01 نوفمبر 2024
"كلّن براء"
بعد أكثر من أسبوعين على انطلاق الانتفاضة اللبنانية، لا يزال المسؤولون يعيشون في حالة إنكار مسؤوليتهم عن الحال التي وصلت إليها البلاد، والتي دفعت مئات الآلاف إلى الخروج إلى الشوارع، وكل منهم يلقي بالمسؤولية على الآخرين، باعتبارهم سبب البلاء، وهو براء من كل الفساد والنهب المتواصل في لبنان إلى يومنا هذا.
أول هؤلاء كان رئيس الجمهورية ميشال عون، والذي خرج، في خطابه الأول، ليشكو من اتفاق الطائف الذي قلص صلاحيات رئيس الجمهورية لحساب رئاسة الحكومة، وبالتالي ليقول إنه ليس قادراً على التدخل في السياسات الحكومية، والدفع بقوة إلى "الإصلاح" الذي حمل رايته منذ ما قبل وصوله إلى سدة الرئاسة. كلام الرئيس اللبناني، وعلى الرغم مما يحتويه من مغالطات، تلقفه المحللون الذين يدورون في فلك التيار السياسي الذي ينتمي إليه عون، ليدّعوا أن الرئيس مكبّل وغير قادر على القيام بما يلزم لإرضاء الشارع. تناسى عون، وتناسى من برّر له، أنه ليس رئيساً للجمهورية فحسب، بل هو زعيم تيار سياسي يسيطر عملياً على الحكومة اللبنانية، إذ يمتلك النسبة الأعلى من الوزراء (11 وزيراً من أصل 30)، إضافة إلى الغطاء الذي يؤمّنه له حليفه حزب الله داخل الحكومة، والذي سمح لصهره جبران باسيل بأن يكون رئيس الحكومة الفعلي في البلاد، وهو ما بات معظم اللبنانيين يدركونه، ولهذا كان الاستهداف الأساسي له في كل الهتافات التي خرجت من أفواه المتظاهرين في مختلف المناطق اللبنانية.
أيضاً، لم يحد رئيس الحكومة المستقيل، سعد الحريري، لم يحد عن السياق الخطابي نفسه، ورمى الكرة في ملعب شركائه في الحكومة، باعتبارهم من عرقل "الورقة الإصلاحية" التي كان من شأنها، بحسب رأيه، أن تحل مشكلات اللبنانيين. تناسى أيضاً الحريري أنه جزء من إرث سياسي اقتصادي أغرق البلاد في دوامةٍ من الديون، وأن تياره السياسي مسؤول عن سياساتٍ اقتصاديةٍ خاطئة، أوصلت لبنان إلى شفير الإفلاس. ومن هذا التيار، خرج على سبيل المثال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، فؤاد السنيورة، ليطالب المتظاهرين بعدم التراجع والمضي في مطالبهم، وكأنه غير معني بكل الحراك الشعبي الذي ليس من المفترض أن يطالب فقط برأس المسؤولين الحاليين، بل بكل من كانت له يد في وصول الأمور إلى وضعها الحالي، والسنيورة واحد منهم.
الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، لم يكن بعيداً عن هذا الخط، فخرج ناصحاً المتظاهرين، بعد تخوينهم بداية، وربطهم بالسفارات والأجندات المشبوهة، بكيفية المضي باحتجاجاتهم والوسيلة التي يجب أن يتبعوها في حراكهم. أيضاً وضع نصرالله نفسه وحزبه خارج صورة المعنيين بالاحتجاجات، بل زاد منتقداً أداء الوزراء والحكومة، و"انعدام الشفافية والمصداقية"، على حد تعبيره. نصرالله تحدث وكأن حزبه ليس جزءاً من الحكومة، وليس له الكلمة الأولى في تشكيلها وتسمية رئيسها، بصفته الحاكم الفعلي للجمهورية اللبنانية. أيضاً يتناسى الأمين العام لحزب الله أنه يتغاضى عن فتح ملفات الفساد، والتي قال النائب الذي يمثله في البرلمان، حسن فضل الله، إنه يملكها، حرصاً على حماية حلفائه داخل الطائفة الشيعية وخارجها.
