على هامش المعرض المتواصل حتى نهاية الشهر المقبل، أقيمت مائدة مستديرة، هي جزء من البرنامج الرسمي الذي انطلق قبيل الافتتاح الرسمي للمتحف، توقّف فيها باحثون وأكاديميون ونحاتون عند تجربة السلمي، حيث شارك فيها كلّ من الفنانين رشيد الفخفاخ وسارة عطية وكمال الكشو.
وقدّم نحاتون من ثلاثة أجيال شهادات في أهمية تجربة السلمي، ومن الجيل الأول شارك رضا بن عبد الله وعبد الحميد بودن والهاشمي مرزوق، والجيل الثاني محمد اليانغي وبلعيضة بوجمعة وهدى غربال، أما الجيل الثالث والأخير فيمثل محمد بوعزيز ويسري بدريني وزينان التريكي.
ولد السلمي في تونس العاصمة، وبعد أن أنهى دراسته في "معهد الفنون الجميلة" انتقل إلى فرنسا عام 1954 ليكمل دراساته العليا فيها، ثم عاد وأسّس ورشة للنحت في شارع الحبيب بورقيبة.
في بداياته قام السلمي بنحت عمل ضخم حول أحداث ساقية سيدي يوسف، عام 1958، حيث قصف الاستعمار الفرنسي قرية على الحدود الجزائرية التونسية كانت تستقبل التونسيين، وراح ضحية القصف 68 شهيداً بينهم 12 طفلاً، فقام السلمي بتجسيد المجزرة الفرنسية في جدارية.
وعلى مدخل مدينة سوسة منحوتة أندجها بمناسبة استقلال تونس، عام 1956، تعبّر عن جنازة الشهيد عبر سبعة تماثيل تحميل بينها جثة هي التمثال السابع، وقد غيّب النحات بأسلوبه المألوف تفاصيل ملامح الوجه ملتفتاً أكثر إلى حركة الجسد في حالة الحزن والخوف والثقل.
مع مرور الوقت بدأت جماليات منحوتات السلمي تتغير، وشكل التمثال نفسه يبتعد عن الروح التقليدية والصور التراجيدية الجمعية، إلى الاقتراب أكثر من الفرد ومأساته الخاصة، وعزلته، متأثراً بشكل واضح بروحية منحوتات جياكوميتي، فاختلفت المواضيع وقبلها الأسلوب الذي أصبح أكثر حداثة وتجريداً.