في المستقبل، وإن كان قريباً. لكنهم الآن شرعوا فعلاً في البناء، واتفقوا في مجموعتهم (حي النصر في منطقة شرق النيل) على تعديله ليصبح (نحن بنبني فيهو) أي ها نحن قد بدأنا الفعل، وليلتحق بنا من يؤمن بالهدف.
(متخصص في شؤون البيئة)
يؤكّد الخبراء أنّ في وحدة الهدف ضمانات إنجاز واستمرارية. والشاهد أن ما حققته الثورة السودانية يعود في مجمله إلى وحدة الأهداف والشعارات. بعد شعار "تسقط بس"، الذي أفلح في إسقاط نظام الثلاثين عاماً من هدر الموارد وإفساد البيئة وتدهورها، رفع الثوّار شعار "حنبنيهو" أي أننا سنقوم ببناء كل ما هدمه النظام السابق. وبالفعل، نظمت المدن والقرى حملات للإصلاح البيئي، وعمد الشباب إلى إزالة أطنان من النفايات التي تكدست في الشوارع الرئيسية والفرعية، وردموا البرك وجففوها. وتزامنت الحملة مع انتهاء موسم الخريف وموسم الأضاحي بكل ما ينتج عنهما، في ظل إحجام وغياب المؤسسات المعنية بالأمر، هي المحسوبة على النظام السابق. وزاد الشباب بأن واصلوا تزيين الشوارع بالجداريات والرسوم التي توثق للثورة والفعل الثوري البيئي ـ كما سموه، إلى جانب إصلاح وترميم المدارس والمؤسسات الصحية التي طاولتها يد الخراب والإهمال.
بدأت الحملة رداً من قوى الحرية والتغيير على من روّجوا لاتهامات تخريب الثوار للشوارع، وأعلنوا عن مبادرة لإعادة الشوارع والمدن أفضل مما كانت عليه قبل الثورة في نحو عشرين منطقة، وإصلاح الطرقات التي تضررت نتيجة المتاريس التي كانت تحمي الثوار من اعتداءات القوات النظامية وأعداء الثورة.
وفي الحملات ترسيخ لمفهوم المبادرة والقيادة، ومساحة لزيادة الصلات الاجتماعية، وبناء الثقة بين الثوار في الأحياء السكنية، وبين قادة الثورة والمجتمع. كما شكّلت فرصة لمناقشة قضايا البيئة المحلية، ومتطلبات الفترة الانتقالية التي ستمتد ثلاث سنوات، وعلى رأسها تكوين وتأهيل تنظيماتهم الحارسة للثورة والحامية للبيئة. تقول الناشطة أمنية مصطفى (19 عاماً)، أن شعار "ح نبنيهو" يرمز للفعل في المستقبل، وإن كان قريباً. لكنهم الآن شرعوا فعلاً في البناء، واتفقوا في مجموعتهم (حي النصر في منطقة شرق النيل) على تعديله ليصبح (نحن بنبني فيهو) أي ها نحن قد بدأنا الفعل، وليلتحق بنا من يؤمن بالهدف.
(متخصص في شؤون البيئة)