أما تاريخيًا، فقد شهدت فيرجينيا 2200 معركة من أصل 4000، خلال الحرب الأهلية الأميركية، وكذلك الاستسلام الذي أنهى تلك الحرب وأيضاً الذي أنهى الثورة الأميركية قبلها، كما كان لها دورها الفعال في كتابة الدستور الأميركي، إذ أعد جيمس ماديسون، عضو مجلس النواب في فيرجينيا وأحد الآباء المؤسسين الذي أصبح فيما بعد رابع رئيس للولايات المتحدة، المسودة الأولى لخطة فيرجينيا في عام 1787، ولوثيقة الحقوق عام 1789، الأمر الذي منحه لقب "أبو الدستور" الأميركي.
ومن ناحية أخرى، فقد اشتهرت فيرجينيا باسم "أم الرؤساء"، حيث ولد فيها ثمانية منهم، وهو رقم لم تحققه أي ولاية أميركية أخرى، من بينهم أربعة من أول خمسة رؤساء أميركيين.
وتعتبر الجمعية العامة في فرجينيا أقدم هيئة سن قوانين في العالم الجديد، كما اختيرت الولاية لإنشاء مقر وزارة الدفاع الأميركية، وهو أكبر مبنى مكاتب في العالم وبه خطوط تليفونات داخلية لو وُصِّلَت ببعضها لبلغت مسافة 68 ألف ميل.
وتحتفظ الولاية أيضاً بمبنى وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، والمقر الرئيس لحلف الأطلنطي، بالإضافة إلى موقع الميناء البحري الرئيسي في المنطقة، وقاعدة أسطول الولايات المتحدة في الأطلنطي.
واقتطعت من فيرجينيا المساحة التي أطلق عليها ولاية كنتاكي، وأيضاً تلك التي عرفت باسم ولاية فيرجينيا الغربية.
شواطئ خلابة
وأما الشواطئ الخلابة، فتعتبر فيرجينيا إحدى أهم الوجهات التي يقصدها الباحثون عن راحة البال فيها، بمساحات كبيرة آمنة وممتدة على ساحل المحيط الأطلنطي، يسعى إليها الزائرون من واشنطن العاصمة وولاية ماريلاند القريبتين، بالإضافة إلى العديد من الولايات الداخلية الأخرى.
وفي حين لا توجد إحصاءات مؤكدة عن حجم السياحة الخارجية في فيرجينيا وحدها، إذ يوجد بها أحد أكبر المطارات الأميركية بالولايات المتحدة، ويخدم ولايات عدة، أهمها فيرجينيا وفيرجينيا الغربية وماريلاند، بالإضافة إلى واشنطن العاصمة، فإن الزائرين من داخل الولايات المتحدة أنفقوا العام الماضي ما يقرب من 25 مليار دولار في فيرجينيا، وظفت أكثر من 230 ألف موظف، وهو ما وضع صناعة السفر والسياحة في المرتبة الخامسة كأكبر موظِّف في الولاية.
وتنفرد شواطئ فيرجينيا بأحداث تاريخية تمنحها جاذبية خاصة، إذ احتضنت أراضيها أول مستعمرة إنكليزية تم تأسيسها في أميركا الشمالية عام 1607.
ونجح أحد المستوطنين، واسمه جون رولف، في زراعة أول أنواع التبغ القابل للتصدير، ومن وقتها أصبحت تلك أهم الصناعات في فيرجينيا. واعتبر كتاب غينيس ريكورد للأرقام القياسية أن فيرجينيا بيتش، إحدى مدن الولاية، هي "أطول شاطئ للاستمتاع في العالم".
وألهمت جبال فيرجينيا الساحرة أجيالاً العديد من الأغاني الرائعة التي عكست ثقافة فريدة وأنغاماً موسيقية مختلفة، وفناً محلياً، ونبيذاً عالمياً يقولون إن طعمه أطيب كثيراً من كل أنواع النبيذ الموجودة في أي مكان آخر.
ومع هطول الأمطار الغزيرة أغلب فترات العام، تغطي الأشجار الكثيفة تلك الجبال، فتحجب عن الجميع أي شيء إلى ما يجعله يشعر بالاستجمام التام في الهواء الطلق. ويقول سكان الولاية إن هذا الجمال الخلاب والطبيعة الساحرة مكّنا الزائرين من إعادة اكتشاف أنفسهم، حتى ليشعر بعض من يزورون الولاية لأول مرة أنهم قد عادوا إلى منازلهم.
تكلفة الرحلة
وساعدت المساحات الواسعة في الولاية، وكذلك انتشار المدارس الجيدة، على تخفيض تكلفة السكن، شراء أو تأجيراً، وكذلك أسعار الوقود، مقارنة بأغلب مناطق الجارتين ماريلاند وواشنطن العاصمة.
وتنتشر في فيرجينيا مطاعم محلات بيع اللحوم "الحلال"، ويطلق عليها هنا "الذبيحة"، بسبب تزايد عدد السكان من المسلمين العرب والباكستانيين. وتشكل تلك النوعية من اللحوم أهمية زائدة لأغلب المسلمين هناك، وتوجد في العديد من مساجد الولاية لجان مختصة بالتفتيش على تلك الأماكن للتأكد من مطابقة عملية الذبح للشريعة الإسلامية، وهو ما يرفع من تكلفة هذه المنتجات، لكن في نفس الوقت يمكن شراء وجبة سريعة "حلال" بتكلفة 10-12 دولاراً.
ومع انتشار التعامل على مواقع تأجير الشقق والغرف والفنادق في الولايات المتحدة من نوعية "اير بي أن بي" و"بوكينغ" وغيرهما، انخفضت تكلفة الإقامة في أغلبها، وكان من بينها فيرجينيا، وأصبح ممكناً الحصول على غرفة مزدوجة في فندق نظيف بنحو 35 دولاراً، بينما توجد الفنادق شديدة الرفاهية مما قد تصل تكلفة الليلة الواحدة فيه إلى أكثر من ألف دولار.
يقول صاحب البيت الذي استأجرته في فيرجينيا "لقد عشت في ولايات كثيرة، لكن عندما جئت إلى فيرجينيا وجدت أنها بالفعل للمحبين. فأنت تقع هنا أسيراً بين دفء الجنوب والرؤية الفكرية للشمال، وكأن الولاية تقودك باتجاه معين، وهذا الاتجاه بالتأكيد سيكون للحب".
بالفعل، فيرجينيا للمحبين...