كشفت مجلة أميركية متخصصة، تفاصيل مثيرة عن عملية لجهاز الاستخبارات والمهمات الخاصة الإسرائيلي "الموساد" في سورية، قالت إنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أطلع الروس على تفاصيلها.
وذكرت مجلة "فانيتي فير" الأميركية، في تقرير نشرته يوم الأربعاء، أنّ وحدات إسرائيلية خاصة من فرقة "ساييرت متكال" التابعة لجيش الاحتلال، وعناصر الوحدة التكنولوجية في "الموساد"، تسللت إلى داخل سورية، وتمكنت من الحصول على معلومات حول مخطط لتنظيم "داعش" الإرهابي، لتحويل أجهزة حواسيب محمولة، إلى قنابل بإمكانها تهديد الطائرات، نظراً لقدرتها على تجاوز الفحص الأمني داخل المطارات.
وبينت المجلة الأميركية، استنادًا إلى مصدرين خبيرين بعمليّات إسرائيل الاستخباراتيّة، أن أجهزة الأمن في إسرائيل شاركت هذه المعلومات مع نظيرتها الأميركية، مؤكدةً أن ترامب سرب هذه المعلومات لروسيا.
وأوردت المجلة الشهرية المتخصصة في التقارير الاستقصائية، أن مروحيتين إسرائيليتين من طراز سيكورسكي تش-53، حلّقتا، في إحدى الليالي، بعلو منخفض عبر الأردن، ثم بقيتا تحت مستوى الرادار، واتجهتا شمالاً نحو سورية.
وأضافت أن عناصر من وحدة نخبة الكوماندوز الإسرائيلية "ساييرت متكال" كانوا على متن المروحيتين، جنباً إلى جنب مع أعضاء الوحدة التكنولوجية في جهاز "الموساد".
وتابعت أن "الهدف كان خلية من تنظيم داعش كانت تتسابق للحصول على سلاح جديد قاتل، يعتقد أنه قد ابتكره إبراهيم العسيري، السعودي الذي كان صانع القنابل الرئيسي لتنظيم القاعدة في اليمن".
واستقت المجلة معلوماتها من خبيريْن في عمليات الاستخبارات الإسرائيلية. وقالت إن العملية أدت إلى "اكتشاف غير مؤكد بأن إرهابيي داعش كانوا يعملون على تحويل الحواسيب المحمولة إلى قنابل يمكن أن تمر من دون كشفها من قبل أمن المطارات".
وأضافت "سارع المسؤولون في الأمن الداخلي في الولايات المتحدة الأميركية، وتلتهم بسرعة السلطات البريطانية، إلى منع المسافرين من قائمة من البلدان ذات الأغلبية المسلمة من حمل أجهزة الكمبيوتر المحمولة وغيرها من الأجهزة الإلكترونية المحمولة الأكبر من الهاتف الخليوي على متن الطائرات".
وكانت وسائل إعلام أميركية قد قالت لاحقاً إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كشف هذه المعلومات في لقاء في البيت الأبيض مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف. وهو ما أكده تحقيق المجلة، مضيفًا أن سفير روسيا في حينها لدى الولايات المتحدة، سيرغي كيسلياك، كان حاضرًا في ذلك اللقاء الذي انعقد خلال شهر مايو/أيار الماضي.
وأشارت إلى عاصفة ردود الفعل التي تلت الكشف عن قيام ترامب بإطلاع الروس على هذه المعلومات السرية. وأضافت: "إسرائيل وكذلك حلفاء آخرون لأميركا كانوا يعيدون التفكير في استعدادهم لتبادل المعلومات الاستخباراتية الخام".
وفي إشارة إلى التعاون الاستخباري الأميركي- الإسرائيلي، قالت "في العلاقة الاستخباراتية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، من المعتاد أن يقوم رئيس محطة الموساد وعملاؤه الذين يعملون تحت غطاء دبلوماسي من السفارة في واشنطن بالذهاب إلى مقر قيادة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) في لانغلي بولاية فرجينيا".
وأضافت: "على مدى عقود اتسع نطاق التعاون ليصبح شراكة عمل حقيقية، وقد ذهب البلدان إلى حد إضفاء الطابع المؤسسي على التجسس المشترك بينهما".
