بسبب جائحة كورونا وإغلاق المعابر الحدودية بين الدول العربية، ينشغل الفنان والرسام السوري أمجد نعيم، مجبراً، عن افتتاح معرضه "ناجون"، الذي أقيم، يوم الجمعة الماضي، في حيّ الجميزة في العاصمة اللبنانية بيروت. سخرية مركبة فرضتها الظروف الراهنة وتبعاتها على جميع مجالات الحياة عموماً، وعلى الإنسان خصوصاً، فشاءت الأقدار أن تفرق بين الفنان وأعماله. فبعد سنوات من عمل مضنٍ، بذل لها جهوداً حثيثة، على الرغم من الصعوبات الجمة التي اعترضته خلال فترة إقامته في لبنان، لم يكن نعيم ليعي أن هجرته الثانية نحو العراق، حيث محل إقامته الحالية، ستكون توصيفاً فاضحاً لمشيئة الأقدار التي كانت ترسم بريشتها، خفيةً، تفاصيل حكايته وطريق هجرته، بدءاً من سورية إلى لبنان، ثم العراق وبعدها المجهول، في الوقت الذي اختار فيه نعيم "ناجون" عنواناً للوحاته وشخوصه، فأمسى جزءاً منها، حاضراً وغائباً، ناجياً سيكون، بقدر نجاة رسوماته.
لم يشأ نعيم أن يمرر عبر لوحاته فلسفته الخاصة ذات النزعة التعبيرية والسريالية فحسب، مثلما فعل في عدد من معارضه السابقة مثل مجموعته "بقايا وطن" التي قدمها عام 2014 في مدينة السويداء مسقط رأسه. فهي، وإن كانت موجزاً لمظاهر متقاطعة محورها الإنسان كفرد، ومكللة بألفاظ لونية انطباعية يهجى من خلالها تكوينات النفس والروح، إلا أنها رؤية عذبة خالصة تعكس لنا أشكالاً فنية بالغة القسوة، أراد أن يطرح من خلالها أسئلة وجودية، علّها تنفي مخاوفه حول مستقبل الإنسانية التي آلت إلى حضيض بلغت مداها في أعماق روحه.
جعل نعيم من رسوماته تأخذ شكل الإنسان البدائي، تلفه مظاهر النفس المعذّبة والمقهورة، ليمرر من خلالها عناوين رنانة، تقرأ أفعال البشرية، وتدين ما اقترفته حروب السياسة وآثارها على الأفراد في المنطقة العربية والعالم. فجاءت شخوصه لتعبر، ليس عن تجربته في سورية فقط، بل عن تجارب الملايين ممن يعانون حول العالم، فاشتملت لوحاته على مظاهر عديدة قصد بها، أو ربما بغير قصد، أن يدمج بينها، مع الحفاظ على وحدة الموضوع (الإنسان البدائي) إلى جانب نوازعه وأفكاره.
اقــرأ أيضاً
أفرد نعيم في هذه المجموعة مكونات عبثية تصهر عدمية الكون، وتنذر بوجوديته في آن واحد، فيبقى الواقع البشري بمفاهيمه الأخلاقية واللاأخلاقية، محطّ اهتمام البعد الإنساني كما يراه نعيم في لوحاته. فأظهر هذا الجانب شكل الدرك المظلم للأذى البشري الذي أرهق شخوصه، فأثمرت تشوهات فجّة ومضخمة تقعَّرت معها أجسادهم العارية لتنكفئ على نفسها من شدة الألم، معللاً ذلك بإسقاطات رمزية، أقحمها من أجل التعبير عن مواضيع متعددة كالفقر والتشرد والقتل وغيرها. فنرى علبة سردين هنا، وعملة نقدية هناك، وقناع غاز في لوحة أخرى، وهي في مجملها نتائج، كانت الحرب السورية وغيرها من أشكال الحروب حول العالم، سبباً في وقوعها. غير أن هذه النوازع لم تحجب عن نعيم رؤيته الإيجابية في الحياة، فعبرت بعض لوحاته عن ألوان متشحة بالأبيض والبنفسج ترمز إلى النجاة والحياة والتفاؤل والأمل، بواسطة عناصر مغايرة، مثل ورقة خضراء نضرة وبالون ومفتاح، وهي أمور تبعث في نفسه بعض الطمأنينة المرجأة، لربما، إلى أجلٍ غير واضح المعالم.
