"قُمرة".. بعيداً عن السجادة الحمراء

09 مارس 2016
جيمس تشاموس في إحدى جلسات "قُمرة" (تصوير: إيان غافان)
+ الخط -

في عام 2009، أطلقت "مؤسّسة الدوحة للأفلام" الدورة الأولى من "مهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي". في عام 2012، أقيمت الدورة الرابعة من التظاهرة، وكانت الأخيرة. لم يكن "ترايبيكا" سوى مهرجانٍ سينمائي تقليدي؛ يعتمد على مجموعة عروض، تتراوح بين أفلام روائية طويلة وقصيرة، وكذلك وثائقية، تتنافس على جوائز المهرجان.

لم يُرِد القائمون على المؤسّسة أن يكون المهرجان مجرّد سجّادة حمراء تُضاف إلى غيرها ممّا تبسطه الفعاليات السينمائية في العالم العربي؛ فأطلقت تظاهرتين، هما "مهرجان أجيال السينمائي"، و"ملتقى قمرة السينمائي".

في "قمرة"، الذي تُختتم فعاليات دورته الثانية اليوم في الدوحة، تسعى المؤسسة إلى الجمع بين أكثر من جيلٍ سينمائي معاً، بهدف تعزيز تبادل الخبرات وتطوير المواهب وصقلها؛ من خلال مساعدة المخرجين الواعدين على إنتاج مشاريعهم وتوفير منصّة لإطلاق أعمالهم، عبر تعريفهم إلى خبراء سينمائيين وصنّاع أفلام.

هكذا، يُخصّص "قمرة" لعروض الأفلام قسمين، هما "الأساتذة" و"أصوات سينمائية جديدة". في الأوّل، تحضر مجموعة من صنّاع الأفلام إلى جانب أعمالهم؛ إذ يتسنّى للمشاركين والجمهور مشاهدة أفلامهم والالتقاء بهم ضمن ندوات نقاشية تُقام بعد العروض.

"الأساتذة" هم المخرج والمنتج وكاتب السيناريو جيمس تشاموس وصانع الأفلام الوثائقية جوشوا أوبنهايمر (أميركا). إلى جانب المخرجة نايومي كاواسي (اليابان) والمخرج والكاتب نوري بيلج جيلان (تركيا) والمخرج ألكسندر سوكروف (روسيا). أما أفلامهم، فهي "النمر الرابض والتنين الخفي" للمخرج أنغ لي (إنتاج ومشاركة في الكتابة لـ تشاموس)، و"ذات يوم في الأناضول" (بيلج جيلان)، و"غابة الحداد" (كاواسي)، و"الفلك الروسي" (سوكروف)، و"نظرة الصمت" (أوبنهايمر).

في قسم "أصوات سينمائية جديدة"، تُعرض تجارب لصانعي أفلام شباب شاركوا في مهرجانات عربية وأجنبية وحازوا جوائز أو رُشّحوا لها، مثل فيلم التحريك "موج 98" (السعفة الذهبية في كان 2015) للمخرج اللبناني إيلي داغر، و"في رأسي دوّار" للمخرج الجزائري حسن فرحاني.

لا تشكّل عروض الأفلام العِماد الأساسي للمتلقى؛ لهذا لم يُسمَّ مهرجاناً. الأهم بالنسبة إلى القائمين على "قمرة"، هو الورشات والجلسات التي تجمع "الأساتذة" بالمخرجين الواعدين، الذين ما زالوا يعملون على تجاربهم الأولى أو الثانية. تتألّف هذه الورشات من لقاءات جماعية أو فردية، معظمها مغلق، يطّلع فيها الخبراء على أعمال غير منجزة بالكامل؛ إذ اختير 33 فيلماً من 19 بلداً، يتوزّعون على فئات مختلفة: 11 فيلماً طويلاً في مرحلة التطوير، و12 طويلاً في مرحلة ما بعد الإنتاج و10 أفلام قصيرة في مرحلة التطوير.

إضافة إلى هذه الجلسات المغلقة، أقيمت خلال أيام الملتقى ندوات مفتوحة، قدّم فيها الخبراء تجاربهم وما يواجهونه في العمل على صناعة الأفلام، كما تناولوا أيضاً تجربتهم في قمرة. في هذا السياق، كان لـ تشاموس ندوة أقيمت قبل أيام، أشار فيها إلى أنّه يسعى إلى فهم وجهات نظر الشباب، وطريقة تفكيرهم، بهدف إدراك التحدّيات التي يواجهونها، ومعرفة منطلقاتهم السينمائية، وما يطمحون إليه.

في ندوته، ركّز تشاموس على كتابة النّص، كونه خبيراً في هذا المجال؛ إذ حاز نصّه لفيلم "عاصفة الجليد" (إخراج آنغ لي) جائزة أفضل سيناريو في "مهرجان كان" عام 1997. وفي بداية هذا العام، أخرج أول أفلامه الروائية الطويلة "غضب المظلوم". بالنسبة إليه، فإن الكتابة هي مسارٌ موازٍ للكاميرا، أو "النّص هو ما تلتقطه الكاميرا مكتوباً"، بحسب تعبيره.

وبينما ذهب تشاموس إلى النص وكتابته، تناول المخرج الروسي، ألكسندر سوكروف، في ندوةٍ عُقدت له بعد عرض فيلمه "الفلك الروسي" أول أمس، الجانب التقني في صناعة الفيلم، وهو أكثر ما ركّز عليه في ورشه مع المخرجين الشباب. أشار سوكروف إلى أنه في جلساته لم يكن يتتبّع مسار القصّة والسيناريو فقط، بل كان أيضاً يحاول تقصّي رؤية المخرج تجاه التصوير مثلاً، وكيفية إدارته:

"مثلاً، لا تصوير من دون إضاءة. لا تصوير من دون هدوء تام؛ فلا يحتمل العمل صوت سيّارة ما تمرّ في الشارع. هذه التفاصيل مهما بدت صغيرةً، إلّا أنّها مهمّة للغاية". يضيف: "كنت أتابع مع المخرجين الشبّان ما يتعلّق بهذه الأمور. فالنص، في النهاية، يمكن التعديل عليه وتسيير القصة بعدّة اتجاهات، لكن إن انقطعت الكهرباء في مكان التصوير، سيتعطّل النّص بالكامل".

يأتي اهتمام سوكروف على الناحية التقنية انطلاقاً من فيلمه "الفُلك الروسي"؛ الذي يتألّف من 99 دقيقة، شكّلتها لقطة واحدة طويلة داخل متحف الـ "أرميتاج" في سانت بطرسبرغ؛ حيث يسرد الفيلم حقباً مختلفة من تاريخ المدينة من خلال الأعمال الفنية والأحداث التي تدور في المتحف.


اقرأ أيضاً: "الجزيرة للأفلام التسجيلية": على مرمى حجر من الواقع

دلالات
المساهمون