داخل مستشفىً في بنغازي، عُرض أمس الفيلم الروائي الطويل "فيلم مش ليبي"، للمخرج خالد الشيخي، بمشاركة عدد من الممثّلين الليبيين؛ منهم عيد سعيد وإبراهيم الخمسي وجمال محمد وخيرية الخمسي.
كان العرض بمثابة تحدٍّ للوضع الأمني الذي تعيشه المدينة، حيث توجد بعض المسارح ودور العرض في مناطق الاشتباكات المسلّحة. كما أحال مكان العرض إلى دلالة مفادها أن السينما يُمكن أن تكون نوعاً من الدواء لأمراض الإنسانية.
يندرج الفيلم، الذي أنتجته "هيئة الإعلام والثقافة" وقُدّم عرضه الأوّل قبل أيام، ضمن ما يُسمّى بـ "سينما الطريق"؛ حيث يدور جانب من أحداثه داخل سيارة. نشاهد رجلاً ليبياً يسافر وحيداً على متن سيارته، عبر طرق "الجبل الأخضر" (شرقي ليبيا) المتعرّجة، باحثاً عن صديق له، قبل أن تُسفر الرحلة عن مفاجأة غير متوقّعة.
قبل ذلك، يرسم حديثه عبر الهاتف، صورة سوداوية عن الراهن الليبي ومعاناة الليبيين في البحث عن الخبز والبنزين والغاز، في ظلّ تأخير صرف المرتبات والانفلات الأمني وجرائم الذبح والخطف التي تقوم بها الجماعات المتطرّفة وغيرها من أطراف الصراع.
ينفد وقود السيارة فجأةً، ويجد الرجل نفسه في غابة وسط أناس بدائيين، في إسقاط على ما آلت إليه ليبيا من تقاتل وتقويض لبنيتها التحتية. كأن الشيخي أراد أن يقول إن ثمّة ارتداد إلى الحياة البدائية، مبدياً رفضه لهذا الواقع من خلال عنوان الفيلم نفسه الذي يفيد بأن "هذه ليست ليبيا".
رغم توظيفه للفانتازيا في تصوير حياة العصور البدائية تلك، جاء الفيلم واقعيّاً، كما لم يخلُ من "الكوميديا السوداء". يُمكن وصف هذا الخيار بـ "الواقعية القذرة"، على غرار تلك التي قدّمتها حركة "جيل البيت" الأدبية في الخمسينيات، خاصّة جاك كيرواك في روايته "على الطريق". فقط تختلف الأماكن ودرجات العذاب الإنساني.