لا تزال ردود الفعل على أغنية أديل "هيللو" مستمرّة. النجمة نجحت في تحقيق أرقام خيالية من ناحية عدد المستمعين لأغنيتها. كما أن تفاعل نجوم العالم معها، جعل الأغنية ربما من الأنجح في العقد الأخير. مؤشر آخر على نجاحها هو الأعداد الهائلة للـ"كوفرز" التي سجّلت للأغنية. والـ"كوفر" هو إعادة أداء الأغنية من قبل فنانين آخرين، كلّ على طريقته الخاصة.
عربياً قد يكون الـ"كوفر" الأشهر هو نسخة الشابة الفلسطينية، نويل خرمان، التي مزجت بين "هيللو" و"كيفك إنت"، ولاقت نجاحاً كبيراً.
لكن انتقادات أيضاً طاولت هذه النسخة من الأغنية، ما فتح باب نقاش واسعا، تحديداً حول مزج الموسيقى الشرقية والغربية، وحول استخدام أغانٍ من دون استئذان أصحابها. المؤلف والملحن ورئيس جمعية مجلس المؤلفين والملحنين في لبنان، أسامة الرحباني، كان من بين المعلقين على الموضوع، حيث رأى أن الخطأ بدأ منذ بداية العمل، من خلال عدم أخذ الإذن من زياد الرحباني (ملحن "كيفك إنت") لإعادة العمل...
يشرح الرحباني للعربي الجديد: الأساليب المختلفة لخرق القانون من خلال استعمال الموسيقى عشوائياً: "الموسيقى التي تعرض في أغلب المطاعم والمقاهي في لبنان تخترق قانون حقوق الملكية، إذ لا يدفع القيمون على هذه المحال مستحقات المؤلفين". ويستفيض شارحاً ما هي حقوق المؤلفين وكيفية مراعاتها: "أراقب كل ما هو جديد، وللأسف هناك مخالفات كثيرة على صعيد الحقوق الملكية الخاصة بالموسيقى... كل ما نسمعه حولنا من موسيقى في الشرق الأوسط غالباً ما يكون مخالفا للقانون، أي أنه لا يعترف بحقوق الملكية... الموسيقى التي نسمعها في المطاعم، في الراديو وفي التلفزيون وفي الاحتفالات كلها خاضعة لقانون حقوق الملكية، إلا أنه لا أحد يلتزم بتسديد مستحقات هذه الأعمال...".
ويتابع قائلاً: "لست ضد التكنولوجيا، ولست ضد مشهدية الـ"كوفرز" الموسيقية.. لكن هذا لا يغيّب تمسكي بالقانون، من حق الكل أن يطرح موهبته للناس، وأن ينشرها بالطريقة المناسبة له.. لكن عليه احترام خصوصية الأعمال ومؤلفيها... الـ"كوفر" الخاص بنويل جميل، لا تعليق عليه، لكن لماذا لم تراع حقوق الملكية. نفس السؤال إلى الشبان الأردنيين (حرقة كرت) "قطعتهم" الموسيقية ملفتة للنظر ولطيفة.. لكن هذا لا يمنع من استشارة المؤلف وأخذ موافقته... هم بشكل غير مباشر يقتطعون أرباحاً من درب المؤلف.. بمعنى آخر النقرات، أو ما يعرف بالـ"كليكس" الدعائية يحب أن تذهب أربحاها أو جزء منها لأديل وزياد... مع حبي للتكنولوجيا... إلا أنها شرعت السرقة".
أقرأ أيضاً:إنّهم يسرقون سميرة سعيد!
يتابع الرحباني حديثه، قائلاً: "مثلا قمت بإنتاج أغنية "لا بداية ولا نهاية" لهبة طوجي، وهي بالأصل أغنية المؤلف الفرنسي، ميشال لغراند، قمنا بجميع الخطوات القانونية لأخذ الإذن، وحددنا نوعية إنتاج العمل ومكان عرضه، هنا حققنا ما نريد، ولم ننتقص من حقوق المؤلف".
