"مسيرة الكرامة" للأساتذة المتعاقدين في الجزائر

29 مارس 2016
التحرك مفتوح على التصعيد (العربي الجديد)
+ الخط -

"مسيرة الكرامة" عنوان التحرّك الذي بدأه مئات المعتصمين من الأساتذة المتعاقدين، أمام مقر وزارة التربية الوطنية في الجزائر، للظفر بحقوقهم "الشرعية"، والتي "لن تضيع ما دام وراءها مطالبون"، مشيرين إلى أن كرامة الأستاذ في الجزائر صارت محكومة بالاحتجاج.  

وأطلق الأساتذة المتعاقدون على حركتهم الاحتجاجية اسم "مسيرة الكرامة"، فساروا على الأقدام، متجمّعين من مختلف المناطق، من نقطة البداية في ولاية بجاية (270 كيلومتراً شرق العاصمة) نحو مقر وزارة التربية في أعالي منطقة المرادية في قلب العاصمة الجزائرية، لدفع وزيرة التربية الجزائرية، نورية بن غبريط، إلى الاستجابة لمطالبهم، وإدماجهم في مناصبهم، قبيل إجراء مسابقة توظيف على مستوى المؤسسات التربوية في البلاد.

المسيرة التي قادتها اللجنة الجزائرية للأساتذة المتعاقدين والمستخلفين (لديهم مخلفات مالية عالقة) تضم أكثر من ألف أستاذ من مختلف المناطق الجزائرية، أطلق عليها أيضاً "مسيرة الرمق الأخير"، بحسب الأستاذ معاطي محمد، من ولاية جيجل، إذ أكد أن الفرصة الآن أمام الآلاف من الأساتذة المتعاقدين للظفر بمنصب ثابت، مادامت وزارة التربية أتاحت آلاف المناصب عبر مسابقة وطنية، وهو ما رفضه المحتجون، بحسب المتحدث لـ"العربي الجديد" قائلاً: "اشتغلنا سنوات بعقود متجددة، فلم تُفرض علينا مسابقة مثلنا مثل البقية من المتقدمين لهذه المناصب".

ودعا المعتصمون وزارة التربية إلى إدماجهم في مناصبهم مباشرة، فالمسألة "حق أريد به باطل"، تقول لحمر ياسمينة لـ"العربي الجديد" وتضيف: "هناك من قضى 10 سنوات كاملة في التدريس بعقد متجدد سنوياً، وهناك الآلاف ممن كانوا ينتظرون أجورهم بالأشهر، واليوم يفرض علينا جميعاً العبور عن طريق مسابقة، ربما لن نفلح فيها ونحصل على منصب بعد سنوات العمل في المؤسسات التربوية".

وكشف المحتجون، في تصريحات متفرقة لـ"العربي الجديد": أن "مسيرتهم سلمية، بالرغم من القمع الذي مورس عليهم وإيقافهم من طرف عناصر الأمن"، مضيفين أن "الاحتجاج حق يكفله الدستور الجزائري والإدماج حق من حقوقهم الدستورية"، على حد تعبيرهم.

في المقابل، طمأنت وزيرة التربية الجزائرية، نورية بن غبريط، الأساتذة المتعاقدين المعتصمين أمام مقر الوزارة في العاصمة الجزائرية، أنها ستشرع في مفاوضات حثيثة مع مديرية "الوظيفة العمومية" لإيجاد صيغة لتثمين خبرة وتجربة المعنيين، واحتسابها، لكن بعد المرور على المسابقة.
وحاولت بن غبريط، في تصريح للإذاعة الجزائرية الرسمية، مساء اليوم، امتصاص غضب آلاف الأساتذة المحتجين، حيث قالت إنها ستدفع بإيجاد طريقة للأخذ بعين الاعتبار الخبرة المهنية وتوظيفها في المسابقة المنتظر إجراؤها في 30 أبريل/نيسان المقبل".

كما دعت وزيرة التربية الوطنية الأساتذة المتعاقدين إلى تسجيل أنفسهم ضمن قوائم الترشح في مسابقة توظيف الأساتذة. وفي ردها على سؤال يتعلق بالاحتجاجات المطلبية الاجتماعية للأساتذة المتعاقدين والمرتبطة أساسا بتسوية الأجور، أكدت بن غبريط، أنها طالبت المسؤولين على مستوى مديريات التربية عبر الولايات، بغية "تسوية" قضية تأخر رواتب المتعاقدين واستفادة المعنيين منها ومن مختلف المنح الخاصة بقطاع التعليم في الجزائر.

وفيما تفاءل كثيرون من استجابة الوزيرة للاستماع إلى مطالب المحتجين، إلا أن آمالهم تبددت بعد المفاوضات المغلقة التي عقدتها اليوم، مع وفد من الأساتذة المتعاقدين، والذين وصفوها بأنها "فشلت"، وهو ما ينبئ بذهاب الآلاف نحو التصعيد أو الإذعان لقرارات قانونية.

 مسيرة الأساتذة المتعاقدين (العربي الجديد)


اقرأ أيضاً: الجزائر: استقدام "التربية" خبراء فرنسيين يثير جدلاً واسعاً

من جانبها، أصدرت الفيدرالية الوطنية لقطاع التربية المنضوية تحت لواء النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية بياناً "ترفض فيه كل أشكال العمل الهش والتعاقد في التعليم الذي كرسه القانون العام للوظيفة العمومية"، مطالبة "بالإدماج دون قيد أو شرط، وتسوية وضعيتهم المالية العالقة".

كما حذرت النقابة المعنية من ما أسمته "التوظيف الهش الناجم عن سياسات التشغيل الفاشلة والتي تهدد التلاميذ بالدرجة الأولى"، مؤكدة تمسكها بـ"حرية التعبير وتنظيم المظاهرات السلمية لنيل حقوقهم"، داعية إلى "قرار رئاسي لإدماجهم في مناصب شاغرة".

كما هدد المحتجون بالإضراب عن الطعام وحركات احتجاجية أخرى قبل موعد المسابقة المعنية بتوظيف 29 ألف أستاذ في مختلف المستويات الدراسية في الجزائر، حتى "إحقاق حقهم" وقبول وزارة التربية الجزائرية بمطالبهم، وعدم المساس بكرامتهم.

هذه التطورات، بحسب الإعلامي سعيد حساني "تُدخل قطاع التربية في دوامة الاحتجاجات والإضرابات، خاصة أنه القطاع الأكبر في الجزائر من حيث كتلة الشغيلة والذي يشهد احتجاجات على طول السنة".

وتابع "دفعت هذه الاحتجاجات وزيرة التربية إلى عقد لقاءات جهوية ووطنية لمناقشة مطالبهم، في سياسة كسب الوقت، خصوصاً أن القطاع مقبل على امتحانات نهاية السنة، ما من شأنه أن يعطي القوة للمحتجين في الاستمرار في مسيراتهم واعتصاماتهم إلى حين نيل حقوقهم وتشديد القبضة الحديدية تجاه الوزارة".

اقرأ أيضاً: طرد أساتذة الجزائر المنتهية خدمتهم من مساكنهم
دلالات
المساهمون