"لوكارنو": أفلام عربية تكشف المخبأ

21 يوليو 2016
(من فيلم "أخضر يابس")
+ الخط -

لن يكون الفيلمان المصريان "الماء والخضرة والوجه الحسن" ليُسري نصر الله و"أخضر يابس" لمحمد حامد، العملان العربيان الوحيدان، المشاركان في الدورة الـ 69 (13 أغسطس/ آب 2016) لـ "مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي"، في المدينة السويسرية الإيطالية لوكارنو. ذلك أن "زينب تكره الثلج" (2016)، الوثائقي الجديد للتونسية كوثر بن هنية، يُشارك في المهرجان نفسه، وإنْ خارج المسابقة، بينما يتضمّن برنامج "مواهب الغد: المسابقة الدولية" فيلماً لبنانياً قصيراً، بعنوان "على الحبال" (2016) للمخرجة مانون نمّور.

وإذْ يكتفي الفيلم القصير بإنتاج لبنانيّ فقط، فإن "زينب تكره الثلج" يحصل على منح تمويلية من تونس وفرنسا ولبنان والإمارات، إضافة إلى "مؤسّسة الدوحة للأفلام" في قطر، التي تُشارك في إنتاج 3 أفلام أخرى ضمن برامج ومسابقات مختلفة في المهرجان نفسه.

تلتقي كلّ هذه الأفلام، شكلاً على الأقلّ، عند كون مخرجيها جميعهم شباباً، لا يزالون في البدايات الأولى لمساراتهم الإخراجية المتنوّعة، باستثناء المصري يُسري نصر الله، الحاضر بفعالية كبيرة وأساسية في المشهد السينمائي، عربياً ودولياً، منذ العام 1988، وفيلمه الروائي الطويل الأول "سرقات صيفية".

تتشابه القصص المروية في الأفلام الأربعة الأخرى، التي تُشارك قطر في إنتاجها، في كون أبطالها يقومون برحلات ذاتية وروحية وجغرافية، بحثاً في ماضٍ غامض، أو في ذاكرة منغلقة على حقائق مخفية، أو في حكايات معلّقة. اثنان منها تنبثق مساراتهما الحكائية والسردية والجمالية من موت الأب، بينما تبدأ الرحلتين الأخريين من ارتباك الراهن، وقلق شخصيات تبحث عن منفذ أو خلاص أو أجوبة.

ذلك أن حكاية الوثائقي التونسي تبدأ بموت والد زينب، التي تعيش والدتها قصّة حبّ قديمة، مع رجل يُدعى ماهر، يُهاجر إلى كندا بعد إرغامها على الزواج من رجل لا تُحبّه، هو والد زينب. تأتي الوفاة، بسبب حادث سير، وزينب في التاسعة من عمرها. وواجب العزاء، الذي يقدِّمه ماهر عبر الهاتف، يؤدّي إلى استعادة الحكاية القديمة، فيتأجّج الحبّ ثانية في قلبيهما.

وفاة والد الشاب، في "جمجمة قديمة" (إنتاج بوليفي قطري، 2016)، للبوليفي كيرو روسّو (1984)، المُشارك في "مسابقة سينمائيي الحاضر"، سببٌ لبداية الرحلة. فالعلاقة بينهما لم تكن حسنة، أساساً، والموت دافعٌ للشاب إلى العودة إلى قريته، والعمل في مناجم القصدير، والذهاب بعيداً في البحث عن ماضيه، للإجابة على سؤالين يُحيّرانه طويلاً: من هو والده؟ وكيف ستتغيّر حياته هو، بعد وفاة والده؟

رحلة في الماضي، أيضاً، لكن من نوعٍ آخر. فالشابّة إيناس، في "فكرة بحيرة" (إنتاج سويسري أرجنتيني قطري مشترك، 2016) لـ ميلاغروس مومنثالر (1977، سيناريست ومخرجة أرجنتينية، تحمل الجنسية السويسرية)، المُشارك في "المسابقة الدولية"، مُصوِّرة فوتوغرافية تمرّ في مرحلة عاطفية هشّة، لكنها تتولّى في الوقت نفسه تأليف كتاب يضمّ صُوَراً فوتوغرافية وقصائد شخصية. شيئاً فشيئاً، يتحوّل مسار تأليف الكتاب إلى بحث ذاتي وحرّ في ماضيها، من خلال التنقيب العميق في علاقتها بوالدتها، وفي كيفية تأثير غياب الأب، المختفي منذ عام 1977 في ذروة الحكم الديكتاتوريّ، في حياتها خلال الأعوام الفائتة كلّها.

إلى ذلك، تقوم المخرجة والسيناريست والمنتجة المستقلّة التايلندية آنوشا سوويتشاكورنبونغ (1976)، المقيمة في إنكلترا منذ مطلع تسعينيات القرن المنصرم، في جديدها "إلى أن يحين موعد الظلام" (إنتاج تايلندي هولندي فرنسي قطري مشترك، 2016)، المُشارك في "المسابقة الدولية" أيضاً، برسم ملامح عدد من الشخصيات، ترتبط حيواتهم بخيوط تكاد تكون غير مرئية، علماً أن "الأسلوب السرديّ يتغيّر، أكثر من مرّة، خلال الفيلم، لكشف المخبّأ في ذواتهم وماضيهم وحيواتهم تلك".

دلالات
المساهمون