لم يتغير الأمر بالنسبة إلى وليد جنبلاط وسمير جعجع وغيرهما من السياسيين الذين حاولوا ركوب موجة الاحتجاجات، واعتبارها تمثل واحدةً من مطالبهم التي دأبوا على رفعها في السر والعلن، على الرغم من أنهم أيضاً منغمسون حتى آذانهم في منظومة الفساد التي باتت تشكل النظام اللبناني. المفارقة الوحيدة إلى اليوم في هذا المجال هو الاختفاء التام لصوت رئيس مجلس النواب، نبيه بري، الذي لم يطلق أي تصريح منذ بداية الانتفاضة الشعبية، على الرغم من أنه أحد المعنيين الأساسيين عند الحديث عن الفساد. هو فقط اكتفى بدور من وراء الستار في محاولة الاعتداء عليهم عبر أنصار حركة أمل التي يتزعمها.
سياق خطابات وتصرفات المسؤولين الذين تحدثوا إلى اليوم يشكل كوميديا سوداء لبنانية، إذ يضعهم في صف المتظاهرين، وخارج إطار شعار "كلّن يعني كلن"، فـ "كلّن براء" من تدهور الأوضاع في البلاد، وتواقون إلى الإصلاح، لتكون المشكلة في المتظاهرين أنفسهم.
أيضاً، لم يحد رئيس الحكومة المستقيل، سعد الحريري، لم يحد عن السياق الخطابي نفسه، ورمى الكرة في ملعب شركائه في الحكومة، باعتبارهم من عرقل "الورقة الإصلاحية" التي كان من شأنها، بحسب رأيه، أن تحل مشكلات اللبنانيين. تناسى أيضاً الحريري أنه جزء من إرث سياسي اقتصادي أغرق البلاد في دوامةٍ من الديون، وأن تياره السياسي مسؤول عن سياساتٍ اقتصاديةٍ خاطئة، أوصلت لبنان إلى شفير الإفلاس. ومن هذا التيار، خرج على سبيل المثال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، فؤاد السنيورة، ليطالب المتظاهرين بعدم التراجع والمضي في مطالبهم، وكأنه غير معني بكل الحراك الشعبي الذي ليس من المفترض أن يطالب فقط برأس المسؤولين الحاليين، بل بكل من كانت له يد في وصول الأمور إلى وضعها الحالي، والسنيورة واحد منهم.
الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، لم يكن بعيداً عن هذا الخط، فخرج ناصحاً المتظاهرين، بعد تخوينهم بداية، وربطهم بالسفارات والأجندات المشبوهة، بكيفية المضي باحتجاجاتهم والوسيلة التي يجب أن يتبعوها في حراكهم. أيضاً وضع نصرالله نفسه وحزبه خارج صورة المعنيين بالاحتجاجات، بل زاد منتقداً أداء الوزراء والحكومة، و"انعدام الشفافية والمصداقية"، على حد تعبيره. نصرالله تحدث وكأن حزبه ليس جزءاً من الحكومة، وليس له الكلمة الأولى في تشكيلها وتسمية رئيسها، بصفته الحاكم الفعلي للجمهورية اللبنانية. أيضاً يتناسى الأمين العام لحزب الله أنه يتغاضى عن فتح ملفات الفساد، والتي قال النائب الذي يمثله في البرلمان، حسن فضل الله، إنه يملكها، حرصاً على حماية حلفائه داخل الطائفة الشيعية وخارجها.
لم يتغير الأمر بالنسبة إلى وليد جنبلاط وسمير جعجع وغيرهما من السياسيين الذين حاولوا ركوب موجة الاحتجاجات، واعتبارها تمثل واحدةً من مطالبهم التي دأبوا على رفعها في السر والعلن، على الرغم من أنهم أيضاً منغمسون حتى آذانهم في منظومة الفساد التي باتت تشكل النظام اللبناني. المفارقة الوحيدة إلى اليوم في هذا المجال هو الاختفاء التام لصوت رئيس مجلس النواب، نبيه بري، الذي لم يطلق أي تصريح منذ بداية الانتفاضة الشعبية، على الرغم من أنه أحد المعنيين الأساسيين عند الحديث عن الفساد. هو فقط اكتفى بدور من وراء الستار في محاولة الاعتداء عليهم عبر أنصار حركة أمل التي يتزعمها.
سياق خطابات وتصرفات المسؤولين الذين تحدثوا إلى اليوم يشكل كوميديا سوداء لبنانية، إذ يضعهم في صف المتظاهرين، وخارج إطار شعار "كلّن يعني كلن"، فـ "كلّن براء" من تدهور الأوضاع في البلاد، وتواقون إلى الإصلاح، لتكون المشكلة في المتظاهرين أنفسهم.