بعد الحصول على الشهادة الثانويّة، يحتار كثيرون في اختيار التخصّص الذي يرغبون في دراسته والعمل فيه. وفي بعض الأحيان، يكون المال عائقاً. ويعد الأمر أكثر صعوبة لدى الشباب الفلسطينيين في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة وقلة فرص العمل. إلّا أنّ بعض الشباب الفلسطينيين واللبنانيين رفضوا الاستسلام، وبحثوا عن أي عمل لمساعدة أهلهم في تأمين مصاريفهم الجامعية، وكانت "سوا" فريقاً يضم شباباً قرروا تحدي ظروف العمل الصعبة.
بهاء الخطيب (21 عاماً)، أحد الشبان الذين عملوا على تأسيس "سوا"، يعيش في مخيّم عين الحلوة في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، ويدرس في الجامعة اللبنانية الدولية. يقول: "سوا مجموعة تضم عدداً من الشباب الفلسطينيين واللبنانيين، وتهدف إلى مساعدة الفلسطينيين في مختلف المخيمات اللبنانية. في 27 مارس/ آذار 2018، انطلقت في مخيم عين الحلوة. في بداية عملنا، نظّمنا معرضاً للقرطاسية إبان افتتاح المدارس في مقابل مسجد النور. كنا حينها ثلاثة شباب. وبعد وقت قصير، صرنا 12 شخصاً. ثم قررنا الاجتماع ووضع برنامج عمل وأفكار جديدة ومبتكرة".
بداية، فكّر الأعضاء في ضرورة استئجار مركز للعمل وتنظيم النشاطات. لكن المشكلة كانت في عدم توفّر المال لدفع بدل الإيجار. على الرغم من ذلك، لم يتوقفوا عن العمل. يشرح الخطيب: "خلال شهر رمضان الماضي، أطلق فريق سوا حملة لنكن رحماء، التي كانت "خطوة أولى في مشوارنا الذي نكمله اليوم. خلالها، جمعنا بعض السلع من عائلات ميسورة ووزعناها على الفقراء". يضيف: "أعددنا لائحة بأسماء العائلات المحتاجة. وكان هذا أساسياً في عملنا. واجهنا بعض الصعوبات، خصوصاً أن أهالي المخيّم لم يعرفوا جميع أعضاء سوا، إذ إن البعض لبنانيين يعيشون خارج المخيم".
يقول الخطيب إنّه "بعد نجاح مشروعنا، ومع بداية العام الدراسي، قرر فريق سوا الإعداد لمشروع جديد في إطار التدعيم الدراسي، أي إعطاء التلاميذ دروساً خصوصية ودعمهم بدءاً من الصفوف الأساسية الأولى وحتى صف البكالوريا – القسم الثاني. جميع أعضاء سوا جامعيون، ويستطيعون تقديم الدعم الدراسي للتلاميذ. ومن أجل إنجاح هذا المشروع، كان لا بد لنا من استئجار مركز خاص لاستقبال التلاميذ. وبالفعل استأجرنا مركزاً في مخيم عين الحلوة لا تتجاوز كلفته 350 دولاراً تقريباً، وذلك بمجهود شخصي".
ويتابع الخطيب أنّ "أهالي المخيم تعرّفوا على المركز، وصاروا يرسلون أولادهم إليه للدراسة". ويوضح: "ما من أحد يساعدنا. الحمد لله، أطلقنا مشروعنا الذي كنا نحلم به دائماً. إضافة إلى ما سبق، ننظّم ورشاً تدريبية للأمهات ورحلات ونشاطات". ويتابع: "خلال عملنا، التقينا محمود عطايا، الذي اقترح أن نفتتح ملتقى للشطرنج، بدعم من ثائر الغضبان. بالفعل، أطلقنا الملتقى، وتولى محمد الصباغ، أحد أعضاء سوا، تعليم الأطفال اللعبة".
والصباغ شاب لبناني يعلّم لعبة الشطرنج في جمعية باليستا، ويدرس في الجامعة اللبنانية الدولية. يقول إن "الهدف من الملتقى الفلسطيني للشطرنج حماية الأطفال، وإبعادهم عن مخاطر اللعب في الأحياء، في ظل الرصاص العشوائي والوضع الأمني المتردي في المخيم وكثرة الدراجات النارية. وفي بعض الأحيان، يلجأ الأطفال إلى المقاهي، وقد يدمنون النرجيلة أو المخدرات، ويكتسبون عادات سيئة. وسعياً إلى الحدّ من هذه الاحتمالات، وتشجيع الأطفال على تعلّم ألعاب هادفة وإيجابية، كان الملتقى الذي يساهم في إبعاد الأطفال عن مخاطر محتملة، ويفتح لهم مجالات للعب والتسلية من جهة وتطوير بعض المهارات من جهة أخرى، كالتركيز ووضع استراتيجيات وغيرها".
في ما يتعلق بالتدريب، يقول الصباغ: "نعمل على تعليم الطفل قواعد الشطرنج، وبعض الأساليب والاستراتيجيات. ونستقبل الأطفال من عمر الخمس سنوات وحتى 17 عاماً، ذكوراً وإناثاً. حتى اليوم، نظمنا 12 جلسة تدريب، وشرحنا تفاصيل اللعبة ودور كل حجر". يضيف: "افتتح الملتقى في الأول من سبتمبر/ أيلول عام 2018. ومراعاة لعادات المخيم، ما من دمج للذكور والإناث". رغم كل شيء، أحلام فريق سوا ما زالت كثيرة، وأعضاؤه يدركون أن الطريق ما زال طويلاً أمامهم.