اتهمت صحيفة "كيهان" الإيرانية المحسوبة على تيار المحافظين المتشددين، اليوم السبت، الولايات المتحدة الأميركية بخرق اتفاق جنيف الموقع بين إيران والسداسية الدولية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وينصّ الاتفاق على تعليق العقوبات المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي طيلة مدة هذا الاتفاق مقابل إيقاف إيران لتخصيب اليورانيوم بنسبة عشرين في المئة.
ورأت "كيهان" أن واشنطن قامت بفرض عقوبات جديدة بعد توقيع الاتفاق، ولم تلتزم بتعهداتها طوال مدة هذا التوافق، الذي تم التمديد له أربعة أشهر أخرى خلال شهر يوليو/حزيران الماضي. ومن المفترض أن يتحول اتفاق جنيف إلى اتفاق نهائي خلال الأشهر القليلة المقبة.
وأشارت "كيهان" إلى أنه بعد أسبوع واحد فقط من توقيع الاتفاق، تمت إضافة شركة كانت مسؤولة عن بناء ثمانية مفاعلات نووية إيرانية، فضلاً عن 16 شركة نقل مائية، إلى قائمة الشركات المحظور التعامل معها في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وبعد أسبوعين أيضاً، قامت واشنطن بفرض العقوبات على 19 شركة وفرداً، بتهمة التعامل مع شركة (ماهان) الإيرانية للطيران. وهي الشركة التي شككت واشنطن في وقت سابق بنقلها قوات الحرس الثوري إلى سورية لتقديم الدعم العسكري والمالي للنظام السوري.
وفي فبراير/شباط الماضي، أضيفت أسماء 18 تاجراً، و14 شخصاً آخرين إلى اللائحة الأميركية التي تحظر التعامل مع هؤلاء الأفراد وتفرض عقوبات على حساباتهم البنكية، وذلك بعد اتهامهم بالالتفاف على العقوبات المفروضة من قبل المالية الأميركية على طهران.
ويتهم هؤلاء بلعب دور الوسيط في بيع النفط الإيراني وتسليم عائدات النفط لإيران بالعملة الصعبة والمترتبة على الدول الموردة للنفط الخام الإيراني. وهو الأمر الذي حظرته الولايات المتحدة من قبل، في محاولة للتضييق على إيران لإيقاف نشاطاتها النووية.
ويأتي تقرير "كيهان" بعد تصريحات للمرشد الإيراني، علي خامنئي، الأربعاء الماضي، قال فيها إن طهران جلست خلال هذا العام مع الولايات المتحدة بعد سنوات طويلة من القطيعة بينهما، وأتى هذا فقط لمناقشة بعض الملفات الحساسة في برنامج البلاد النووي والتي تمنع التوصل لاتفاق نهائي.
ولكن حسب خامنئي، فإن هذه الجلسات لم تسفر عن أي نتيجة تذكر، بل زادت الولايات المتحدة من إهاناتها لإيران، وازدادت معها سياسات التضييق عليها، وتم فرض عقوبات جديدة في استمرار لسياسات واشنطن العدائية ضد طهران، حسب تعبيره.
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، ماري هارف، قد ردت على هذه التصريحات يوم الخميس الماضي، ونفت تصريحات خامنئي حول تشديد العقوبات، قائلةً إن بلادها لم تضع أية عقوبات إضافية منذ بدء المفاوضات، معتبرة أن هذه الجولات فرصة لاختبار نوايا إيران للوصول الى اتفاق جدّي.
خرق يبرر انتقاد الحكومة
انتقادات "كيهان" لم تقف عند الولايات المتحدة، بل طالت الحكومة الإيرانية، اذ نددت الصحيفة، باسم المحافظين المتشددين، بسكوت الجهاز الدبلوماسي للحكومة الإيرانية والذي يمثّل تيار "الاعتدال" برئاسة حسن روحاني.
واستهجنت عدم الرد من طرفه أو تقديم تصريحات حول خرق الولايات المتحدة الواضح لهذا التوافق.
وكانت وكالة "نوفوستي" الروسية قد قامت بانتقاد الأمر علناً، إذ نشرت في وقت سابق بياناً للخارجية الروسية ينتقد إعادة فرض العقوبات على إيران خلال فترة التعليق بموجب اتفاق جنيف، معتبرة الأمر خرقاً للقوانين الدولية
ويفتح هذا الأمر جدلاً جديداً بين الحكومة المعتدلة ومنتقديها من الأصوليين المتشددين، الذين يرفضون سياسة الحوار مع الغرب، ولا يثقون بالولايات المتحدة الأميركية.
ومنذ تولي روحاني للرئاسة خرجت تصريحات عديدة من قبل بعض المسؤولين الإيرانيين تفيد بأنه لا مانع لدى طهران من فتح حوار مع واشنطن حول قضايا إقليمية ودولية.
وتوقع البعض الآخر إعادة مدّ جسر العلاقات الثنائية بعد سنين طويلة من القطيعة التي أعقبت انتصار الثورة الإسلامية في إيران منذ أكثر من ثلاثة عقود، ولكنه أمر يرفضه المحافظون بالمطلق، ويحذرون الحكومة من الثقة بواشنطن.