نفذت مجموعات مدنية، اليوم السبت، اعتصاماً أمام المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية، بيروت، للمطالبة بتعديل سنّ الحضانة، ورفع الظلم عن الأمهات اللواتي "يعانين من ظلم القوانين الطائفية" في لبنان.
وجهت الدعوة للتحرك في الأيام القليلة الماضية، عقب انتشار فيديو لأمّ لبنانية تنتحب بالقرب من قبر ابنتها الذي حرمها طليقها زيارته، وحرمها أيضاً حضانة ابنتها (توفيت بعمر 14 عاماً) من قبل، وحق رؤيتها، وذلك في أعقاب طلاقهما.
ورفع المعتصمون شعارات ولافتات كُتِبَ عليها "غضب الأمهات" و"ارفعوا الظلم" و"حضانتي ضد المحكمة الجعفرية" و"دينك رح بيدينك (سيدينك)"، وطالبوا بـ"دولة مدنية" و"إسقاط القوانين المجحفة بحق النساء والأمهات"، و"رفع سنّ الحضانة عند الصبي من سنتين إلى سبع سنوات والفتاة من سبع سنوات إلى تسع سنوات، ثم تكون الحضانة مشتركة للوالدين حتى 18 سنة، لما في ذلك من حياة صحية للطفل. وأكد المعتصمون أنّ قوانين المحكمة أعطت فائض القوة للأب الطليق، وظلمت الأم الطليقة وحرمتها أغلى ما يمكن أن تحصل عليه في حياتها. وسأل المعتصمون: "باسم الإمام الحسين (الإمام الثالث لدى الطائفة الشيعية الاثني عشرية) أين عدالة رجال الدين؟".
ووجه المعتصمون الذين نزلوا إلى الشارع اليوم "من أجل كلّ امرأة عُذّبت وقُتلت وتعيش معاناة يومية أشبه بالموت" رسائل جريئة إلى رجال الدين والدولة الذين "شرّعوا قوانين ظالمة وذكورية بعيدة عن العدل والعدالة والدين".
ورمت الأمهات طلاءً أحمر اللون يدلّ على دماء بناتهنّ، على الدشم الإسمنتية والمعدنية أمام مبنى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، تحميلاً له مسؤولية مقتل الأمهات والزوجات. وقالت ندى جوني، شقيقة الناشطة المدنية نادين جوني التي توفيت من جراء حادث سير، وهي محرومة حضانة ابنها كرم، لـ"العربي الجديد" إنّ وقفتها اليوم هي من أجل كلّ امرأة مظلومة بسبب رجال الدين الذين وصفتهم بالتجار. وكشفت أنّهم كأهل نادين، محرومون حضانة حفيدهم الذي رأوه 6 مرات فقط منذ وفاة ابنتهم في أكتوبر/تشرين الأول 2019 "لأنّ والده وأهله محميون من المحكمة الجعفرية وقوانينها التي حرمت شقيقتي حقها، واليوم تحرم أهلي أيضاً". وأكدت أنّنا مستمرون بصرخة جوني التي كانت تهزّ المحكمة الجعفرية ورجال الدين والمجتمع والسلطة الأبوية.
وشاركت في الاعتصام حقوقيات وناشطات مدنيات، وأمهات فقدن بناتهنّ اللواتي قُتلن على أيدي أزواجهن و"ما زال هؤلاء أحراراً خارج السجون والمحاسبة بسبب القوانين الظالمة والمجحفة". وكانت لافتة مشاركة عدد كبير من الرجال الذين عبّروا عن غضبهم وحزنهم مما تتعرض له الأم اللبنانية بطبيعة الحال باسم القانون والدين. وقال حيدر حيدر الذي شارك في الاعتصام لـ"العربي الجديد" إنّ المطلوب اليوم نظام ديموقراطي علماني وفصل الدين عن الدولة وإقرار قانون أحوال شخصية مدني لعدالة اجتماعية وإنسانية.