"فرقت على نوطة"
في الحقيقة، تواصل الرحباني، مع فرقة "فرقت على نوطة"، وهي فرقة موسيقية لبنانية، لكي تحذف أغنية على "يوتيوب"، كانت قد أنتجتها الفرقة وهي أغنية "أمي نامت عبكير"، وهي من كتابة وتلحين الأخوين الرحباني. لكنه ذكر أن الفرقة تقدم أعمالا جديدة، وبالفعل ابتاع ألبومهم وسمعه بالكامل. كل هذا يؤكد أن الرحباني المتمسك بالقانون، لا يمانع من أن يدعم المواهب الشبابية. من جهتها أوضحت بترا حاوي، من الفرقة، خلال اتصال مع "العربي الجديد"، أنه تم حذف الأغنية احتراماً للرحباني، وللقانون. وقالت إن العمل أنتج بدافع محبة لفيروز... لا لينتقص من مقامها، وقد ذكر اسم الأغنية في فقرة الوصف، والأغنية كانت ضمن حفل.
نويل خرمان
وتوضح نويل خرمان، في اتصال مع "العربي الجديد": "لم أدرك أن مشاركتي لفيديو موسيقى على "يوتيوب" سيحدث كل هذه الضجة، قمت بتسجيل الأغنية في استديو مجاور لبيتي، لا بل كل تصوير العمل ينطوي تحت عمل عائلي بحت، لم تكن فكرة الانتشار أو الشهرة موجودة... سجلت الأغنية بشكل عفوي، لم أع موضوع حقوق الملكية.. لأني أشاهد الكثير من "الكوفرز" أونلاين، ولم أدرك أني خالفت القانون في نشر هذا الفيديو، الذي حصد ملايين المشاهدات وأعيد نشره على صفحات خاصة من قبل المستخدمين على فيسبوك وتويتر ويوتيوب".
حرقة كرت
نفس ردة الفعل عبرت عنها فرقة "حرقة كرت" الأردنية التي بدأت منذ عام 2014 بإنتاج موسيقى الكوفرز، وفي نفس العام أنتجت أغنية تحمل مقطعا غنائيا للسيدة فيروز، وفي اتصال مع هاني السعدي، موزع وملحن في فرقة "حرقة كرت"، أوضح أنه شرف كبير لهم أن يستمعوا لرأي أسامة الرحباني حول أغانيهم، وهم يوضحون أنهم يعتذرون عن عدم احترام القانون، لكن لم يكن في بالهم أنهم اخترقوا القانون، إذ إن يوتيوب يقتطع من أربحاهم 60%، وفي بند قانوني يقتطع الموقع من هذه الأرباح مبالغ خاصة للمؤلفين... لكنهم لا يعلمون إذا ما كانت هذه الأرباح تذهب للفنانين فعلاً.
المصريون أيضاً
التجربة ذاتها يمر بها الموسيقيون المصريون على صعيد إنتاج الأغاني القديمة، إلا أن أيمن مسعود، أحد أعضاء فرقة "مسار إجباري" الموسيقية، وجهة نظر معاكسة لأسامة الرحباني، إذ يقول "نحن نفرح عندما نسمع "كوفر"، لأغنياتنا... فنحن بدأنا مسيرتنا الموسيقية بـ"كوفرز"، وأهمها أغنية "أنا هويت"، للراحل سيد درويش، وكنا قد اعتقدنا أن حقوق الملكية قد سقطت بسبب مرور أكثر من 60 عاماً على العمل، لكن القانون ينص على شيء مختلف... لذلك اضطررنا إلى نشر الأغنية أونلاين فقط... ولم يسمح لنا بوضعها في ألبومنا الأول".
ويوضح: "أن سياسة الكوفرز تسهل عملية نشر المواهب، وتقوم بنقل الأغاني القديمة إلى الجيل الجديد.. بطريقة معاصرة يستطيعون من خلالها حُب التراث الموسيقي، ربما لن يحب من هم في سن الخامسة عشرة الأغنية الأصلية لسيد درويش... لكن مع الالكتريك غيتار والموسيقى المودرن سيسهل عليهم حبهم للأغنية ومعرفتها".
أقرأ أيضاً: إسرائيل تسرق الأغاني العربية من المحيط للخليج