"معرض الإسكندرية": الكتاب بعد الفرز الأمني

28 مارس 2016
(من المعرض)
+ الخط -

تنحصر فعاليات الدورة الـ 12 من "معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب"، الذي افتُتح الأسبوع الماضي، بالأمسيات الأدبية وبعض النشاطات الفنية والإعلامية، من دون الاقتراب ممّا هو سياسي؛ ما أثّر بشكل سلبي على حجم الإقبال.

من يزور المعرض، سيُلاحظ أن الأمسيات الشعرية والندوات "النقدية"، إلى جانب مظاهر تنسيق العلاقات العامة، هي الأكثر هيمنةً عليه، مقابل غياب ملحوظ للكتّاب المعروفين والسياسيين، خصوصاً أن المعرض كان معروفاً بحضور كثيف لهذه الشخصيات الثقافية والسياسية.

تُرجع مكتبة الإسكندرية هذا الأمر إلى الرقابة الأمنية على إدارة التظاهرة؛ فجرى منع الكثير من الكتب الدينية، أو تلك التي تنتقد نظام الحكم لأسباب سياسية، ما أدّى إلى تراجع حضور كثير من دور النشر أيضاً.

يشير متابعون إلى أن الجهات الرقابية عملت على مراجعة أسماء المشاركين، سواءً من ناشرين أو ضيوف أو مُحاضرين، قبل انطلاق المعرض (يستمر حتى 3 نيسان/ أبريل)، وذلك للتأكّد من عدم وجود من له مواقف معارضة للنظام الحالي، وهو الإجراء الذي اتُّخذ أيضاً في معرضي الأهرام والإسكندرية مؤخراً.

يشارك في المعرض في هذه الدورة 60 دار نشر مصرية وعربية وأجنبية، من إسبانيا والدنمارك وسورية ولبنان وفلسطين والسعودية، إضافة إلى دور النشر المصرية، مثل "الهيئة المصرية العامة للكتاب" و"صندوق التنمية الثقافية" و"هيئة قصور الثقافة". وبحسب بيان للمكتبة، يقدّم 120 لقاءً ثقافياً؛ ما بين ندوات ومحاضرات وورش وأمسيات شعرية وقصصية.

في حديثه إلى "العربي الجديد"، يقول أحد زوار المعرض، محمد عادل، إنه يحرص سنوياً على الحضور، لكنه يشير إلى أن هذا العام يشهد إقبالاً ضعيفاً بسبب "تسطيح معرض بهذا الحجم، وتغييب الندوات الجادة، لتحل مكانها أخرى حول الإتيكيت والأخلاق وفرص العمل".

يضيف: "هناك ما يشبه الاتفاق غير المعلن على مقاطعة هذه الأنشطة التي انحصرت في ندوات حول مواضيع من قبيل "الحب" والمطلّقات ورومانسية الرجل المصري، والعادات الغذائية في دول حوض النيل وشكل البشرة في دول ما وراء البحار، وكأنه ليس لدينا قضايا مصيرية يُمكن مناقشتها".

في السياق نفسه، يقول الزائر محمد عابدين: "وجود هذا النوع من الندوات ما هو إلّا رسالة مفادها أن الكلام في السياسة ممنوع، وأن القوى السياسية لا يحق لها الاقتراب من محيط المعرض؛ سواء كانت رسمية وحاصلة على "شرعية" قانونية من الدولة، أو كانت مجموعة من الشباب الذين يمثّلون رابطة أو حركة أو جمعية أهلية".

من جهته، أكد عضو "اتحاد الناشرين المصريين"، حسام يسري، أن هناك قيوداً مفروضة على كافة أشكال التعبير في مصر وليس على معارض الكتاب خاصة في الفترة الأخيرة، وأن تدني نسبة الحضور يرجع إلى أسباب سياسية واقتصادية أسهمت في تولد حالة من الإحباط بين مختلف الفئات، وأدت الى عزوف المواطن العادي عن المشاركة بعد أن أصبح مشغولاً بقوت يومه.

ينتقد يسري تعامُل المعرض مع الجمهور، موضّحاً: "جرى إطلاق حملات وهمية تزعم إعادة إحياء القراءة، فوزّعت الإدارة عدداً من الكتب على طلاب مدارس الإعدادي والثانوي ليس فيها قيمة فكرية أو ثقافية حقيقية للطلاب". يضيف: "أغلب الكتب لا تجد من يشتريها منذ سنوات، وتدور مواضيعها في فلك فترة الستينيات".

في المقابل، يرفض رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية في مكتبة الإسكندرية، خالد عزب، أن يُتّهم المعرض بـ "التسطيح"، مشيراً إلى أن برنامج هذا العام يشمل عدة محاور، "أهمها القراءة، إضافة إلى الاهتمام بالمرأة، والجوائز، ومشوار الإبداع الجميل لعدد من المبدعين، والتنمية البشرية".

يضيف: "المعرض ثقافي في الأساس، وتشمل أنشطته كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية، وليس من الضروري دعوة أحزاب حتى نقدّم فعاليات ذات طابع سياسي"، نافياً أن يكون هناك تضييق على الكتب بقوله: "عمليات المنع تتم في أضيق الحدود وتكون في الغالب للمطبوعات المخالفة والتي تتنافى مع حرية التعبير ولحماية المجتمع".


اقرأ أيضاً: حظر الكتاب مع إيقاف التنفيذ

المساهمون