مجموعة فنية يمكن وصفها كشريط سينمائي يحتوي على قصة وشخصيات وحبكة وصراع، حتى وإن غاب العنصر الموسيقي الذي ترك نعيم صداه في صدور الناظرين. وكذلك عنصرا الزمان والمكان اللذان لن يحدثا أي فرق أو أثر أمام الحقائق الموضوعية التي تكشفها لوحاته، فجلّ ما يعنيه هو الإنسان، المحور الأساسي في المجموعة، مجرداً من ماضيه ومستقبله، بدائياً في معالمه التي ترسمها لغة العصر الجائرة.
جعل نعيم من رسوماته تأخذ شكل الإنسان البدائي، تلفه مظاهر النفس المعذّبة والمقهورة، ليمرر من خلالها عناوين رنانة، تقرأ أفعال البشرية، وتدين ما اقترفته حروب السياسة وآثارها على الأفراد في المنطقة العربية والعالم. فجاءت شخوصه لتعبر، ليس عن تجربته في سورية فقط، بل عن تجارب الملايين ممن يعانون حول العالم، فاشتملت لوحاته على مظاهر عديدة قصد بها، أو ربما بغير قصد، أن يدمج بينها، مع الحفاظ على وحدة الموضوع (الإنسان البدائي) إلى جانب نوازعه وأفكاره.
أفرد نعيم في هذه المجموعة مكونات عبثية تصهر عدمية الكون، وتنذر بوجوديته في آن واحد، فيبقى الواقع البشري بمفاهيمه الأخلاقية واللاأخلاقية، محطّ اهتمام البعد الإنساني كما يراه نعيم في لوحاته. فأظهر هذا الجانب شكل الدرك المظلم للأذى البشري الذي أرهق شخوصه، فأثمرت تشوهات فجّة ومضخمة تقعَّرت معها أجسادهم العارية لتنكفئ على نفسها من شدة الألم، معللاً ذلك بإسقاطات رمزية، أقحمها من أجل التعبير عن مواضيع متعددة كالفقر والتشرد والقتل وغيرها. فنرى علبة سردين هنا، وعملة نقدية هناك، وقناع غاز في لوحة أخرى، وهي في مجملها نتائج، كانت الحرب السورية وغيرها من أشكال الحروب حول العالم، سبباً في وقوعها. غير أن هذه النوازع لم تحجب عن نعيم رؤيته الإيجابية في الحياة، فعبرت بعض لوحاته عن ألوان متشحة بالأبيض والبنفسج ترمز إلى النجاة والحياة والتفاؤل والأمل، بواسطة عناصر مغايرة، مثل ورقة خضراء نضرة وبالون ومفتاح، وهي أمور تبعث في نفسه بعض الطمأنينة المرجأة، لربما، إلى أجلٍ غير واضح المعالم.
مجموعة فنية يمكن وصفها كشريط سينمائي يحتوي على قصة وشخصيات وحبكة وصراع، حتى وإن غاب العنصر الموسيقي الذي ترك نعيم صداه في صدور الناظرين. وكذلك عنصرا الزمان والمكان اللذان لن يحدثا أي فرق أو أثر أمام الحقائق الموضوعية التي تكشفها لوحاته، فجلّ ما يعنيه هو الإنسان، المحور الأساسي في المجموعة، مجرداً من ماضيه ومستقبله، بدائياً في معالمه التي ترسمها لغة العصر الجائرة.