قبعات حزبية كثيرة غيّرت ألوانها داخل المشهد السياسي بالمغرب قبيل تنظيم الانتخابات البرلمانية المقررة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، إذ استقال عدد من النواب البرلمانين، رسمياً، في انتظار التحاقهم بأحزاب أخرى، كما غادرت بعض الوجوه أحزابها نحو وجهات جديدة. وشد برلمانيون وسياسيون الرحال في ما يسميه محللون مغاربة "ميركاتو" الانتخابات التشريعية، تشبيهاً بسوق انتقالات اللاعبين في الدوريات الكروية العالمية، نحو أحزاب غير تلك التي ترشحوا بها في انتخابات 2011، أو التي قضوا فيها فترة من الزمن قبل أن يقرروا تغيير ألوانهم الحزبية.
وقدم نواب برلمانيون استقالاتهم قبل أيام قليلة إلى رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، تحت مسوغات وتبريرات عدة، لكن الدافع الرئيسي يظل رغبتهم في تغيير انتمائهم الحزبي، والشروع في "الترحال السياسي" قبل 14 سبتمبر/أيلول الحالي، وهو الموعد الرسمي لوضع الترشيحات الانتخابية. كما اختار قياديون في أحزاب مغربية تغيير قبعاتهم السياسية، وقدموا ترشيحات باسم أحزاب أخرى، أبرزهم المعتقل الإسلامي السابق، الشيخ محمد عبد الوهاب رفيقي، الملقب بـ"أبو حفص"، والذي آثر مغادرة حزب النهضة والفضيلة لينتقل إلى حزب الاستقلال، ويترشح بلون هذا الحزب في مدينة فاس.
ومن أبرز القيادات السياسية، التي ترشحت بغير شعار أحزابها، وزير السياحة، حسن حداد، الذي قرر الترشح باسم "الاستقلال" عوض حزبه الحركة الشعبية، بسبب خلافات داخلية حول من يترأس قائمة المرشحين في إحدى الدوائر. وهناك أيضاً نجيب الوزاني، الذي يشغل منصب الأمين العام لحزب العهد، وقرر مع ذلك الترشح باسم حزب العدالة والتنمية في مدينة الحسيمة (شمالي البلاد). وفيما سوغ أبو فحص انتقاله من حزب النهضة إلى حزب الاستقلال، بأنه انضمام يتأسس على تقارب في الأفكار، لا سيما مشروع إحياء الفكر السلفي الوطني، بخلاف السلفية الرائجة حالياً، والمتأثرة بالمذاهب الشرقية، فإن الوزاني برر ترشحه باسم حزب غير ذلك الذي يترأسه، بأنه يسعى إلى محاربة ما سماه "التحكم السياسي"، متمثلاً في حزب الأصالة والمعاصرة المعارض.
وتكاد تجمع الأحزاب السياسية المغربية على رفضها ظاهرة "الترحال الحزبي"، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات. لكن على الرغم من ذلك، فإن هذه الأحزاب لا تتورع عن قبول أسماء جديدة وافدة من أحزاب أخرى، تحت ذرائع سياسية كثيرة، منها أنه لا يمكن للحزب أن يغلق أبوابه أمام المواطنين الذين يأتون للانخراط في الهيئة. ويعتبر حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة أن قبوله بأربعة وجوه غيّرت أحزابها لا يدخل في سياق "الترحال السياسي"، ولا علاقة له بالاعتبارات الانتخابية، وإنما جاء ذلك في سياق ما سماه قياديون بذات الحزب "تكتيكاً يسعى إلى توسيع الجبهة الرافضة للتحكم"، في إشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة.
اقــرأ أيضاً
في هذا الصدد، أكد عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، بلال التليدي، أن "عملية استقطاب حزبه لوجوه، لا تتجاوز عدد أصابع اليد، كانت أخلاقية لا يشوبها أي بعد تجاري أو مصلحي أو صفقات لتبادل منافع"، موضحاً أن المستقطبين صرحوا بأن ترشيحهم باسم الحزب كان إما عن اقتناع أو اندرج ضمن مشروع سياسي يحارب التحكم. حزب الأصالة والمعاصرة الخصم العنيد لـ"العدالة والتنمية" أبدى هو الآخر رفضه لظاهرة "الترحال السياسي" قبل موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، غير أنه على الرغم من ذلك قرر قبول عدد من أعضاء كانوا ينتسبون إلى حزب العدالة والتنمية الذين التحقوا بالحزب قبل أسابيع قليلة، بدعوى أنه لا يمكن رفض كفاءات سياسية أعربت عن قبولها للمشروع السياسي للحزب.
