عامًا بعد عام، يتزايد اعتماد هوليوود على إعادة إنتاج أفكارها الناجحة، التي قدّمتها سابقًا. مُدهشٌ أنّ نظرة واحدة على الأفلام الـ10 في شباك التذاكر الأميركي تكشف أنّ 8 منها على الأقلّ أجزاء ثانية، أو إعادة إنتاج، مع ندرة أفكار أصلية وأفلام جديدة.
هذا مزعج للغاية، إذْ يعتمد على نجاحٍ مضمون، لا على رهانٍ وفنٍّ وتجديد.
"لعبة طفل (Child’s Play) ينتمي إلى النوع نفسه. نسخة معاصرة من الفيلم الكلاسيكي المشهور، حامل العنوان نفسه، الذي أخرجه توم هولّاند عام 1988، عن الدمية تشاكي، التي تتلبّسها روحٌ شريرة، تدفعها إلى قتل الناس دائمًا.
في النسخة الجديدة، التي أخرجها لارس كلافبيرغ عام 2019، هناك محاولة لجعلها أكثر ارتباطًا باللحظة. التغيير الأبرز كامنٌ في أن تشاكي دمية أطفال بذكاء اصطناعي، تتحكم في الأجهزة والإلكترونيات كلّها، ما يجعلها أكثر سيطرة على الوضع. ونظرًا إلى أنّ العمّال، صانعي تلك الدمية، يعانون أوضاعًا "غير آدميّة"، ويتقاضون أجورًا قليلة (إشارة إلى وضعٍ اجتماعي سيئ، يُمكن اعتبارها لافتة للانتباه بالنسبة إلى فيلم رعب)، فإنّ هؤلاء العمّال ينزعون قطعة في تصميمها، ما يجعلها غير قابلة للسيطرة عليها. وعند شرائها كهدية للطفل آندي باركْلاي (غبريال باتمان)، بمناسبة عيد ميلاده (كما يحصل في النسخة الكلاسيكية)، تبدأ المعاناة، وتقع جرائم قتل مرعبة.
هناك عيبٌ وميزة في المعالجة الجديدة للحكاية. الميزة هي "المُعاصَرَة"، وعدم الاعتماد على فكرة "تناقل الأرواح" كما في العمل الأصلي. فالذكاء الاصطناعي فكرة أذكى وأكثر قبولاً للتناول، لكنها تُفقِد الفيلم (هنا يقع العيب) التعامل مع تشاكي كشخصية بشرية، بانفعالاتها وتصرّفاتها ذات الطابع المرعب وغير المريح، لشخصٍ بشري شرير في شكل دمية، يسعى ـ في لحظة ما ـ إلى استعادة جسده. لكنّ تشاكي هنا مجرّد دمية ذكية، مُدمَّرة من دون هدف أو غاية.
ما يعوّض هذا كلّه، ولو قليلاً، يكمن في صوت مارك هاميل (تشاكي). فالممثل ـ الذي عرف شهرة في شبابه بفضل شخصية لوك سكايواكر في سلسلة "حرب النجوم" (شارك مؤخّرًا في الثلاثية الجديدة من السلسلة نفسها) ـ يمنح الشخصية مهابة وحضورًا يتجاوز بهما مشكلة الشكل، إلى درجة أن تشاكي تُثير شعورًا بأنّ هناك بَشريًا خالصًا داخلها، وهذا أقوى ما في النسخة الجديدة.
بشكل عام، لا يتجاوز الفيلم كليشيهات أفلام الرعب المعتادة. بناء المَشاهد والقصة متوقّع تمامًا، من دون مَشَاهد قادرة على إدهاش المتفرّج، أو حبس أنفاسه.
"لعبة طفل"، مجرّد إعادة تجارية لعملٍ ناجح، كجملة مكرّرة تعكس جزءًا من أزمة هوليوود في اللحظة الراهنة.