"عروس فلسطين" زيتونة عمرها خمسة آلاف عام

18 مايو 2015
إنها حكاية الشعب الفلسطيني وقضيته(getty)
+ الخط -


يحلو لحارسها، صلاح أبو علي (40 عاماً)، تسميتها "عروس فلسطين"، كونها  تشبه عروساً ترتدي فستاناً كبيراً يمتد على مساحة شاسعة من الأرض، وتنتظر فيه عريساً غيّبه الاحتلال عنها.

تلك الشجرة تملك ما يعيد للفلسطينين في ذاكرتهم حياتهم القديمة، قبل أن تعرف الأرض محتلين سكنوها رغماً عنها. فما زالت زيتونة البدوي شاهدة على الوجود العربي والإسلامي في فلسطين والعالم، وشاهدة أيضاً على الويلات الكثيرة، التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في سنوات الحروب والنكبات الطوال.

وزيتونة البدوي هي الأقدم في العالم، إذ يتراوح عمرها ما بين (4000 ـ 5000) عام، وتقع في قرية الولجة، جنوب غرب مدينة القدس المحتلة، ويعتقد الفلسطينيون أنها تعود لأحد الأولياء الصالحين ويدعى أحمد البدوي، وكانت في زمن ما قبل النكبة مزاراً ومكاناً يتجمع فيه أهالي القرية في مواسمهم ومناسباتهم للتبرك بها.

إقرأ أيضاً: سورية وأسماؤها.. شاعرية الجغرافيا وقسوة التاريخ

ويقول صلاح أبو علي، وهو الحارس الوحيد للشجرة العجوز، لـ"العربي الجديد"،  إنها الرمز الوحيد الذي تبقى للفلسطينيين للدلالة على وجودهم، لا سيما في قرية الولجة، بعد أن مسح الاحتلال كافة معالمها عند احتلالها، ويشير أيضاً إلى أنها حكاية الشعب الفلسطيني وقضيته، إضافة إلى أنها تعبر عن حضارة المسلمين وأقدميتهم وأحقيتهم في هذه الأرض.

ولم يجد أبو علي، الذي يفضل أن يسمي نفسه "خادم الشجرة"، أي وصف أو كلمات تعبر عن التاريخ الكبير وعلاقة الشجرة بالوجود العربي في الولجة، وقال: "لو أنها تتكلم الآن لحدثتنا عن الحنين إلى العرب، وعن الاشتياق لزوارها من فلسطين التاريخية قبل الاحتلال، ولذرفت الدموع من أغراب لا يتحدثون لغة الأرض ولا أهلها".

"أم الزيتون" هو الاسم الآخر لزيتونة البدوي، التي يبلغ قطرها أكثر من 15 متراً مربعاً، بارتفاع يصل إلى 12 متراً، فيما تمتد أغصانها بشكل دائري على مساحة 250 متراً، ويعتقد سكان الولجة حتى اليوم أنها شجرة مباركة، تشفي من الأمراض، لا سيما أوراقها، إضافة إلى التبرك بظلها والجلوس تحتها.

ويروي خادم الشجرة ما يعرفه عنها قبل النكبة قائلاً: "كانت مكاناً لإعداد الولائم في المناسبات وتوزيعها على أهالي القرية، وكذلك المكان المناسب لإحياء بعض المناسبات الاجتماعية، إضافة إلى تشارك كافة الأهالي في قطف ثمارها في موسم الحصاد باعتبارها شجرة لأحد الأولياء الصالحين".

ووصف موسم قطف ثمارها بالمهرجان أو العرس، "الكل يتشارك، الكل يريد التبرك" يقول أبو علي، مضيفاً أنها كانت تملك أغاني شعبية خاصة بها، منها "زيتون الحواري، جداتك جداتك، تصبح ساري"، والزيتونة من النوع الحواري لا يعرف من زرعها، وثمارها من أجود أنواع الزيتون في العالم، وزيتها كذلك بحسب ما يقول. وما زال بعض كبار السن في قرية الولجة، يقطفون سبع ورقات من الشجرة، لاعتقادهم أنها تداويهم من الأمراض، فيما يعتقدون أيضاً أن من يكسر أغصانها سيتعرض للعقاب.

ويرتبط الحارس أبو علي بالشجرة كثيراً٬ ويقول إنه لا يستطيع الاستغناء عنها، أو العيش دونها. يقدم لها الرعاية ويعتني بالأرض التي حولها، فيما يقوم بحراستها طيلة الوقت، واصفاً علاقته فيها كالروح والجسد، في الوقت الذي يصر فيه على الاعتناء بها بأدوات زراعية قديمة لتبقى حاضرة في زمن الأجداد.

إقرأ أيضاً:"دُقّة غزة".. للمحاصرين طعام وللمغتربين زاد
المساهمون