"سيلفي" الحريري

02 مايو 2018
سيلفي مع سعد الحريري (حسام شبارو/ الأناضول)
+ الخط -
يُقابل المرشحون إلى الانتخابات النيابية في لبنان الشباب بمجاراتهم التكنولوجيا. رئيس الوزراء سعد الحريري يجلس على سقف سيارة، يجلس مثلهم، ولا ينسى "السيلفي". حتّى أنّه أطلق تطبيقاً خاصاً بأنصاره ليوثقوا الصور التي يلتقطونها معه، أثناء جولته في مناطق لبنانية عدة قبيل موعد الانتخابات الأحد المقبل.

وهذه الصور تخلق رابطاً عاطفياً بينه وبين جمهوره أو الناس. وهو ليس وحيداً في هذا. إذا كان الحريري قد اختار "السيلفي"، فإن مرشحين آخرين يطلّون مباشرة على الناس عبر "فيسبوك". وقد يكون هذا المباشر من المطبخ أو غرفة الجلوس أو أي مكان آخر. وفي هذا تقريب للمسافات على المستوى الشخصي، من دون أي داعٍ إلى معرفة أو علاقة شخصية.
يشعر المواطنون والناخبون منهم بأنهم يعرفون جزءاً من حياة المرشحين الشخصية. وهم بدورهم، يغذّون هذا الفضول لديهم، ليقتربوا منهم أكثر فأكثر في لا وعيهم.

والإعلاميون حين يسألون مواطنين مؤيدين فريقاً سياسياً من دون آخر أو شخصيةً سياسية، فإنهم يستعرضون مشاعر أكثر من تاريخ، ومشاعر بعيداً من برامج مفصلة قد تساهم في حلحلة المشاكل المتراكمة في البلاد. ولا يتعلّق الأمر بـ "ملل" يشعر به اللبنانيون فقط. فالانتخابات تُعيد رسم الخريطة السياسية في لبنان، وبالتالي الثقل الطائفي، الذي ينعكس شعوراً بالأمان.

الخدمات وحدها لا تمنح المواطنين شعوراً بالأمان. هناك ما هو أكبر من ذلك، وما أفرزه التاريخ على مر السنوات. وهذا بعد عاطفي أيضاً.

والحماية التي يحتاجها المواطنون باتت تترجم تكنولوجياً أيضاً. "سيلفي" للذكرى والثقة في النفس والأمان. "سيلفي" تقول إن السياسي قريب من المواطن، بل مثله، على الرغم من كل الفوارق، وكل التقصير. وهذا ما يقول عنه باللغة العامية أنه "يُأخذ بالعاطفة". وفي ترجمةٍ على أرض الواقع، يأخذ السياسيون المواطنين بالعاطفة. و"السيلفي" أو "اللايف" وغيرها من الفيديوهات تُنسي الناس أسئلتهم. هل كانوا ينوون المحاسبة؟




كم هو متواضع سعد الحريري! هو نفسه الذي لا يعرف سعر ربطة الخيز. هو نفسه الذي يأخذ صور السيلفي مع الجميع، معلناً عن نفسه رجلاً شعبوياً. والحريري في هذا النص ليس إلّا مثالاً على "الصور" العاطفية التي باتت تؤثّر في آراء الناس وأمزجتهم. حتّى أولئك الذين لم يحصلوا على حقوقهم المادية منه، قد يفرحون بالتقاط "سيلفي" معه. وبعد الصورة، قد يؤمنون بأن حقوقهم ستعود إليهم لا محالة.

بعد الانتخابات، لن يجلس الحريري على سقف السيارة متربعاً، سواء كان رابحاً أم خاسراً. هذا فقط لزوم الصورة وإثارة عواطف الناس، الذين ستبقى لهم ذكرى "السيلفي" مع رئيس الوزراء الوسيم.
المساهمون