"عفو" النظام السوري: "نفاق" إعلامي

19 يوليو 2014
يوجد نحو 200 ألف معتقل بسجون النظام (فرانس برس/getty)
+ الخط -

لم يخرج جراء العفو الذي أصدره رئيس النظام السوري، بشار الأسد، قبل أكثر من شهر، حتى الآن، أكثر من 1500 شخص على أبعد تقدير، بمن في ذلك السجناء الجنائيون، وذلك من أصل 150 إلى 200 ألف معتقل في سجون النظام السوري، فضلاً عن عشرات الآلاف الآخرين في عداد المفقودين.

وأصدرت 12 منظمة حقوقية دولية وسورية غير حكومية بياناً مشتركاً قالت فيه إنّ العشرات من نشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان والإعلام والعاملين في المجال الإنساني في سورية لا يزالون قيد الاعتقال التعسفيّ، بعد أكثر من شهر على إعلان النظام "عفواً عاماً". وطالبت المنظمات النظام السوري بالإفراج فوراً عن جميع النشطاء المعتقلين تعسفياً بداعي نشاطاتهم المشروعة والسماح لمراقبين دوليّين مستقّلين بدخول مرافق الاحتجاز في سورية من أجل رصد عمليات الإفراج وظروف الحجز.

ولفت البيان إلى أن وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، ذكرت في عدة أخبار أرقاماً للأشخاص المفرج عنهم في العفو، وبلغ مجموع تلك الأرقام 2445 معتقلاً، في حين أن أحد المحامين الذين يعملون مع المعتقلين السياسيين في دمشق، ويرصد تنفيذ العفو لتحديد الأشخاص الذين تم الإفراج عنهم، أكّد، بحسب البيان، أنّ عدد الأفراد المفرج عنهم بعد صدور المرسوم لم يتجاوز 1300 معتقل بما في ذلك المعتقلون الجنائيون.

وقدّر المحامي ميشيل شماس، الذي يعمل في قضايا حقوق الإنسان داخل سورية، لـ"العربي الجديد" عدد المفرج عنهم بـ 1500 شخص على أبعد تقدير بمن فيهم المعتقلون الجنائيون، وبمن فيهم من أطلقوا من الفروع الأمنية. وقال إنّ المحاكم انتهت من تطبيق العفو على الملفات التي تنظرها حالياً، فخرج من خرج، ومن لم يُشمل بالعفو عن طريق الخطأ، سينتظر حتى صدور الحكم بحقه.

وعن المعتقلين في الفروع الأمنية، وهم بعشرات الآلاف، ويرزحون تحت ظروف اعتقال قاهرة، قال شماس إنّه لا يعرف كيف طبقت الفروع الأمنية هذا العفو، مشيراً إلى أنّ "من أُفرج عنهم بموجب قانون العفو ممن يحاكمون أمام محكمة الإرهاب لا يتجاوزون الألف، وهناك من شملهم العفو، غير أنّه لم يفرج عنهم كما في حالة الصحفي مازن درويش وحسين غرير وهاني زيتاني وليلى عوض وآخرين. أما من أُفرج عنهم من الفروع الأمنية، فلا معلومات لدي عن الأرقام، ولكنّها بالتأكيد لم تشمل الكثير".

 وأوضح شمّاس أنّ دور المحامي وعمله في سورية ينحصر في إعطاء المشورة لموكله والدفاع عنه أمام المحاكم باستثناء محكمة الميدان وأجهزة الأمن، كون هاتين الجهتين ﻻ تسمحان للمحامي مطلقاً بمراجعتها، كما أن وكالة المحامي ﻻ تخوله أبداً مراجعتهما.

وأضاف أن من لديه معتقلاً، عليه أنّ يقدم طلباً للقضاء العسكري في دمشق لبيان مصير معتقله، وأن يكرر الطلب بين الفترة والأخرى حتى يحصل على نتيجة.

 من جهته، قال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، نديم حوري، إن "عفو الأسد أثار آمال العديد من المعتقلين وأسرهم بالإفراج عنهم، لكن آمالهم خابت مرة أخرى بعد أسابيع مرت دون أي نتيجة". ورأى أنه "لو كان الأسد جاداً بشأن العفو الأخير الذي أصدره، وجب عليه أن يفتح أبواب سجونه لمراقبين مستقلّين للتحقق من هويّات المحتجزين وأسباب احتجازهم". لكن المحامي شماس استبعد أن يوافق النظام بأي شكل من الأشكال على أية رقابة خارجية على سجونه ومعتقلاته.

وتجدر الإشارة إلى أن المنظمات التي أصدرت البيان هي (العفو الدولية، الشبكة الأورو- متوسطية لحقوق الإنسان، الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان في إطار عمل مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، الخط الأمامي، مركز الخليج لحقوق الإنسان، المعهد الإنساني للتعاون مع البلدان النامية، هيومن رايتس ووتش، المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب في إطار عمل مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، مراسلون بلا حدود، المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، الشبكة السورية لحقوق الإنسان، مركز توثيق الانتهاكات).

وكان رئيس النظام السوري قد أصدر في 9 يونيو/حزيران الماضي مرسوماً تشريعياً يقضي بمنح "عفو عام" عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ صدوره، يشمل مواد متعلقة بغير السوريين الذين دخلوا إلى البلاد بقصد الانضمام إلى منظمة "إرهابية"، وكذلك جرائم الخطف والفرار الداخلي والخارجي من الخدمة الالزامية في جيش النظام، وعدد من الجرائم المتهم أصحابها بارتكابها على خلفية أحداث الثورة السورية ضد النظام المندلعة منذ منتصف مارس/آذار 2011. وصدرت عدة مراسيم عفو مشابهة خلال الثورة السورية، لكن أعداد المعتقلين ظلت في ازدياد.