عندما يتمكن الأطفال من التحدث عن مشاكلهم فإنهم سيواجهونها بشكل أفضل، وسيبدؤون بالبحث عن حلول لها بدلاً من الاستسلام والبقاء كضحايا، وكان هذا هو الهدف من الحفل الغنائي المسرحي "فضفضة"، الذي أقيم في مخيم الزعتري للاجئين السوريين بالأردن، لدعم أطفال سوريين عايشوا الحرب في بلادهم وهربوا منها.
أدى الأطفال عروضاً مسرحية ذات مواضيع متنوعة، فيما شارك المنشد اسماعيل البقاعي بأداء مجموعة من الأغنيات، وذلك بحضور أهالي الأطفال. وخلال الورشات التي عقدت للتحضير لهذا العمل "فضفضة" تحدث الأطفال عن مشاكلهم، وطوروا تلك الأفكار معاً لتتحول إلى لوحات مسرحية تمثيلية.
فاطمة دار عواد من منظمة التعاون الدولي لتنمية المجتمعات "نيكود" قالت إن هذا العرض جزء من برنامج الدعم النفسي الاجتماعي الذي تقدمه منظمتهم لمجموعات من الأطفال في مخيم الزعتري تتراوح أعمارهم بين 10 و 14 سنة.
وفي حديثها للعربي الجديد قالت فاطمة إنهم يحاولون تقديم الدعم للأطفال وفق مراحل للوصول بهم إلى مستوى إيجابي، حيث يبدؤون مع الأطفال بالرسم كنوع من تفريغ ما بداخلهم من أفكار ومشاعر ومشاكل، فبعض الأطفال لا يجيدون التحدث عما يدور في خلدهم، فنحاول من خلال تدريبات خاصة أن يتمكنوا من التعبير عبر الرسم، ثم يفعلون ذلك عبر تشكيل المعجون، وفي مرحلة متقدمة يمكنهم التحدث بشكل واضح عن التحديات التي تواجههم، وبالتالي أن يفهموها ويتمكنوا من التكيف مع الوضع الحالي بطريقة إيجابية.
وأردفت فاطمة أن البنات اخترن عنوان "قصص بنات" للوحاتهن المسرحية التي تناولت عدم ثقة الأهالي ببناتهم، والعوائق التي تواجه الفتيات لإكمال تعليمهن، وأيضاً مشكلة الزواج المبكر.
أما الأولاد فيواجهون نوعاً آخر من المشاكل منها حمل السلاح الأبيض وإمكانية استخدامه في الشجارات فيما بينهم، وأيضاً مشاكل التعليم في المدارس داخل المخيم.
أهالي الأطفال الذين أتوا لحضور الحفل وجدوا أن المواضيع المطروحة تمثل واقعهم والمعاناة التي تمسهم أيضاً، وتؤثر بشكل كبير على أطفالهم وسلوكهم ونفسياتهم، ما شجعهم على البدء بتوطيد العلاقة مع الأبناء وفقاً للاستبيان الذي تم توزيعه في ختام الحفل.
من ناحيته قال المنشد اسماعيل البقاعي الذي أدى مجموعة من الأغنيات أمام الأطفال وأهاليهم، بأنهم كانوا متعطشين لهذه الأجواء وخاصة الأطفال الذين أبدوا تفاعلاً كبيراً، وذكر البقاعي أنه تأثر بأحد الأطفال حين جاء إليه وعرف عن نفسه قائلاً "أنا اسمي اسماعيل أيضاً، وأحلم بأن أصبح مثلك عندما أكبر، لكن ظروفنا في المخيم صعبة".
وقال البقاعي إنه لأول مرة تدمع عيناه وهو يؤدي أغنية موطني، التي أثارت فيه الكثير من العواطف المحزنة في المخيم، وأضاف أنه أدى العديد من الأغاني ومنها شيء من الفولكلور الحوراني لأن معظم الحضور هم درعا، مشيراً إلى أنهم اشتعلوا بطريقة لا توصف حين سمعوا تراثهم.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا العرض كان بالتعاون مع منظمة الإغاثة الدولية "ريليف" ومنظمة التنمية والإغاثة، وفريق "همّة" التطوعي.
اقرأ أيضاً: "كاريكاتير من سورية" معرض لحسام سارة في ألمانيا