ودعا القيادي في "الأصالة والمعاصرة"، حكيم بنشماش، قبل فترة، الأحزاب السياسية إلى التفكير في التوقيع على ميثاق أخلاقي يضع حداً للترحال السياسي، معتبراً بالمقابل أن "الأحزاب ليست ثكنات عسكرية، والانخراط في الأحزاب يكون عن طريق الاختيار الطوعي والحر"، وفق تعبيره. أما حزب الاستقلال الذي وافق، أخيراً، على ترشيح وزير السياحة، الذي ينتمي إلى حزب الحركة الشعبية، في مدينة خريبكة (وسط)، فأعلن رفضه لظاهرة الترحال السياسي، والذي يُعرّف عنه بأنه يتمثل في "ترشح سياسي مع حزب المعارضة، ثم بعد ذلك يستقطبه حزب من الأغلبية، في حين كان نجاحه بشعارات وبرنامج الحزب المعارض".
وعلق أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية في جامعة الراشدية، الدكتور عثمان الزياني، على هذا الموضوع بالقول لـ"العربي الجديد" إن ظاهرة الترحال السياسي تشكل ممارسة معيبة أضحت تؤرق العمل السياسي والحزبي في البلاد، وتثقل كاهله إلى حد كبير". وأوضح الزياني أن "الترحال السياسي"، أو ما سمي بـ"الميركاتو الانتخابي"، غالباً ما يعزز حالة النفور السياسي لدى المواطنين، خصوصاً أن الدستور والقانون التنظيمي للأحزاب يمنع الترحال أثناء فترة الانتداب البرلماني فقط، "وهذا ما يفسر تقديم بعض النواب الاستقالة من مجلس النواب للترشح باسم أحزاب أخرى في الانتخابات التشريعية".
وعزا المحلل اشتعال الانتقال السياسي إلى الحروب الطاحنة التي تشهدها التزكيات داخل الأحزاب، معتبراً أن "هذا أمر طبيعي طالما أن الأحزاب السياسية تفتقر إلى معايير الديمقراطية في اختيار وانتقاء المترشحين، ولا تنضبط لقوانينها الأساسية بهذا الخصوص، مما يخلق خلافات داخلية تفرز دائماً ظاهرة الترحال". وأشار إلى أنه يمكن تفسير حركة الترحال السياسي بالصراع الانتخابي الحاصل بين الأحزاب السياسية، خصوصاً تلك المحمومة القائمة بين حزب الأصالة والمعاصرة وحزب العدالة والتنمية، على مستوى استقطاب المترشحين، للرهان على رئاسة الحكومة.
واستدل باستقطاب حزب الأصالة والمعاصرة أعضاء بارزين في حزب العدالة والتنمية، والأمر ذاته بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الذي استطاع إقناع الأمين العام لحزب العهد بالترشح ضمن لائحته تحت مبرر مواجهة التحكم، وهو الترشيح الذي أثار الكثير من السجالات. وخلص الزياني إلى القول إنه على الرغم من الحجج، التي يتم تسويغها لتبرير دوافع "الميركاتو السياسي" واشتداد فعل الترحال السياسي، فإنها تبقى ذرائع واهية، ويعوزها المنطق السياسي الحكيم، وتجعل العمل الحزبي دائماً في قفص الاتهام، لأنها تتم ضد مبادئ وأيديولوجيات عمل كل حزب".
اقــرأ أيضاً
وقدم نواب برلمانيون استقالاتهم قبل أيام قليلة إلى رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، تحت مسوغات وتبريرات عدة، لكن الدافع الرئيسي يظل رغبتهم في تغيير انتمائهم الحزبي، والشروع في "الترحال السياسي" قبل 14 سبتمبر/أيلول الحالي، وهو الموعد الرسمي لوضع الترشيحات الانتخابية. كما اختار قياديون في أحزاب مغربية تغيير قبعاتهم السياسية، وقدموا ترشيحات باسم أحزاب أخرى، أبرزهم المعتقل الإسلامي السابق، الشيخ محمد عبد الوهاب رفيقي، الملقب بـ"أبو حفص"، والذي آثر مغادرة حزب النهضة والفضيلة لينتقل إلى حزب الاستقلال، ويترشح بلون هذا الحزب في مدينة فاس.