وذكرت أنه على الرغم من نوعية العلاقات بين المستويين السياسي في البلدين، فإن جهازي الاستخبارات الإسرائيلي والأميركي "يعملان معاً ضد الأشرار الشائعين: (جماعات) القاعدة، حماس، حزب الله وداعش".
وقالت: "قدمت إسرائيل، وفقاً لمصادر على معرفة بأنشطة الموساد، معلومات عن تفاعل روسيا مع القوات السورية والإيرانية وحزب الله الموجودة في الميدان في الحرب الأهلية السورية". وهو ما وفّر، بحسب معدّ التحقيق، مصادر معلوماتيّة ثمينة بالنسبة للاستخبارات الأميركية من أجل التعرّف أكثر على التكتيكات الروسية.
وبالعودة إلى عملية "الموساد" في سورية، تشير المجلة الأميركية إلى أن العملية "كانت إسرائيلية بحتة"، في إشارة إلى أنه لم تشارك أي دولة أخرى في العملية.
وقالت: "إدخال عملاء وإخراجهم بسرية من أرض عدو، تحت حماية الظلام، يمكن أن يتحقق فقط إذا كان هناك استطلاع كاف: الوحدات تحتاج إلى معرفة أين تضرب بالضبط؟ ما يمكن توقعه؟ ما قد يكون في انتظارها في الظلال؟".
وأضافت: "وفقاً لما نقلته شبكة (ايه بي سي) الإخبارية عن مسؤولين أميركيين، فإن المهمة الميدانية الخطيرة قام بها جاسوس إسرائيلي مزروع في عمق إقليم داعش، وسواء كان عميلاً مزدوجاً أم أن إسرائيل تسللت إلى داخل خلية داعش، أو إذا كان شخصًا محليًا عثر على بعض المعلومات المهمة التي أدرك أنه يستطيع بيعها، فإن هذه التفاصيل تظل محجوبة في التاريخ السري للمهمة".
وحول مسار العملية، تكشف المجلة، استنادًا إلى مقابلاتها مع المصادر الإسرائيلية والأميركية على حد سواء، أنّه في ليلة التسلل هبطت المروحيّات التي تحمل الوحدات الخاصة الإسرائيلية بعيدًا عن الهدف بعدة أميال فقط، وهناك تمّ إنزال سيارتين تحملان علامات الجيش السوري، وسارت الوحدات الإسرائيلية في الأراضي السورية كما لو أنّها دوريّة عاديّة.
وتابعت: "في تلك الليلة كان الجنود ينتشرون مثل أشباح في الظلام، مسلحين وعلى حالة تأهب وقائية، في الوقت الذي قام فيه عملاء التكنولوجيا في الموساد بعملهم".
واستدركت: "التفاصيل التشغيلية غير واضحة وحتى متناقضة، قال أحد المصادر إنه تم زرع أجهزة تنصت لا يمكن رؤيتها في الغرفة الفعلية التي تجتمع فيها خلية داعش، وذهب آخر إلى القول إنه تم التلاعب بصندوق تقاطع هاتفي، بحيث يمكن الاستماع إلى كل كلمة يتم قولها في المنطقة".
وقالت: "بيد أنّ المصادر تتفق على أن الفرق دخلت وخرجت تلك الليلة، وحتى قبل عودة المروحيات إلى إسرائيل، أكّد النشطاء المبتهجون أنه تم اعتراض الصوت بالفعل"، بمعنى بدء عملية التجسس في الموقع.
ويكشف مصدر إسرائيلي للمجلة، في سياق ذي صلة أيضًا، أن مجموعة صغيرة من ضباط الموساد، وعددًا آخر من مسؤولي الاستخبارات العسكريين الإسرائيليين، اجتمعوا في قاعة "لانغلي" للمؤتمرات في ولاية فيرجينيا، وذلك في يناير/كانون الثاني من العام الجاري، أي قبيل أسابيع من تنصيب ترامب رئيسًا للولايات المتّحدة. الاجتماع الذي تمّ فيه تشارك المعلومات حول مجموعة متنوّعة من العمليّات، شهد في نهايته أمرًا مختلفًا، إذ أعلن مسؤول استخباراتي أميركي، صراحة، أن وكالات الاستخبارات الأميركية باتت تعتقد أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يملك "قدرات الضغط" على ترامب. ومن هنا، كما يضيف مسؤولون أميركيون، كانت خشية إسرائيل من أن تتشارك روسيا تلك المعلومات مع إيران.
(الأناضول، العربي الجديد)