أفشلت كل من روسيا والصين، للمرة الثانية خلال أيام، تبني مجلس الأمن الدولي لقرار بلجيكي ألماني يجدد لتقديم المساعدات الإنسانية في سورية، عبر الآلية العابرة للحدود عبر معبرين تركيين. وحصل مشروع القرار على تأييد 13 دولة، ويحتاج أي قرار لتسعة أصوات لتبنيه، إلا أن الفيتو الروسي والصيني المزدوج أفشل تبني القرار.
وينتهي العمل بآلية إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود لسورية منتصف الليلة بتوقيت نيويورك، السبت السابعة صباحا بتوقيت سورية. ونص مشروع القرار على التمديد لتقديم المساعدات الإنسانية عبر الآلية العابرة للحدود لسورية، في الشمال الغربي والشمال الشرقي، عبر معبرين وليس عبر معبر واحد كما يريد الجانب الروسي، ولستة أشهر. وهذه هي المرة الثالثة خلال الأيام الأخيرة التي يصوت فيه مجلس الأمن على مشاريع قرارات حول تجديد العمل للآلية العابرة للحدود لتقديم المساعدات الإنساني من دون أن يتوصل إلى اتفاق.
وكان المجلس قد صوت الثلاثاء على مشروع بلجيكي ألماني نص على التجديد لتقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود عبر معبرين تركيين، باب الهوى وباب السلام، ولمدة 12 شهرا. وحصل ذلك المشروع كذلك على 13 صوتا، لكن فيتو روسيا صينيا مزدوجا أفشله.
في اليوم التالي، الأربعاء، قدمت روسيا مشروع قرار خاص بها نص على الاستمرار بتقديم المساعدات الإنسانية لكن عبر معبر واحد وهو باب السلام ولستة أشهر. ولم يحصل المشروع الروسي إلا على تأييد أربع دول وهي روسيا والصين وفيتنام وجنوب أفريقيا. ولم يتم تبنيه لأنه لم يحصل على تسعة أصوات.
واستمرت المداولات بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وحاولت الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، الضغط على الجانب الروسي والصيني لقبول مشروع نص مشابه يصر على التجديد لتقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود عبر معبرين، بدلا من معبر، ولكن لستة أشهر.
وأكدت السفيرة الأميركية للأمم المتحدة كيلي كرافت، لـ "العربي الجديد"، يوم أمس، أن الولايات المتحدة ضغطت على عدد من الدول كجنوب أفريقيا وفيتنام كي لا تقبل بالتعديلات الروسية. لكن كل هذا لم يساعد حتى اللحظة لكي تقبل كل من روسيا والصين بأن يتم تقديم المساعدات عبر معبرين بدلا من معبر واحد.
ويرى الجانب الروسي أن الأوضاع على الأرض تغيرت، مقارنة بعام 2014 حين بدأ مجلس الأمن العمل بالآلية والتي كان من المفترض أن تكون مؤقتة وغير دائمة، بحسب الطرف الروسي. ويقول الجانب الروسي إن موقفه كان دائما واضحا وهو أن يتم إغلاق المعابر وبشكل تدريجي بما يتماشى مع الأوضاع على الأرض. ويرى أن إغلاق معبر اليعربية العراقي، في يناير الماضي، أدى إلى تكثيف التعاون بين النظام والأمم المتحدة وساعد على تقديم المساعدات عبر أراضيه. لكن الأمم المتحدة وفي أكثر من تقرير أشارت إلى أن النظام ما زال يعيق قدرتها على تقديم المساعدات الإنسانية للشمال الشرقي بسبب البيروقراطية، كما أنها لم تتمكن من تقديم المساعدات بنفس الحجم الذي كانت تقدمه قبل إغلاق اليعربية.
كما يرغب كل من الجانب الروسي والصيني أن ينص مشروع القرار على طلب للأمين العام للأمم المتحدة، يقوم بموجبه بتقديم تقرير حول تأثير العقوبات التي تفرضها كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على قدرة النظام السوري في مكافحة فيروس كورونا. وتطالب روسيا والصين برفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن النظام.
وطرحت روسيا مجددا مشروع قرار خاصا بها من المتوقع أن يتم التصويت عليه خلال الساعات القادمة، إن لم يتم سحبه. ويسمح مشروع القرار الروسي بتقديم المساعدات الإنسانية ولكن عبر معبر واحد، كما يطلب من الأمين العام أن يرصد مدى تأثير العقوبات الغربية على النظام وقدرته على مكافحة كورونا. ومن المرجح أن يفشل المشروع الروسي مجددا، ولكن السؤال هو ما إذا كانت كل من جنوب أفريقيا وفيتنام ستصوت لصالحه، كما حدث الأربعاء، أم سترضخ للضغوطات الغربية وتمتنع عن التصويت.
وفي تصريح مشترك بعد التصويت، قال كل من سفيري بلجيكا وألمانيا، الدولتين اللتين صاغتا مشروع القرار وتحملان قلم الملف الإنساني السوري في مجلس الأمن: "هناك الملايين من الناس في حاجة ماسة للمساعدة عبر الحدود في سورية. مرة أخرى، قدم المساهمون في المسودة اقتراح تسوية، يستند فقط إلى الاحتياجات الإنسانية الموضوعية على أرض الواقع. وقد حظي هذا الاقتراح بتأييد ساحق من أعضاء المجلس. ومع ذلك، اختارت روسيا والصين استخدام حق النقض ضد هذا النهج الإنساني البحت. نأسف بشدة لهذا القرار". ثم أكدا على أنه من الضروري أن يتوصل المجلس إلى حل لضمان استمرار تقديم المساعدات العابرة للحدود.
وعلى الرغم من أن العمل بآلية ادخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود لسورية ينتهي خلال الساعات القادمة، إلا أن هذا لا يعني أن مجلس الأمن لا يمكنه الاتفاق والتصويت الأسبوع القادم على مشروع قرار يجدد للآلية بشكل أو بآخر.
يذكر أن مجلس الأمن وافق على أن تقدم الأمم المتحدة المساعدات العابرة للحدود عام 2014 بموجب القرار 2165 ومن خلال أربعة معابر، وهي الرمثا (الأردن)، واليعربية (العراق)، وباب السلام وباب الهوى (تركيا). وكان ذلك حتى العاشر من يناير الماضي. واستخدمت كل من روسيا والصين في ديسمبر الماضي الفيتو، وأفشلتا تبني مجلس الأمن لمشروع قرار يجدد لآلية تقديم المساعدات العابرة للحدود في سورية عبر ثلاثة معابر، بدلا من الأربعة التي كان معمولا بها، وهي المعبران التركيان والمعبر العراقي. وكان القرار قد حصل على تأييد 13 دولة من أصل 15 دولة. ثم تبنى المجلس الأمن القرار 2504 (2020) في العاشر من يناير الماضي، والذي يسمح بتقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود عبر المعبرين التركيين فقط ولستة أشهر تنتهي مدتها اليوم.