"صباح الخير حبايبي": عشر نساء من برج البراجنة

16 ديسمبر 2019
المسرحية إخراج الدنماركية صوفي راملو باركلي (العربي الجديد)
+ الخط -
تتنوع القصص وتكشف خفايا الحياة في مخيم برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية، في لبنان.

وحاولت الكاتبة فاديا لوباني، والمخرجة الدنماركية صوفي راملو باركلي، اختصارها في مسرحية "صباح الخير حبايبي" التي عُرضت في المخيم، مساء أمس الأحد.

نبعت فكرة المسرحية من غياب مكان تبادل وجهات النظر في المخيم، لا سيما عند النساء، كما تقول المخرجة باركلي لـ"العربي الجديد".

تعبر غالبيتهن عمّا يدور من مشاكل وأحداث في الصباح، عند الالتقاء في فرن المخيم، عبر حوار مشترك أو منفصل بين النسوة.

عشر نساء هنّ بطلات المسرحية، إحداهنّ تفتش عن حب غائب، وظلم العيش الذي يؤخر سن الزواج ويرفع نسبة العنوسة عند الشباب والشابات، ولم يتمكن حبيبها، وهو جارها، من التقدم إليها لأنه لا يستطيع بناء غرفة فوق بيت أهله، لأن السلطات اللبنانية تمنع إدخال مواد البناء إلى المخيم.

تشرح شخصية أخرى معاناتها بعد وفاة زوجها المريض الذي لم يجد من يساعده في تكاليف العلاج ليموت ولا يستطيع ذووه دفنه لارتفاع تكلفة شراء وتجهيز القبر، لتصرخ على خشبة المسرح البسيط "كنا ندق على أبواب المستشفيات وصرنا ندق على أبواب القبور".

تبحث فصول المسرحية وبطلاتها النسوة، قضايا متعدّدة في المخيم بالإشارة إليها بشكل مباشر أو غير مباشر، منها دور الفصائل الفلسطينية ووكالة "الأونروا".

وتذهب بعيداً في العمق النفسي لمجتمع اللاجئين، فإحدى الشخصيات تعاني من مشاكل مع زوجها الذي يعيش في الماضي، حيث كانت قوات الثورة الفلسطينية في بيروت عام 1982، وكان مسؤولاً في فصيل فلسطيني وله شأن كبير، لكنه اليوم يقضي يومه بالتحدث عن ذكرياته وبطولاته مع ركوة القهوة من دون أي عمل أو فائدة.



وتسلط المسرحية الضوء على أزمة نزوح اللاجئين الفلسطينيين من مخيم اليرموك في سورية، واللجوء إلى مخيم برج البراجنة بعد عام 2011، وكذلك عن أزمة مخيم نهر البارد شمالي لبنان عام 2007، الذي لم يعاد بناؤه كاملاً، وما زالت بعض العائلات تعيش في بيروت.

وتعرج المسرحية على مشاكل لا يدركها سوى أهل المخيم، مثل ترابط أسلاك الكهرباء والمياه كغيمة فوق أحياء المخيم، والانقسام الطبقي المجتمعي، وبحث شخصية في المسرحية عن أوراقها الثبوتية لتثبت هويتها الفلسطينية، فهي من اللاجئين عام 1967 ولم تسجلها "الأونروا" ولا تعترف بها الدولة اللبنانية.

تفاعل جمهور المخيم كثيراً مع أداء الممثلات المتطوعات، اللواتي تدربن لشهرين على أدوارهن مع المخرجة.

وتشير المخرجة البريطانية إلى أن "المخيم يمتلك مبدعين ومبدعات ولكن لا يملكون أدوات التعبير وإمكانية إبداء رأيهم بحرية وصراحة وأريحية".

وعلى الرغم من أن الامكانيات المادية ضئيلة إلا أن الديكور البسيط حمل رسائل موجهة، مثل حضور "الأرجوحة" كمسرح كامل تدور عليه الأحداث، في إشارة إلى أن وضع اللاجئين دائماً متأرجح ولا يعرف الاستقرار.

وهذا ما عبر عنه جزء من الحوار، عند الإشارة إلى مفاصل تاريخية في القضية الفلسطينية منذ النكبة إلى صفقة القرن، فتختتم المسرحية بتجمع النساء وأهالي المخيم جميعاً رفضاً للصفقة ولاعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتتقدم نسوة الفرن التظاهرة المنددة بقرارات ترامب.

تؤكد الكاتبة، وهي مديرة روضة الأطفال حيث عُرضت المسرحية، أن النساء بإمكانهن قيادة المجتمع والثورة وجيل العودة، وهذا دورهن منذ ما قبل النكبة عام 1948.

وتقول إن المشاركات في المسرحية هنّ معلمات في الروضة نفسها، وكان لديهن شغف كبير خلال البروفات والعرض.

وتتفق لوباني، مع باركلي، على أن "وضع اللاجئين سيكون غامضاً مع صفقة القرن، وأن المسرح السياسي لن يستمر هكذا، لأن الشعب الفلسطيني يرفض صفقة ترامب، والمسرحية جزء من مقاومة الصفقة".

المساهمون