وتكاد تجمع الأحزاب السياسية المغربية على رفضها ظاهرة "الترحال الحزبي"، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات. لكن على الرغم من ذلك، فإن هذه الأحزاب لا تتورع عن قبول أسماء جديدة وافدة من أحزاب أخرى، تحت ذرائع سياسية كثيرة، منها أنه لا يمكن للحزب أن يغلق أبوابه أمام المواطنين الذين يأتون للانخراط في الهيئة. ويعتبر حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة أن قبوله بأربعة وجوه غيّرت أحزابها لا يدخل في سياق "الترحال السياسي"، ولا علاقة له بالاعتبارات الانتخابية، وإنما جاء ذلك في سياق ما سماه قياديون بذات الحزب "تكتيكاً يسعى إلى توسيع الجبهة الرافضة للتحكم"، في إشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة.
في هذا الصدد، أكد عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، بلال التليدي، أن "عملية استقطاب حزبه لوجوه، لا تتجاوز عدد أصابع اليد، كانت أخلاقية لا يشوبها أي بعد تجاري أو مصلحي أو صفقات لتبادل منافع"، موضحاً أن المستقطبين صرحوا بأن ترشيحهم باسم الحزب كان إما عن اقتناع أو اندرج ضمن مشروع سياسي يحارب التحكم. حزب الأصالة والمعاصرة الخصم العنيد لـ"العدالة والتنمية" أبدى هو الآخر رفضه لظاهرة "الترحال السياسي" قبل موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، غير أنه على الرغم من ذلك قرر قبول عدد من أعضاء كانوا ينتسبون إلى حزب العدالة والتنمية الذين التحقوا بالحزب قبل أسابيع قليلة، بدعوى أنه لا يمكن رفض كفاءات سياسية أعربت عن قبولها للمشروع السياسي للحزب.
ودعا القيادي في "الأصالة والمعاصرة"، حكيم بنشماش، قبل فترة، الأحزاب السياسية إلى التفكير في التوقيع على ميثاق أخلاقي يضع حداً للترحال السياسي، معتبراً بالمقابل أن "الأحزاب ليست ثكنات عسكرية، والانخراط في الأحزاب يكون عن طريق الاختيار الطوعي والحر"، وفق تعبيره. أما حزب الاستقلال الذي وافق، أخيراً، على ترشيح وزير السياحة، الذي ينتمي إلى حزب الحركة الشعبية، في مدينة خريبكة (وسط)، فأعلن رفضه لظاهرة الترحال السياسي، والذي يُعرّف عنه بأنه يتمثل في "ترشح سياسي مع حزب المعارضة، ثم بعد ذلك يستقطبه حزب من الأغلبية، في حين كان نجاحه بشعارات وبرنامج الحزب المعارض".
وعزا المحلل اشتعال الانتقال السياسي إلى الحروب الطاحنة التي تشهدها التزكيات داخل الأحزاب، معتبراً أن "هذا أمر طبيعي طالما أن الأحزاب السياسية تفتقر إلى معايير الديمقراطية في اختيار وانتقاء المترشحين، ولا تنضبط لقوانينها الأساسية بهذا الخصوص، مما يخلق خلافات داخلية تفرز دائماً ظاهرة الترحال". وأشار إلى أنه يمكن تفسير حركة الترحال السياسي بالصراع الانتخابي الحاصل بين الأحزاب السياسية، خصوصاً تلك المحمومة القائمة بين حزب الأصالة والمعاصرة وحزب العدالة والتنمية، على مستوى استقطاب المترشحين، للرهان على رئاسة الحكومة.
واستدل باستقطاب حزب الأصالة والمعاصرة أعضاء بارزين في حزب العدالة والتنمية، والأمر ذاته بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الذي استطاع إقناع الأمين العام لحزب العهد بالترشح ضمن لائحته تحت مبرر مواجهة التحكم، وهو الترشيح الذي أثار الكثير من السجالات. وخلص الزياني إلى القول إنه على الرغم من الحجج، التي يتم تسويغها لتبرير دوافع "الميركاتو السياسي" واشتداد فعل الترحال السياسي، فإنها تبقى ذرائع واهية، ويعوزها المنطق السياسي الحكيم، وتجعل العمل الحزبي دائماً في قفص الاتهام، لأنها تتم ضد مبادئ وأيديولوجيات عمل كل حزب".